"1948" فيلم يسخر من النكبة


undefinedناصر شديدالدوحة
يطل علينا المخرج والممثل السينمائي محمد البكري في فيلمه التسجيلي الذي حمل العنوان "1948" بعد أن تعامل مرغما في السابق مع السينما الإسرائيلية لكونه من فلسطينيي الـ 48، ولكنه وكما يقول عن نفسه تمرد وأعلن توبته بلا رجعة من الواقع البائس الذي كان يعيشه في مهنته بعد فيلم "آستر".

يبحث المخرج في فيلمه الذي عرض مساء الأحد في مهرجان الشاشة العربية المستقلة بالدوحة عن ذاكرة فلسطين، وذلك بالعمل على دحض المزاعم الصهيونية بعدم وجود ثقافة أو شعب فلسطيني.

undefinedوينتقل البكري بفيلمه من المسرح الهزلي إلى شوارع فلسطين يشرح تاريخ الصراع على الهوية، والحالة المأساوية التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى لاجئي مخيمات في منافي الأرض، موزعين على خرائط أوطان ليست أوطانهم.

فمنذ بداية المأساة ومذابح دير ياسين ينطلق شريط الذكريات المحزن المبكي، ومن على خشبة المسرح الذي يقوم البكري نفسه بالتمثيل فيه، يسخر من موقف العرب تجاه فلسطين، وينجح في السخرية من خمسين عاما مضت، جعلت من الصعوبة على الفلسطيني أن يتنفس ليصرخ "يا ناس أنا زيي زيكم.. بس أنا فلسطيني".

يسرد البكري من على "الخشبة" التي كانت إحدى حلقات المزج في فيلمه الذي استغرق 55 دقيقة، كيف تعامل العرب مع أهل فلسطين في صراعهم مع المحتل، ووضعهم في خندق الخيانة من حيث علموا أو لم يعلموا بسبب جرهم الشعب الفلسطيني إلى الرحيل عن الذاكرة للضفة الأخرى -الأردن- تحت مسمى لاجئين.

فانتماء الإنسان الفلسطيني عند البكري للحاكورة والبيارة وقبلهما الهوية في تناقضها المخيف الذي لا يبرر الرحيل، فالموت أشرف عنده من هزيمة الرحيل، وترك الناس "حلالهم" وأبناءهم أحيانا.

ركز المخرج على الدعاية القاتلة التي اجتاحت فلسطين بعد مذبحة دير ياسين من أن المجازر ستجتاح كل الوطن، وسخر من تلك الدعاية عبر تصريحات قادة يهود شاركوا فى المذبحة بأن القتل كان قصده إعطاء المبرر للرحيل.. في حين تعطي إسرائيل الفرصة بذلك لمن لم يهرب ليهرب.

يناقش المخرج بقوة عقلية اليهودي الهشة الخائفة من المستقبل والباحثة عن الأمن والأمان ولا تجده، وذلك عبر ما صرح به أحد المستوطنين لبكري بالقول "أحمل سلاحا منذ 15 سنة لعدم شعوري بالأمن".

ويعكس الفيلم التسجيلي حنين المخرج للعودة إلى هويته التي شوهها الاحتلال بنصف انتماء اضطراري لم يكن بيديه، فقد ولد بعد خمس سنوات من النكبة وأنشد نشيدها الحزين الكاذب عن تاريخ مزور -كما يقول- دون أن يفهم المعادلة التي تجتاحه من أنه ينشد لدولة يهود رغم أن اسمه محمد.

استعان البكري منذ بداية فيلمه وحتى نهايته بالهزل المضحك المبكي من دخول العرب في معارك وهمية اختفت في عين الحلوة وانتهت بتسويق أوسلو، لتطبع على محياه نكهة حزن في دور قام به على خشبة المسرح لما أصاب الوطن من تقلبات الماضي والحاضر، ويجيب بسخرية "حتى لو حقد الفلسطيني فحقده مبرر لعدم وجود شرعية في عصر احترام الشرعية العربية والدولية".

المصدر : الجزيرة