مسلسل "تحت راية السماء".. جريمة تثير غضب طائفة المورمون

under the banner of heaven true story cast
ملصق مسلسل "تحت راية السماء" (الجزيرة)

أصبحت الأعمال الفنية السينمائية والتلفزيونية أشد حساسية وتحفّزا في خطابها خلال الفترة الأخيرة بسبب الخوف من ردود الأفعال الغاضبة ممن يمسهم هذا الخطاب، ذلك ما حدث في مسلسل "تحت راية السماء" (Under The Banner of Heaven).

يعرض المسلسل المقتبس من أحداث حقيقية قصة جريمة مروعة هزت طائفة المورمون وراحت ضحيتها بريندا لافيرتي (تلعب دورها ديزي إدغار جونز) وابنتها البالغة 15 شهرا.

والحديث عن عنف المورمون يبدو أن جذوره تمتد لسنوات بعيدة، ويبحث المسلسل عن أسباب ذلك العنف متجاوزا التساؤل القديم؛ هل كانت تلك الطائفة عنيفة؟ ويقر صناع العمل بوجود هذه الظاهرة بالفعل من البداية.

اقتباس أدبي

يقود جهود البحث عن الجاني المحقق غيب بير الذي يلعب دوره الممثل أندرو غارفيلد المرشح لجائزة "إيمي"، ويبدو غارفيلد في الفترة الأخيرة منجذبا إلى الأدوار التي تستكشف طوائف المسيحية؛ ففي 2016 قدم شخصية كاهن يسوعي من القرن الـ17 في فيلم "الصمت" (Silence) للمخرج مارتن سكورسيزي، وظهر في دور معترض ضميري على السبتيين في فيلم "هاكسو ريدج" (Hacksaw Ridge) لميل غيبسون، كما قدم في عام 2021 دور الإنجيلي سيئ السمعة جيم باكر في السيرة الذاتية "عيون تامي فاي".

ويقدم غارفيلد في مسلسل "تحت راية السماء" دور المحقق المورموني المتدين الذي يلتزم بحزم بممارسات دينية بما في ذلك عدم تناول الكافيين، إلى جانب إيمان أعمى يدعوه لعدم التساؤل عما تعلمه.

ويتحول المحقق مع الجريمة التي يقابلها إلى التشكك في معتقداته على المستوى الشخصي، وخلال تحقيقه مع عائلة لافيرتي يصل إلى جماعة مؤثرة في كنيسة "يسوع المسيح القديسي- الأيام الأخيرة" التي تعرف أيضا بالكنيسة المورمونية، ويكتشف حقائق مثيرة للقلق عن تلك الكنيسة ومعتقداتها.

وأثار المسلسل انتقادات في أوساط المنتمين إلى المورمونية الذين قالوا إنهم يتعرضون للتشهير ومحاولات لتشويه صورتهم من خلال العمل، وكرروا اتهامات لصنّاع العمل بأنهم يسعون لاتهام كل دين عموما بأنه عنيف في جوهره.

تصعيد مفاجئ

يبدأ العمل من خلال التعرف على أسرة المحقق غيب بير الذي يرضخ للعب مع طفلته ثم يدخل إلى المنزل لتناول الطعام في جو أسري هادئ سعيد مليء بالإيمان والحب، وسرعان ما تتحول الأحداث فجأة بسبب جريمة القتل. ويتفرغ بير للبحث عن الجاني الحقيقي ويستمع لزوج الضحية الذي يدعي أن الكنيسة تقف وراء الجريمة.

وما يجعل العمل متماسكا في جانبه الفني هو سير الخط السردي بنفس القوة في المستوى العام والشخصي، وتحرك الأحداث العام الذي يخلق تتابعا دراميا مشوقا.

المحرك

يفهم المشاهد أن كل شيء في الداخل يتحرك من خلال الضحية التي يحبها أحد أبناء لافيرتي، وهي تمثل كل شيء ترفضه الطائفة المنشقة عن "المورمون" الأصليين، فقد كانت تمارس أحيانا أعمال الرجال، وتتساءل عن جدوى كل شيء، وتوافق على تناول الشوكولاتة والمشروبات الغازية والطعام الجاهز الذي تجرّمه الطائفة لأنه "يثير المشاعر الإنسانية" ويؤدي إلى ارتكاب الأخطاء.

وقد تبدو تفصيلة الطعام بسيطة، لكنها على المستوى الشعوري محركة لطائفة تتشكك في كل شيء خارجها. ومن تلك التفاصيل الصغيرة يأخذ صنّاع المسلسل بيد المشاهد للتساؤل والتفكير مع بطل العمل في رحلته للتأكد من ذاته وإيمانه.

يبدأ المسلسل من أسرة هادئة مؤمنة سعيدة، ويؤكد بعد ذلك أن الإيمان يجب أن يمر باختبار "حقيقي" مثلما حدث للمحقق غيب بير.

و"تحت راية السماء" نركز على رحلتنا الشخصية، ونتجاهل كل إلهاء أو محاولة للإيمان الأعمى لأن الإيمان الحقيقي يستحق المحاولة بدون عنف يجبر النفس والآخرين على تصديق أشياء يمكن التشكك فيها.

المصدر : الجزيرة