تييري موغلر.. الجنون الإبداعي في متحف الفنون الزخرفية بباريس

أثبت موغلر نفسه باعتباره من أكثر مصممي الأزياء جرأة وابتكارا في عصره من خلال رؤية إبداعية مميزة وابتكار المظاهر المسرحية

حفصة علمي / باريس / فن / تقرير تيري موغلر.. الجنون الإبداعي لمصمم أزياء فرنسي في متحف الفنون الزخرفية في باريس "
مزج المعرض بين الأزياء والإسقاطات المتحركة والصور الفوتوغرافية الموقعة من أعظم الفنانين ومصوري الأزياء (الجزيرة)

باريس – بعد نجاح مبهر في متحف مونتريال للفنون الجميلة وروتردام وميونخ وصل المعرض المتخصص في أعمال المصمم الفرنسي العالمي تييري موغلر إلى قلب باريس في متحف الفنون الزخرفية ويستمر إلى 24 أبريل/نيسان الجاري.

وتمثل سينوغرافيا المعرض الممتد على طابقين عودة موغلر إلى عاصمة الموضة، إذ سبقته شهرته لما يقارب 50 عاما لتكريم هذا الفنان المبدع الذي أحدثت أفكاره ثورة في عالم الأزياء والتصوير الفوتوغرافي ومقاطع الفيديو الموسيقية والعطور.

تكريم للمبدع

ودع عشاق الموضة تييري موغلر يوم الأحد 23 يناير/كانون الثاني الماضي عن عمر ناهز 73 عاما، بعد مسار استثنائي وهوية جديدة للفنون المعاصرة.

وتكريما لأعماله يحتوي المعرض الباريسي على أكثر من 150 صورة ظلية وعدد من القطع التاريخية التي يعود تاريخها إلى الفترة بين عامي 1977 و2014، فضلا عن إكسسوارات الأزياء الجاهزة والأزياء الراقية والأزياء المسرحية والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والمحفوظات غير المنشورة.

وتسلط كل قاعة الضوء على فنه متعدد المجالات من الترفيه والموسيقى إلى السينما وتصاميمه الأكثر غرابة، مثل فستان حفل "ميت غالا" (Met Gala) الذي ارتدته الأميركية كيم كارداشيان في عام 2019.

وبعيدا عن كونه عرضا كلاسيكيا ينقسم المعرض إلى عدة أعمال مثل الأوبرا، ويمزج بين الأزياء والإسقاطات المتحركة والصور الفوتوغرافية الموقعة من قبل أعظم الفنانين ومصوري الأزياء، بمن في ذلك جاي بورن وجان بول جود وكارل لاغرفيلد ودومينيك إيزرمان، مما يخلق أجواء فريدة من نوعها تجسد الجانب الجامح للمصمم بشكل جيد منذ نهاية السبعينيات.

حفصة علمي / باريس / فن / تقرير تيري موغلر.. الجنون الإبداعي لمصمم أزياء فرنسي في متحف الفنون الزخرفية في باريس "
استوحى موغلر تصاميم من الروبوتات والخيال العلمي (الجزيرة نت)

إبداع جامح

أثبت تييري موغلر نفسه كواحد من أكثر مصممي الأزياء جرأة وابتكارا في عصره من خلال رؤية إبداعية مميزة وابتكار المظاهر المسرحية التي حددت الصور الظلية النموذجية في الثمانينيات.

وفي عام 1976 أصبح موغلر من أوائل المصممين الذين صوروا حملاتهم الإعلانية لتقديم التصاميم الجديدة، واختار لذلك ناطحات السحاب الستالينية في موسكو والصحراء الكبرى وسطح دار الأوبرا في باريس.

ومن الأزياء الجاهزة والراقية "الهوت كوتور" إلى تصميم نفحات عطر "الملاك" (Angel) الذي حقق نجاحا هائلا في عام 1992، واستوحى شكل ولون عبوة العطر الكريستالية من النجم المزرق الذي كان ينبهر ببريقه في كل مرة ينظر فيها إلى السماء من مقاعد الحدائق العامة الباريسية التي كان ينام عليها في بداياته.

وقد أعاد موغلر كتابة قواعد الموضة وفقا للغة جديدة منح من خلالها للرجال والنساء مذاقا مختلفا للتألق بإطلالات بعيدة عن النمطية والكلاسيكية تعكس لغة سيريالية عنوانها الجرأة والإبداع.

اُستوحيت تصاميمه من الروبوتات والخيال العلمي، مثل "أحزمة الردياتير" و"المشدات الواقية من الصدمات"، فضلا عن الكرنفالات المتميزة بالريش والترتر ذات الألوان البراقة.

كما يتضمن المعرض روائع مطلقة من الأزياء الراقية، من الحوريات التي ترتدي صدفات مصنوعة من الزجاج المسنن وقناديل البحر الأورجانزا الباهظة إلى أبطال الكتب الهزلية والتصميم الصناعي والسيارات المستقبلية التي أصبحت في فترة من الفترات مصدر إلهامه.

حفصة علمي / باريس / فن / تقرير تيري موغلر.. الجنون الإبداعي لمصمم أزياء فرنسي في متحف الفنون الزخرفية في باريس "
المعرض يتضمن أزياء مستوحاة من الحوريات التي ترتدي صدفات مصنوعة من الزجاج المسنن وقناديل البحر (الجزيرة)

فنان منذ الصغر

ولد تييري موغلر في مدينة ستراسبورغ (شرقي فرنسا) في عام 1948، وانضم وهو في سن 14 عاما إلى فرقة باليه أوبرا الراين الوطنية، وقام بجولة كراقص كلاسيكي محترف لمدة 6 سنوات.

وفي الوقت نفسه، التحق بمدرسة ستراسبورغ للفنون الزخرفية، إذ بدأ في ابتكار وتصميم ملابسه الخاصة.

في الـ20 من عمره انتقل موغلر إلى باريس لبيع رسوماته إلى بعض العلامات التجارية مثل كاشاريل ودوروثي بيس، ثم عمل مصمما مستقلا للعديد من دور الملابس الجاهزة في باريس ولندن وميلانو وبرشلونة، واستطاع في عام 1973 تأسيس شركة تحمل اسمه.

وبعد حوالي 12 عاما بدأ في تصميم أزياء مسرحيات موسيقية في الأوبرا وأنتج أزياء الممثلة سيلفي جولي لعروضها الكوميدية، فضلا عن تصميمه أزياء مسرحية شكسبير "مأساة ماكبث" في مبنى الكوميديا الفرنسية التاريخي بمناسبة مهرجان أفينيون عام 1985.

المصدر : الجزيرة