وثائقي "السجناء الزرق".. قصص نفسية داخل سجون لبنان

المخرجة اللبنانية زينة دكاش
المخرجة اللبنانية زينة دكاش درست المسرح والتمثيل والعلاج بالدراما (الجزيرة)

دأبت المخرجة اللبنانية زينة دكاش على الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، لا سيما في وثائقي "السجناء الزرق"، إذ نقلت قضايا المجتمع اللبناني المعاصر، بتسليط الضوء على السجناء وإعادة بناء الصورة عن السجون برصد جملة قصص وحكايات ذات ارتباط بالواقع اللبناني.

ورغم أن المشاهد العربي قد تعرف على زينة دكاش كوجه مسرحي، فإن أعمالها الوثائقية الأخيرة الجريئة استطاعت لفت انتباه المشاهد، وجعله يندمج بصريا في عالم تتداخل فيه السياسة بالمجتمع وكذلك القانون بالحقوق الفردية.

ذلك أن أعمالها تتجاوز فنيا القالب المركب الذي تلجأ إليه بعض التجارب السينمائية لتقديم مادتها الفنية، فإن دكاش تعتمد أسلوبا سلسا قائما على العمل عبر عنصر المونتاج، وإعادة بناء عنصر المادة وثائقيا من خلال تسلسل الصور بشكل يجعلها تتدفق في هدوء.

عن تجربتها الوثائقية الفريدة، كان للجزيرة نت هذا الحوار مع المخرجة اللبنانية والمعالجة بالدراما زينة دكاش.

  • كيف تستطيعين الجمع بين التمثيل والسينما والمسرح؟ وأين تجدين نفسك أكثر التصاقا بالعمل الفني بين المجالات كلها؟

أنا درست المسرح والتمثيل وبعد ذلك درست ما يسمى بالعلاج بالدراما، لذلك أشعر دوما أن المسرح ساعدني على التعبير، إذ من المفروض أن يكون له دمج مع العلاج النفسي.

فالمسرح يساعد أي شخص في التعبير عن نفسه، وبالفعل كان اختياري أن أذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية حتى أدمج بين أن أكون ممثلة ومخرجة مسرح، لكن أيضا كمعالجة نفسية بالدراما.

أما السينما فأتيت إليها بعدما قمت بتصوير نحو 250 ساعة بين 2007 و2008 داخل بعض السجون، وذلك في إطار "مشروع 12 لبنانيا غاضبا"، وبنصيحة من بعض الزملاء أنجزت فيلما وثائقيا وكان ذلك تشجيعا منهم.

  • إلى جانب السينما تعملين في مجال العلاج بالدراما، ماذا يعني هذا العلم؟

أنا معالجة بالدراما قبل أن أكون عاملة في السينما، فقد أسست المركز اللبناني للعلاج بالدراما، حيث تُدمج تقنيات المسرح والعلاج النفسي من أجل التعبير والبحث عن آفاق وإمكانية التطبيق مع أناس مهمشين، يعبرون عن أنفسهم، ويمكن للجلسات العلاجية أن تؤدي إلى عمل مسرحي والعكس أيضا، فمن الممكن أن تنتهي فقط بعلاج جماعي أو فردي.

  • تقولين إن فيلمك الوثائقي الثالث "السجناء الزرق" جاء للدفاع عن حقوق السجناء، إلى أي حد في نظرك يمكن للسينما أن تكشف واقع السجون العربية وتعيد من خلال هذا الفضاء ابتكار علاقات أكثر إنسانية داخل الصورة السينمائية؟

هذا الفيلم مثله مثل بقية الأفلام جاء ليوصل صوت السجناء بقضايا معينة، ففي "12 لبنانيا غاضبا" نادوا بتخفيض العقوبات والواقع ككل، فالنساء يحكين عن الزواج والعنف الأسري.

ووثائقي "السجناء الزرق" ركز على الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أو مرتكبي الجرائم، ليكشف الفيلم طبيعة واقعهم، لأنني في كل أفلامي أعمل على تعرية الواقع والثورة عليه جماليا، ولكن مع تقديم مقترحات للحلول لا للضغط على الجرح فقط، بل بتقديم حلول لظاهرة معينة.

وثائقي "السجناء الزرق" ركز على الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أو مرتكبي الجرائم (مواقع التواصل)
  • اشتغلت سنوات في الدفاع عن حرية السجناء وأحقيتهم في العيش الكريم، لكن كيف جاءت فكرة نقل هذه القصص والحكايات إلى عالم السينما؟

أعمل على أرشفة العمل المسرحي العلاجي، فإذا وصل إلى فيلم سينمائي كان عظيما، وإذا لم يصل، فلا أعمل على أي فيلم، غير أن بعض الحظ الجيد قاد إلى إنتاج 3 مشاريع سينمائية.

لكن الفيلم يأتي ليكمل الصوت الذي بدأ مسرحيا، إذ يسلط الضوء على مجموعة أمور، ثم يأتي دوري كمخرجة من الجانب السينمائي فآخذ أمرا أو أمرين وأسلط عليهما الضوء، لأن السينما تؤثر في القوانين وتسافر كثيرا وبشكل أبعد من المسرح، وهذا الشيء يساعد من ناحية التأثير في القوانين حتى تتغير وتُعدّل ويصير للسجناء وعي أكثر بمشكلاتهم.

كما أنني لم أعمل مع السجناء فقط، بل مع عاملات المنازل اللاتي يأتين من إثيوبيا إلى لبنان، وكان لنا أيضا عمل استمر مدة 3 سنوات بمستشفى الأمراض النفسية، ركّز على عرض مسرحي جيد أدى إلى إخراج فيلم سينمائي لإيصال صوت المرضى النفسيين الذين يمكثون في هذا المستشفى، كتعريف بطبيعة الأمراض النفسية والفصام وكيف يعيشون ذلك يوميا.

المصدر : الجزيرة