جورج كلوني.. أمير السعادة الذي يلاحقه الحظ والثروة

14 صديقا دعاهم جورج كلوني إلى حفل صغير في بيته بمناسبة عيد ميلاده، وبعد بدء الحفل بأقل من ساعة، قاد المضيف أصدقاء عمره إلى مكان ما في بيته، كان المكان أنيقا ومنظما بشكل كبير.

دعا جورج كلا منهم إلى التوجه نحو الحقيبة المكتوب عليها اسمه. كانت كل حقيبة تحتوي على مليون دولار هدية.

الحكاية حقيقية وقد أكدها جورج بنفسه، ورغم عدم الإعلان تماما عن أسماء المدعوين الذين تلقوا الهدايا، فإن جورج نفسه ألمح إلى أن هؤلاء هم أصدقاء عمره الذين كانوا معه في السراء والضراء، هؤلاء هم الذين دعموه نفسيا حين مر بلحظات يأس وضيق في حياته، وأقرضوه المال حين احتاج إلى ما يسد رمقه في أيام البدايات.

تستدعي القصة الحقيقية حكايات الملوك في ألف ليلة وليلة، وحكايات ملوك العصور الوسطى الذين كانت هداياهم كفيلة بتأمين حياة من ينعمون عليه حتى نهاية حياته ولأجيال لاحقة في بعض الحالات. ورغم أن كلوني ليس ملكا، فإن حياته تشبه حياة الملوك بعد النجاحات التي حققها في عالم السينما، ولعله من القلائل في هوليود الذين حصلوا على أوسكار أحسن ممثل وأوسكار أحسن منتج أيضا.

نجم هوليود الشهير لا يلهث وراء المال، وإن كان المال يبحث عنه، فمؤخرا رفض عرضا سخيا للظهور في مقطع دعائي يتطلب العمل لمدة يوم واحد فقط، مقابل الحصول على 35 مليون دولار، وذلك لأنه لا يتناسب مع قيمه الشخصية.

لم يولد جورج كلوني فقيرا، ولم يحاول البحث عن طريق لكسب المال للوفاء بحاجاته الأساسية، بل على العكس، فقد ولد لأب إعلامي وجدّ هو سيناتور عن ولاية كنتاكي وعمة هي الممثلة الشهيرة روزماري كلوني.

وقد انبهر جورج الطفل بعائلته، وخاصة بأبيه، لكن ثمة لحظة تساءل فيها المراهق الشاب عن هويته ووجه تميزه، حيث يتحول الأب إلى شبح مرعب بالنسبة إلى ابنه حين يختار الابن أن يتبع خطاه في المسار المهني نفسه.

لكن تصبح المشكلة أسوأ حين يكون ذلك المسار المهني تحت الأضواء، إذ تبدأ المقارنة بين شخص يحبو في بداية الطريق وآخر احترف وأصبح خبيرا وصنع تاريخا.

لهذا السبب، قرر جورج كلوني أن يتوقف عن دراسة الإعلام المرئي والمسموع في الجامعة، رغم أنه كان قد أوشك على التخرج، بعد أن أرهقته المقارنة بينه وبين أبيه الاعلامي والصحفي نيل كلوني.

الرجل الوطواط أنقذ كلوني من وسامته

لم يكن جورج كلوني الممثل يحتل مكانة خاصة في هوليود حتى عام 1997، فقد كان يشبه المئات من الممثلين الذين يتمتعون بالوسامة ويقدمون أدوارا متوسطة القيمة، لكن اختياره بطلا لفيلم "الرجل الوطواط" (Batman) عام 1997 أدى إلى لفت الأنظار إليه، خاصة بعد أن حقق الفيلم إيرادات تجاوزت 100 مليون دولار، وهو ما رشحه للفيلم الرائع "خارج المشهد" (Out of Sight) مع جينيفر لوبيز، الذي تدور أحداثه حول الصراع بين ضمير وقلب ضابطة فدرالية تقع في حب لص بنوك تم تكليفها بالقبض عليه.

ثم اختاره المخرج المتميز تيرانس ماليك في أعظم فيلم حربي في تاريخ السينما، وهو "خيط أحمر رفيع" (The thin Red Line)، وكانت الأفلام الثلاثة السابقة كفيلة بنقله إلى الصف الأول من نجوم هوليود.

جوائز

فاز كلوني عن دوره في فيلم "سيريانا" (Syriana) [2005] بجائزة الأوسكار، وكان واحدا من منتجي الفيلم الذي يكشف عن النفط باعتباره القيمة الأهم والأعلى في العلاقات الدولية.

ومثل كلوني دور عميل في جهاز المخابرات المركزية الأميركية، يكلف باغتيال أمير خليجي بسبب تعاقده مع شركات صينية لاستخراج النفط، لكنه يكتشف حقيقة الأمير الذي يطمح إلى تطوير بلاده عبر نظام ديمقراطي حديث.

أما فيلم "ثلاثة ملوك" (Three Kings) [1999] فتدور أحداثه في المرحلة الأخيرة من حرب الخليج، حيث تخطط مجموعة من الجنود الأميركيين لسرقة كمية كبيرة من الذهب، ويقدم كلوني دور الرائد آرتشي المحبط من الحرب الذي اقترب من موعد تقاعده.

كانت الأوسكار الثانية التي حصل عليها جورج كلوني هي الأكثر إبهارا، إذ قدم باعتباره منتج فيلم "أرغو" (Argo) الذي يستند إلى أحداث حقيقية أثناء الثورة الإيرانية عام 1979، حيث احتجز عدد من الدبلوماسيين في السفارة الأميركية بطهران، لتقوم المخابرات الأميركية ببناء خطة تحرير لهؤلاء الدبلوماسيين بحيث يبدو الأمر وكأنه تصوير فيلم يدخل بموجبه عملاء الوكالة لتنفيذ العملية، وقد أخرج الفيلم وقدم دور البطولة فيه الممثل بن أفليك.

وقد اقترب النجم الأميركي جورج كلوني من المساحات المرتبطة بالسياسة والأحداث العربية كما لم يقترب غيره، ليس على مستوى الأدوار السينمائية فقط، ولكن على أرض الواقع أيضا، إذ يعد كلوني -إلى جانب كونه ممثلاً ومنتجاً ومخرجاً- أحد أشهر المدافعين عن حقوق الإنسان، وقد اختار منطقة جنوب السودان ليتبنى فكرة إلقاء الضوء على أزماتها، خاصة في مرحلة نشوء الدولة في الجنوب.

اللبنانية التي غيرت حياة أشهر عازب في هوليود

ولعل زواجه من اللبنانية أمل علم الدين جزء من هذا الهوى العربي، إذ التقى بأمل المحامية الدولية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بعد فترة طويلة لقب خلالها بأشهر عازب في هوليود، ومن ثم تم الزواج وأنجبت أمل وكلوني توأما هما ألكسندر وإيلا.

يقدم كلوني زوجته في جميع المناسبات بفخر واعتزاز، لكونها السيدة الناجحة التي تسعى للدفاع عن حقوق الإنسان في عدد من دول العالم، وهي نفسها المرأة التي غيرت كل مسارات حياته.

في لقاء عبر بودكاست، تذكر الممثل الستيني قرار إنجاب الأطفال الذي لم يفكر فيه طوال حياته، فقال "لم أرغب في الزواج، ولم أرغب في إنجاب الأطفال، ثم دخل هذا الإنسان غير العادي في حياتي، ووقعت في الحب بجنون، وعرفت منذ اللحظة التي قابلتها فيها أن كل شيء سيكون مختلفًا".

وفقًا لكلوني، كان هو وأمل قد مرّ على زواجهما عام واحد، عندما قررا في نزهة خارج منزل أحد الأصدقاء أنهما يريدان إنجاب أطفال.

وأثناء النزهة، كان كلوني غاضبا من سلوك طفل صاخب بالمنزل، فقالت له أمل "نحن محظوظون جدًا في الحياة"، فأكد قائلا "نعم، نحن محظوظون، لأننا وجدنا بعضنا بعضا"، فتابعت أمل "يبدو الأمر كما لو أنه يجب مشاركة هذا الحظ مع بعض الأشخاص الآخرين".

يتذكر كلوني تلك اللحظة العاطفية، ويقول إن الأمر لم يستغرق سوى صمت لمدة دقيقة حتى اقتنع بالقرار.

لم يتوقع جورج كلوني أن يصبح أبا لطفلين توأم، حتى أخبره الطبيب أنه سيرزق بصبي، فقال كلوني "ولد، هذا رائع"، ليكمل الطبيب حديثه قائلا "والثاني بنت"، كان ذلك بمثابة مفاجأة سارة لم يتوقعها جورج، لكنه استقبل طفليه التوأم ألكسندر وإيلا عام 2017، ليظهر فيما بعد في عدة مناسبات ليس كنجم هوليود الوسيم، وإنما أبا يحمل طفليه ويتولى رعايتهما.

ومن أشهر تعليقاته على زواجه من أمل، قوله في برنامج تلفزيوني "لقد اكتشفت أني صاهرت أمة كاملة، فقد كنت في إحدى الطائرات وسمعت من ينادي كلووووني.. أنا لبناني"، لقد اعتبرني كل العرب صهرا لهم.