معرض فلسطين وياسر عرفات.. استياء شعبي واتهامات بتشويه الرموز

الهدف من المعرض تعزيز القضايا الوطنية الفلسطينية من خلال فن الكاريكاتير

بعض الصور التي اعتبرت مسيئة للرئيس عرفات- معرض فلسطين وياسر عرفات- فلسطين- رام الله- يناير 2022
بعض الصور في المعرض اعتبرت مسيئة للرئيس الراحل ياسر عرفات (الجزيرة)

رام الله- في قاعة متحف ياسر عرفات في مدينة البيرة، عرضت أعمال 104 رسامي كاريكاتير من 43 دولة، قدموا خلالها رؤيتهم الخاصة بشأن القضية الفلسطينية والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

المعرض الذي حمل اسم "فلسطين وياسر عرفات"، كان عبارة عن "بورتريه" (فن رسم الأشخاص) للرئيس عرفات، ويتضمن أعمالا أخرى عن فلسطين وقضيتها تحت الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن بعد ساعات من افتتاح المعرض والذي شارك فيه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات تتهم هذا المعرض بتشويه "رمز القضية الفلسطينية" ياسر عرفات بالأعمال المعروضة.

 

وتطوّر الاحتجاج إلى تصريحات من قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وبيانات احتجاجية منها تطالب فيها مؤسسة ياسر عرفات بإزالة "الصور المسيئة لشخصية ياسر عرفات الثورية ورمزيته النضالية فورا، والاعتذار عن ذلك".

وفي بيان لحركة فتح في رام الله، هدد بإزالتها مع تحميل المسؤولية لمن أعطى التعليمات بتنظيم هذا المعرض، وهو ما حدث بالفعل.

حالة الجدل جعلت إدارة المتحف تصدر بيانا توضيحيا، قالت فيه إن ما يتم عرضه من رسوم خضعت إلى نقاش وفحص، وعلى ذلك سُمح بنشر تلك الرسومات، وأنها تُمثل وجهة نظر راسميها في كيفية دعمهم للقضية الفلسطينية ومُناصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وقال البيان أيضا إن متحف ياسر عرفات حريص كُل الحرص على الحفاظ على صورة وسيرة ومسيرة ياسر عرفات، وإن ما تم نشره بالمعرض لا يمس ياسر عرفات، "ولكن فن الكاريكاتير من الفنون الجدلية والإبداعية".

ورغم التوضيح، فإن المتحف راجع كل الرسومات المعروضة، وأزال الرسومات التي قال إنها "لم تلق تفهما من الرأي العام الفلسطيني"، دون تحديد هذه الرسومات والفنانين الذين رسموها.

الفنان أسامة نزال أمام لوحة الفنان عماد حجاج - معرض فلسطين وياسر عرفات-فلسطين-رام الله- يناير
الفنان أسامة نزال أمام لوحة الفنان عماد حجاج (الجزيرة)

الهدف التضامن مع فلسطين

وخلال الافتتاح، تحدثت الجزيرة نت مع فنان الكاريكاتير الفلسطيني أسامة نزال -أحد القائمين على المعرض والمنظمين له بالتعاون مع المتحف- عن المعرض الذي أشرف على تنفيذه بدءا من طرح الفكرة على المتحف حتى التواصل مع فنانين حول العالم واستقبال أعمالهم وطباعتها وعرضها.

قال نزال إن اللافت خلال التواصل مع الفنانين حجم التجاوب والرغبة في المشاركة في هذا المعرض، وخاصة الفنانين العرب.

ويلاحظ أن الرسومات التي عرضت، وهي 150 عملا من أصل 205 أعمال، تفصح عن بصمات الفنانين وخلفياتهم الثقافية، فكان ياسر عرفات بملامح صينية في رسومات 9 فنانين من الصين، وفي رسومات أخرى بملامح غربية.

الفنان الفلسطيني أسامة نزال يتحدث عن لوحة رسام من جنوب أفريقيا
الفنان الفلسطيني أسامة نزال يتحدث عن لوحة رسام من جنوب أفريقيا (الجزيرة)

أما الرسومات من فنانين عرب وفلسطينيين فكانت أقرب للواقع الفلسطيني، وتعكس معرفة أقرب إلى حقيقة فلسطين تحت الاحتلال ونظرتهم لياسر عرفات. فكانت لوحة رسام الكاريكاتير المصري تامر يوسف "فاصل ونواصل"، التي تتحدث عن استمرار العدوان على القطاع، ورسمة السيدة التي تحمي فلسطين بجسدها من الفنان الصومالي عمر شيدي.

وبحسب نزال فإن الهدف الرئيسي من هذا المعرض، وغيره من المعارض التي يتم التخطيط لإقامتها مستقبلا، هو تعزيز وتنشيط القضايا الوطنية الفلسطينية من خلال فن الكاريكاتير، وخاصة أن لكل رسام منبره الذي يتابعه الكثير حول العالم.

من جهته علّق ممدوح الفروخ، من فريق العرض المتحفي، على الجدل القائم حول بعض الرسومات، قائلا "مشاركة جميع الفنانين في المعرض بهدف التضامن مع الشعب الفلسطيني وأبو عمار (ياسر عرفات)، ولكن تنوّع ثقافات البعض تختلف وهو ما لم يتقبله البعض الآخر".

وقال الفروخ للجزيرة نت إن اختيار اللوحات المعروضة تم بعناية، ولا توجد لوحة تسيء للراحل ياسر عرفات، على العكس جميع اللوحات تظهره كأيقونة عالمية ورمز للسلام.

وسيبقى المعرض مفتوحا لزواره على مدى 6 أشهر، وسيتم توثيق هذه الأعمال في كتاب يرسل لجميع المشاركين في المعرض.

تضمن المعرض رسومات أعدت خصيصا للحدث الفني (الجزيرة)

المبالغة أساس الكاريكاتير

وتضمن المعرض رسومات أعدت خصيصا لهذا الحدث الفني، وأخرى رسمت في السابق وتتناول مواضيع المعرض مثل العمل الذي شارك به الرسام الأردني عماد حجاج ورسمه بعد رحيل ياسر عرفات، ويظهر في الرسم عرفات بكوفيته على شكل خارطة فلسطين قبل وفاته، وبعد وفاته بقيت الكوفية بشكل الخارطة.

وقال حجاج للجزيرة نت، خلال اتصال هاتفي معه من مكان إقامته في عمان، إن هذا المعرض يشمل إرث الرئيس عرفات في مراحل حياته كافة، وهو الشخصية التي كانت حاضرة في رسومات رسامي الكاريكاتير منذ السبعينيات.

وأبدى حجاج أسفه على إزالة بعض الرسومات من المعرض، مشيرا إلى أن جميع الرسامين المشاركين فيه من المعروفين والمتمكنين في هذا الفن.

وأوضح حجاج أن فن "البورتريه" في الكاريكاتير فن معروف عالميا بالمبالغة، فمن حق الرسام التشكيل والتلاعب بملامح الوجه، من خلال التركيز على مفتاح الوجه، تماما مثل ما قام به بعض الفنانين وخاصة الأجانب منهم.

وتابع "في العادة يتم تقبل هذا التلاعب وحتى إن أصبحت هذه الشخصية غريبة الشكل أو مضحكة، فهذا أساس بورتريه الكاريكاتير".

المصدر : الجزيرة