السينما السودانية تحاول الإفاقة بعد الاحتضار


undefined

شهدت السبعينيات تجارب سينمائية سودانية ناجحة لخريجي كليات ومعاهد سينمائية معروفة في العالم شكلت نقلة عن النمط الوثائقي الذي لازم الإنتاج السينمائي منذ بدايته في أواخر الأربعينيات حظيت فيه أفلامهم بتقدير العديد من المهرجانات الدولية والإقليمية في السنوات اللاحقة.

ومن هذه الأفلام "الجمل" للمخرج إبراهيم شداد الفائز بجائزة النقاد في مهرجان كان عام 1986، وفيلم "ولكن الأرض تدور" لسليمان محمد إبراهيم الحائز على ذهبية مهرجان موسكو عام 1979 إضافة إلى فيلم "الضريح" للطيب مهدي الذي نال ذهبية مهرجان القاهرة للأفلام القصيرة عام 1972.

كما شهدت الفترة ذاتها بدء إنتاج الأفلام الروائية السودانية بداية من أول فيلم سوداني هو "آمال وأحلام " للمخرج الرشيد مهدي وما تلاه من أفلام كـ"عرس الزين" الذي كان الإنتاج والإخراج فيه كويتيا انتهاء بفيلم "تاجوج" الحائز على جوائز في تسعة مهرجانات دولية وإقليمية.

ويرجع كثير من المهتمين بالسينما الأزمة إلى حل مؤسسة السينما في أوائل التسعينيات ودوره في احتضار السينما السودانية.

ويرى هؤلاء أن تعثر النهضة السينمائية السودانية يعود إلى عدم اهتمام الدولة بالإنتاج السينمائي الذي ظل وثيق الصلة بالسياسة الثقافية للدولة حيث كانت الأفلام الوثائقية وأفلام الخريجين وليدة الدعم الحكومي عبر الأقسام الإدارية المخصصة للسينما في الوزارات الحكومية.

ويقول المخرج التلفزيوني والمسرحي الشفيع إبراهيم الضو إن دعم الثقافة ليس من اهتمامات الحكومة الحالية التي رفعت يدها عن كل المؤسسات الحكومية وأهملت إدارة الإنتاج السينمائي عن قصد، مضيفا أن معدات الإنتاج السينمائي من كاميرات وأجهزة مونتاج موجودة وتحتاج فقط إلى القرار الرسمي بإعادة تأهيلها وإلى سياسة جديدة تراعي التخطيط السليم وتدريب الكوادر الجديدة.

ورغم ترديد المخرج السوداني وجدي كامل لمقولة عثمان سامبين المخرج السنغالي والروائي العالمي أن "السينمائيين الأفارقة بمقدورهم أن يصنعوا سينما عظيمة عندما يكف السياسيون الأفارقة عن صناعة الأفلام الرديئة"، فإن المسؤولين ينفون ما يوجه لهم من اتهام بعدم الاهتمام بتطوير صناعة السينما, إذ يقول وزير الدولة للثقافة صديق المجتبي في لقاء إذاعي مؤخرا إن وزارته اتفقت مع الهند على إيفاد كوادر سينمائية هندية للسودان للمساهمة في إنتاج أفلام سودانية في غضون السنوات القليلة القادمة.

لكن رواد السينما يرفضون هذا الاتفاق لأنه لم يستشر أصحاب الخبرة السودانيين في مجال السينما, داعين -بدلا من ذلك- إلى أن تقوم الدولة بدعم وتحفيز المنتجين والمخرجين وإنشاء مدينة للإنتاج الفني كما فعلت مصر, واعتبروا أن إنتاج فيلم "تور الجر في العيادة" في الخمسينيات وفيلم "آمال وأحلام" في مدينة عطبرة بشمال السودان دليل واضح على إمكانية ازدهار السينما محليا.

ويطالب آخرون بضرورة الدعم وحتمية وجود مجلس للسينما مؤكدين أن المشكلة تكمن في أن استيراد الأفلام ترك للقطاع الخاص الذي يبحث عن الربح المادي فقط.

وفي ظل ما تشهده السينما السودانية لا يزال بعض المخرجين السودانيين يعملون في إنتاج الأفلام الوثائقية في محاولة لتسجيل الثقافة السودانية وسيرة أبرز الشخصيات والأحداث, يراودهم في ذلك أمل مشوب بالحيرة بشأن نهوض صناعة السينما في بلادهم مرة أخرى إما مع عودة السينمائيين المهاجرين أو مجيء جيل جديد له رؤى مغايرة لعلاقة السينما بالواقع الاقتصادي أو السياسي.

المصدر : رويترز