"بيت سلمى".. أول فيلم أردني يعرض في دور السينما الأميركية

جوهر الفيلم يدور حول كيفية سيطرة السيدات على حياتهن، وتحديد مصيرهن بأنفسهن بعيدا عن تقمص دور الضحية.

بطلات الفيلم الأردني بيت سلمى (الجزيرة)

عمان- في وسط منطقة الجوفة بالعاصمة عمّان نسجت الكاتبة والمخرجة الأردنية هنادي عليان قصة فيلم "بيت سلمى" الذي تحكي أحداثه قصة 3 نساء بشخصيات مختلفة، ولسن فتيات صغيرات.

جوهر الفيلم يدور حول كيفية سيطرة السيدات على حياتهن، وتحديد مصيرهن بأنفسهن بعيدا عن تقمص دور الضحية.

"بيت سلمى" هو أول فيلم أردني يعرض في دور السينما الأميركية، فقد اختير بالمنافسة الرسمية بمهرجان "سينيكوست"، ومهرجان "أتلانتا" السينمائي، وكذلك في مهرجان أميركي آخر لم يُعلن عنه بعد، حسب مخرجة الفيلم.

"الجزيرة نت" حاورت الكاتبة والمخرجة عليان وبطلات الفيلم، للحديث عن هذا الإنجاز الأردني والعربي الفريد.

الأردنية هنادي عليان مخرحة فيلم "بيت سلمى" (الجزيرة)

الحكاية

حكاية الفيلم تدور حول 3 سيدات، هنّ: الخبازة الموهوبة سلمى (تؤدي الدور الفنانة القديرة جولييت عواد)، وابنتها فرح (سميرة الأسير) التي تمر بمشاكل زوجية، وزوجة أبو فرح لمياء (رانيا الكردي) التي تطمح أن تكون شهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن من دون جدوى.

مصير كل واحدة منهن مرتبط بمصير الأخرى، لأنهن مضطرات إلى التعامل مع بعضهن بعد وفاة رجل اسمه بكري، هو طليق سلمى، وزوج لمياء وأبو فرح.

الوضع المالي للعائلة ضعيف، لذا تحاول السيدات حل مشكلة الورثة المعقدة بأسرع وقت، لكن جميعهن عنيدات، والنتيجة كانت اضطرارهن إلى العيش معا في البيت الذي ورثنه بمنطقة جبل الجوفة في عمان.

بطلات الفيلم

بطلات الفيلم 3 نساء: سلمى (جوليت عواد) خبازة موهوبة تعيش وحدها في منزل قديم وضخم يطلّ على وسط المدينة في عمان، وتدير مخبزا لا يحقق أرباحا، وابنتها فرح (سميرة الأسير).

تقول الفنانة الأسير "سعيدة جدا بمشاركتي بالفيلم، وهو فيلم عائلي بقالب كوميدي، وللأسف هناك قلة لمثل هذه الأفلام، بيت سلمى قريب من الجمهور، يعرض واقعا اجتماعيا".

وعن شخصيتها في الفيلم توضح "دوري في هذا الفيلم يختلف عن جميع الأدوار السابقة التي أديتها، فأنا أجسد شخصية امرأة قوية عاملة تعاني من مشكلات زوجية"، مبينة أنها توافقت واستمتعت جدا بالعمل مع المخرجة والفنانات عواد والكردي، خصوصا أن المخرجة أتاحت لهن مساحة للارتجال فخرج العمل "كوميديا حقيقيا".

أما الشخصية الثالثة فهي "لمياء الشامي" زوجة أبو فرح (رانيا الكردي)، التي تلعب دور شخصية اجتماعية مهووسة بمواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت الكردي "أفتخر بمشاركتي بهذا الفيلم الأردني الجديد، فهو يتناول قصة اجتماعية تجمع بين الدراما والكوميديا بطريقة ذكية فيها تطوير لكل من الشخصيات والقصة".

وأضافت "ألعب دور ضرّة سلمى بالفيلم، وتختلف الشخصيتان تماما، فسلمى من جيل أكبر، وأنا أجسد شخصية زوجة تهتم فقط بمواقع التواصل الاجتماعي والمظاهر، حتى يجمعنا القدر ونضطر إلى التعايش مع بعضنا".

وأردفت الكردي "لمياء شخصية أنانية ونرجسية في البداية، لكن التجربة التي مرت بها تغيّرها، فتلتفت إلى ما هو أهم في هذه الحياة"، مبينة أنها استمتعت بأدق تفاصيل تجسيد الشخصية، "من طريقة حكيها ولبسها ومشيتها حتى نكاتها".

شخصيات غير نمطية

وعن شخصيات الفيلم تقول عليان "الحقيقة كان لي الشرف بالعمل مع جميع الممثلين بالفيلم، لكن بالأخص الأدوار الرئيسة الثلاثة"، ويمكن القول إن الشخصيات الثلاث تركن أثرا كبيرا لدى المشاهدين، لأنهن "حقيقيات".

وتتابع "لحسن حظي أن جولييت ورانيا وسميرة أبدين إعجابهن بالنص كثيرا، وذلك مهد الطريق لتعاون مميز بيننا".

وتخمّن أن النص حفز كل واحدة منهن بطريقة مختلفة، لكن السبب المشترك في رأيها أن كل الأدوار غير نمطية، و"هذا شكّل تحديًا أو مساحة للعب ومجالا لممارسة الفن".

وتكشف عليان أن "الشيء المشترك بيننا نحن الأربعة هو الحب الكبير للمهنة وللتمثيل، ومن ثم كانت مهمتي أيام البروفات والتصوير أن أحافظ على مساحة تضمن أن يظل الجميع داخل جو إبداعي مبني على التفاهم والاحترام المتبادل، والحقيقة هذا خلق بيئة مشجعة على الإبداع ومكانا ممتعا للعمل".

وتشرح فتقول "جميعنا نتعلم من بعضنا خلال التجربة، وكان تواصلنا هو السبب في أن العلاقات على الشاشة ظهرت بها مشاعر حقيقية ومؤثرة".

مخرجة فيلم بيت سلمى: عندي أمل ألا يستخف الناس بالمرأة العربية (الجزيرة)

رسالة الفيلم

وعن رسالة الفيلم تقول عليان "بوصفي كاتبة ومخرجة همّي أن أخلق حالة وجوا يحرك المشاعر، وأن أحاول بقدر ما أستطيع البعد عن التلقين، لأن إيماني أن فن صناعة الأفلام هو لغة تواصل بين الفيلم والجمهور، لذا يجب أن أترك مساحة ولو قليلة للجمهور ليستكشف رسالة بنفسه".

وتضيف "لكن إن كان عندي أمل فهو ألا يستخف الناس بالمرأة العربية وما تستحقه من الاحترام".

صناعة الفيلم والمحددات

تقول المخرجة عليان "تم تصوير الفيلم في الأردن، بمنطقة جبل الجوفة في عمان، واستغرق شهرا ونصف الشهر"، ومدة عرضه 95 دقيقة، مبيّنة أن الصعوبات كثيرة، "فصناعة فيلم من هذا النمط أشبه بالمعجزة".

وتعلل "لأن صناعة الفيلم صعبة، فكان لدي محددات كبيرة يجب أخدها بالاعتبار من أول مرحلة والنص ما زال على الورق، أهمها كيف يمكن أتناول قصة محبوكة ومتماسكة بالموارد والأدوات الموجودة".

وتبين أن إنتاج الفيلم في الحقيقة ما كان يمكن أن يكون من دون الدعم المحلي بعمان، "ابتداء من الهيئة الملكية للأفلام، ومرورا بشركات خاصة حتى على مستوى أشخاص كان لهم دورهم".

منافسة بالمهرجانات العالمية

تقول عليان "الحمد لله، حظي الفيلم بالاختيار للمنافسة الرسمية بمهرجان سينيكوست ومهرجان أتلانتا السينمائي، وكذلك في مهرجان أميركي آخر لم يُعلن عنه بعد".

وتضيف أن الجزء الأول من مهرجان "سينيكوست" كان في أول شهر أبريل/نيسان، "والحمد لله ردود الفعل من النقاد والجمهور كانت جميلة ومبشرة"، أما العرض القادم فسيكون في الأول من مايو/أيار في مدينة أتلانتا بسينما بلازا، الصالة التاريخية والأقدم بولاية جورجيا، والجزء الثاني من مهرجان سينيكوست سيكون في شهر أغسطس/آب بولاية كاليفورنيا.

وتقول عليان "أنا بقمة السعادة أن الفيلم يترشح وينافس مع أفلام كبيرة في هذه المهرجانات، خصوصا أن المهرجانات الأميركية عليها تنافس كبير"، وحسب موقع مهرجان أتلانتا، فقد تلقى المهرجان نحو 10 آلاف فيلم من فئات مختلفة بين طويل وقصير وتسجيلي، لكنهم برمجوا فقط 16 فيلما طويلا من بينها "بيت سلمى".

المنافس العربي الوحيد

تقول عليان "الحقيقة سعداء جدا، لأن المهرجانات العالمية عندما تبرمج أفلاما عربية عادة ما تكون هذه الأفلام تنقل مواضيع معينة، أكثرها المصائب والكوارث في منطقتنا". ولذا، "كونه فيلما اجتماعيا يحكي قصصا يومية غير شبيه بـ(الأخبار)، فقد كان قادرا على اختراق هذه النظرة، والتواصل مع مهرجان وجمهور أجنبي على مستوى إنساني، فهذا بحد ذاته يسعدني كتير".

وتتمنى عليان أن يحدث انفتاح لسماع حكايات من هذا النمط بالعالم، تمسّ المشاعر الإنسانية في كل مكان، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية والنظرة الاستشراقية.

المصدر : الجزيرة