"الجريمة".. عقدة درامية أفسدتها شخصيات باهتة

أحمد عز بطل فيلم الجريمة (مواقع التواصل)

قد يكفي وجود اسم شريف عرفة لإخراج عمل فني ليسهم في مضاعفة فرص نجاحه، وهو ما حدث بالفعل مع فيلمه الأخير "الجريمة"، الذي استطاع أن يحقق أكثر من 16 مليون جنيه مصري (1.02 مليون دولار) في أيام عرضه الأولى في دور العرض السينمائية، ليتفوق بذلك على الأفلام المعروضة في الموسم السينمائي الحالي.

تميز بصري

الحبكة التجارية التي اختارها شريف عرفة، وتنوع الفيلم بين الإثارة والرعب، بالإضافة إلى بعض المشاهد الكوميدية القليلة، واعتماده على نجومية أبطال الفيلم مثل أحمد عز ومنة شلبي وماجد الكدواني؛ من العناصر المميزة في العمل، إلى جانب العنصر البصري الذي يميز "تكنيك عرفة" الإخراجي، والإضاءة التي أضفت حالة التشويق والإثارة على مشاهد الرعب.

كما قدم الفيلم تنوعا بصريا من خلال الديكور، الذي أظهر الفارق بين الأزمنة المختلفة التي تدور خلالها أحداث الفيلم، خاصة المشاهد الداخلية التي تبرز مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، عكس المشاهد الخارجية في المرحلة نفسها التي تجاهلت التفاصيل الخاصة بالسبعينيات.

فقدان المصداقية

وجاءت الأزياء عنصرا فارقا لصالح الفيلم، عكس المكياج الذي بدا موفقا في البداية لكنه أفقد مشاهد البطلة "منة شلبي" مصداقيتها وهي داخل الغرفة التي سجنها فيها الزوج عقابا لها على خيانتها، فظهرت وهي بكامل مكياجها رغم مرور فترة زمنية كبيرة، ولم يكن المكياج الذي ظهر به كل من أحمد عز وماجد الكدواني في المرحلة العمرية الأكبر عمرا موفقا.

فكرة الفيلم تبدو تائهة بين الصراع النفسي الذي يعيشه عادل الناضوري (أحمد عز) والواقع (مواقع التواصل)

ضعف المبررات الدرامية

ورغم محاولة شريف عرفة تقديم بناء درامي متماسك، واعتماده على البطل الراوي للأحداث و"الفلاش باك"، بالإضافة إلى تعدد الأزمنة، والمزج بين الهلاوس التي يعيشها البطل والواقع؛ فإن ذلك لم ينقذ السيناريو من الإيقاع البطيء، بل على العكس أضعف المبررات الدرامية التي جاءت في كثير من الأحيان مباشرة وتم تكرارها على لسان الأبطال أكثر من مرة ليضفي حالة من الممل على أحداث الفيلم.

إصرار شريف عرفة في تجاربه الأخيرة على أن يصبح المخرج المشارك في تأليف العمل مع كل من أمين جمال ومحمد محرز لم يصب في صالح الأعمال الفنية، بل جاءت مشاركته مخيبة للآمال، لا سيما وهو مخرج صاحب تاريخ فني ثري ورؤية بصرية مميزة؛ فالخلل في السيناريو أفسد كل العناصر المميزة في العمل.

شخصيات باهتة

فشل السيناريو أيضا في رسم الشخصيات الدرامية، إذ كانت أغلبها باهتة، فركز فقط على بطل الفيلم "عادل الناضوري" وهي الشخصية التي نجح أحمد عز في تقديمها، مبتعدا عن الشخصيات خفيفة الظل التي اعتاد تقديمها في أعماله السابقة.

كما نجحت منة شلبي أيضا في تقديم انفعالات الشخصية المختلفة، فهي الفتاة المستهترة والأم والزوجة الخائنة، والابنة المتحكمة، لكن رغم ذلك بدت تصرفات الشخصية طوال أحداث الفيلم بلا مبرر، فلجأ صناع العمل لتبرير سلوكها في مشهد مباشر وساذج إلى حد كبير، مما أهدر المجهود الذي بذلته "منة" في الشخصية.

وجاءت بقية الشخصيات باهتة وبلا تفاصيل، فلم يضف العمل جديدا للفنان ماجد الكدواني، ضابط الشرطة، غير حصوله على مساحة أكبر من المشاهد التي ظهر بها سيد رجب "تاجر المخدرات" وأحد الرجال المقربين من البطل، ومحمد جمعة الذي يعمل حارسا، فكلاهما قدم شخصيات غير رئيسية كان من الممكن الاستغناء عنها من دون أن تحدث خللا.

الملصق الدعائي لفيلم الجريمة (مواقع التواصل)

صراع بلا هدف

تبدو فكرة الفيلم تائهة بين الصراع النفسي الذي يعيشه عادل الناضوري والواقع؛ عادل الذي لم يتعظ من ماضي والدته التي قتلها جده لخيانتها، في حين يتزوج امرأة خائنة أيضًا، يظهر في كثير من الأحيان قليل الحيلة أمامها، عكس شخصيته المفرطة في استخدام القوة، مطبقا تعليمات الجد الذي علمه أن القوة هي الوسيلة الوحيدة للنجاة، وأن عليه تنفيذ العقاب من دون رقيب.

يمكن القول إن "الجريمة" عمل بصري بمشاهد مشوقة، وتكنيك عصري، أضرته الحبكة الدرامية التي تدور في عالم الجريمة.

المصدر : الجزيرة