نساء هوليود المسترجلات يحاربن المرأة.. كيف تدعم البطلات الخارقات سيطرة الرجل؟

فيلم "ماليفسنت" تدور أحداثه حول "جنية" تعيش في عالم من الغابات السحرية التي تقع على حدود مملكة بشرية (مواقع التواصل)

تعد شاشات هوليود المصدر الأكبر للعنف المتخيل في العالم عبر أفلامها، ويحظى أبطال أفلام الحركة والرعب بشهرتهم عبر الدماء والرصاص والأسلحة وحجم العضلات أحيانا، ويعد هذا العنف مصدراً مهماً من مصادر الإيرادات التي تعيد تدوير الصناعة وإنتاج المزيد من الأفلام.

وإذا كان البطل "الرجل" هو الرمز المطلق للعنف والبطولة بمعناها الهوليودي، فإن مشاركة المرأة ومحاولاتها المستمرة للصمود في المنافسة من أجل النجومية لا تقل شراسة عن منافستها للرجل على مسرح الحياة، إذ تعتقد نساء هوليود أن طموحهن للحصول على المساواة الكاملة والمساهمة في تحرير المرأة في العالم ينبغي أن يمر عبر البطولة الهوليودية، وباللغة نفسها حيث الدماء والأسلحة والعضلات أيضا.

وقد ساهمت حركة "أنا أيضا" (Me Too) العالمية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 في كشف النقاب عن الكثير من حالات الابتزاز والامتهان لممثلات هوليود اللاتي ظهرن على الشاشات لسنوات طويلة كما لو كن أميرات وملكات متوجات على عرش الصناعة، بينما يتعرضن في الواقع لاستعباد وامتهان من قبل بعض المنتجين.

وكان المنتج الأشهر "هارفي وينستين" قد دأب على استغلال الممثلات مقابل السماح لهن بالعمل طوال سنوات، حتى بادرت بعض الممثلات بإعلان الأمر، ومن ثم أُعلن تأسيس حركة "أنا أيضا" لحماية المرأة في هوليود، ثم انتشرت كتوجه عالمي ألقى بظلاله في عالم السياسة أيضا.

وكشفت حالات الامتهان والابتزاز عن الضعف الشديد للمرأة في صرح الإنتاج السينمائي في العالم، ولم يكن ذلك إلا نتيجة طبيعية للرؤية القاصرة حول ما ينبغي أن تكون عليه المرأة، وما يمكن أن تستخدمه من أدوات للتحرر من سيطرة الرجل، وهي أدوات يستخدمها الرجل نفسه وتتماشى مع طبيعته الخشنة، ولم تستخدم المرأة تلك الطبيعة الخشنة ولكنها فقط استعارت الأسلحة والطيران في الهواء والخناجر، وهو ما أشار إلى اعتبار "القوة والبطولة الرجالية الهوليودية" نموذجا ومثالا أعلى ينبغي على المرأة اتباعه.

وجاءت النتيجة إجمالا بكائن مشوه لا ينتمي لعالم المرأة أو عالم الرجل، ولم يساهم ذلك النموذج سوى في إنتاج المزيد من الظلم والعنف ضد المرأة، وتأكيد سيادة قيمة القوة لا العدل.

ولعل ما قدمته الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون في فيلمها الجديد "الأرملة السوداء" (Black Widow) الذي عرض في يوليو/تموز الماضي بعد أكثر من تأجيل بسبب جائحة كورونا، هو آخر المساهمات في سياق تلك الرؤية، إذ تلعب جوهانسون دور امرأة تكتشف كونها امرأة خارقة وجاسوسة سابقة، وتبدأ في مطاردة الماضي مستخدمة مهاراتها وقواها. والفيلم أخرجته كيت شورتلاند.

وإذا كان فيلم "الأرملة السوداء" قد قُدم في إطار تقليد البطولات الفردية للرجال، فإن ثمة عصابات تضم عددا من الرجال ظهروا في سلسلة "أوشن" (Ocean)، فكان لا بد للنساء أن يخضن التجربة نفسها لكن من دون رجال في العصابة الجديدة، وهكذا قدمت هوليود في يونيو/حزيران 2018 فيلم "أوشن 8" (8 Ocean)، وهو فيلم سرقة كوميدي أميركي من إخراج غاري روس وبطولة ساندرا بولوك وكيت بلانشيت وآن هاثاواي وميندي كالينغ وسارة بولسون وريانا وهيلينا بونهام كارتر.

وتدور قصة الفيلم حول ديبي شقيقة "داني أوشن" التي تستعد لعملية سرقة ستكون الكبرى في القرن، في حفل النجوم السنوي في نيويورك، وتقابل كلا من لو وروز وناين بول وتامي وأميتا وكونستانس لأجل التخطيط لعملية السرقة.

و"داني أوشن" هو بطل سلسلة "أوشن" الذي قام بدوره النجم الأميركي جورج كولوني، وفي الأجزاء الثلاثة الأولى من الفيلم لم يكن من ضمن فريق أبطاله سوى امرأة واحدة، وجاء "أوشن 8" ليكون فيلما نسائيا خالصا.

وفي عام 2014، أنتجت هوليود "ماليفسنت" (Maleficent)، وهو فيلم خيالي من إخراج روبرت سترومبيرغ وسيناريو ليندا وولفرتون، وبطولة أنجلينا جولي في دور البطولة وحملت اسم الفيلم نفسه، و"ماليفسنت" عبارة عن "جنية" تعيش في عالم من الغابات السحرية وتقع على حدود مملكة بشرية.

هذه الجنية التقت في طفولتها فتى بشري يدعى ستيفان وأحبته، ويكبر الاثنان، وتصبح مالفيسنت حامية للمنطقة التي تعيش فيها، بينما يحاول الملك هنري التغلب عليها، وتهزمه "الجنية"، وبعدما يموت يعلن أن من يقتل ماليفسنت سيُسمى خليفته ويتزوج ابنته الأميرة ليلى.

ويزور ستيفان "ماليفسنت" في أرضها ويحاول قتلها، لكنه لا يستطيع أن يقتلها بنفسه. بدلا من ذلك، يقطع جناحيها ويعرضها للملك. وبعد أن دمرتها خيانته تتحول إلى كائن شرير تماما، حتى تنتقم منه ومن مملكته كلها ومن زوجته، لكن طفلته الوليدة تعيدها إلى الخير وتنشر السلام في المنطقة.

وفي الفيلم الذي رشح لأوسكار أفضل أزياء في الحفل رقم 87 لجوائز الأكاديمية الأميركية لعلوم وفنون الصورة، وحقق أعلى الإيرادات لعام 2014، تنتمي "ماليفسنت" إلى عالم الجن وتملك قوة مطلقة وتقع في الحب، فيقوم هذا الحب بتحييد قوتها تجاه محبوبها "الذكر" الذي يخونها، ومع كل ما يتمتع به من دهاء فإنه لا ينتصر عليها.

لم تعد "الجنية الجميلة" هي تلك الحبيبة التي غدر بها حبيبها، لكنها تحولت إلى آلة قتال وماكينة شر، وهي ما تعنيه كلمة "Maleficent"، أي المؤذي أو صانع الشر، وفقدت الأنثى/الجنية ملامحها وأهم مواطن قوتها، وفي خضم المحاولة الهوليودية للانتصار للمرأة جردتها من الأنثى لتحولها إلى آلة قبيحة للقتل.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية