مسلسل "شقة 6".. الرعب ناجح لأول مرة على الطريقة المصرية

مسلسل "شقة 6" استطاع تخطي مشاكل أعمال الرعب الفنية بسهولة عبر مزيج من الإثارة والغموض (مواقع التواصل)

أحدث مسلسل "شقة 6" منذ بدء عرضه ضجة كبيرة بين المشاهدين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في البداية لأنه مثّل عودة تلفزيونية للفنانة روبي التي أصبحت مؤخرا "ترندا" صيفيا على مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار حفلاتها، ولكن سريعا ما انفصلت سمعة المسلسل التي اكتسبها من روبي، وأصبح عملا مثيرا بحد ذاته للمشاهدين المتشوقين لهذا النوع المختلف من المسلسلات التلفزيونية بعيدا عن الدراما العائلية وقصص الحب والزواج والثأر والميراث.

الرعب كلمة السر

مسلسل "شقة 6" ذو الـ15 حلقة ينتمي إلى نوع الرعب، وهو النوع المحدود للغاية في الإنتاجات التلفزيونية العربية على الرغم من كونه ذا شعبية واسعة بالفعل لدى المشاهد العربي الذي يتجه إلى المسلسلات والأفلام الأجنبية لتعويض هذا الغياب.

الأزمة الحقيقية وراء غياب مسلسلات الرعب العربية هي ضعف الإمكانيات اللازمة لصنعها، مثل المؤثرات البصرية والمكياج، مما يؤدي إلى ظهور الأعمال في النهاية بشكل هزلي مضحك، مثل مسلسل "ساحرة الجنوب" الذي سبب حالة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي عند عرضه منذ 6 سنوات.

وكذلك يفقد صناع هذه الأعمال بوصلتهم في تحديد ماهية الرعب الذي يمكن تقديمه للمشاهد العربي، هل الرعب المستلهم من الأساطير الشعبية الشرقية، مثل "أبو رجل مسلوخة والنداهة والغولة والجن"، أم الرعب القادم من الثقافة الغربية مثل "مصاصي الدماء والزومبي"؟ فنجد لدينا أعمالا مثل فيلم "خط دم" الذي عرض العام الماضي من بطولة نيللي كريم وظافر العابدين وظهر كأنه ترجمة ركيكة لأفلام مصاصي الدماء الأجنبية.

قدم فيلم "خط الدم" نموذجا ضعيفا من أفلام الرعب المصرية (مواقع التواصل)

لكن مسلسل "شقة 6" استطاع تخطي مشاكل النوع بسهولة عبر صناعة مزيج خاص من الرعب والإثارة والغموض، فنجد لدينا إنجي بطلة المسلسل التي تقوم بدورها روبي تسكن في شقة جديدة مخيفة، وتبدأ أحداث مرعبة تقع لها، مثل ظهور أطياف أشخاص آخرين تشاهدهم خلال لحظات عنيفة من حياتهم، وتبدأ في اكتشاف الروابط بين ساكن الشقة السابق وسكان باقي العمارة، لكن المسلسل لا يقوم باستخدام ثيمة الأشباح العائدة أو المنازل المسكونة فقط، بل يغوص عميقا لاكتشاف السر وراء هذه الرؤى عبر ربطها بجرائم قتل وعنف.

هذا الربط هو إحدى الوسائل الشهيرة لكتاب الرعب حول العالم لتفسير الأسباب وراء المنازل المسكونة والعنيفة، مثل اكتساب المنزل طاقة شريرة لحدوث جرائم عنف، أو لطبيعة السكان السابقين له، أو قيام المنزل بالكامل على إحدى المقابر القديمة، وهي الأفكار التي استخدمها كتاب مسلسل "شقة 6" للبعد عن التقليدية في عملهم.

واستخدم المخرج محمود كامل فكرة انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر في البناية ليستعيض عن استخدام المؤثرات البصرية، فالظلمة والإضاءة على ضوء الشموع ساهمتا في إحداث التأثير المطلوب في مشاهد الرؤى التي تراها البطلة، وكذلك ساهمتا في إضفاء طابع بصري مميز على المسلسل بميزانية أقل.

إثارة في الأحداث

تميز مسلسل "شقة 6" بإثارة وتصاعد في الأحداث بشكل مستمر، في كل حلقة نتجه نحو اكتشاف جديد لسر شقة 6، وتتكشف لنا جوانب من قصتها وقصة إنجي وأهل البناية كذلك، مما يجعل المشاهد يطرح طوال الوقت أسئلة حول ماهية الأمر: هل البناية آثمة؟ أم إنجي مصابة بمرض عقلي يجعلها تتوهم؟

وعلى الرغم من أن أحداث المسلسل يمكن اختصارها في أقل من 15 حلقة إلى 10 حلقات على سبيل المثال لزيادة الإثارة فإنه في النهاية امتلك قدرة على الحفاظ على اهتمام المشاهدين الحلقة تلو الأخرى.

لكن المشكلة الكبرى في المسلسل كانت في جانب التمثيل من الممثلين الشباب أو الأصغر سنا، فبداية من روبي وأحمد حاتم حتى الأدوار الأصغر مثل هاني عادل ورحاب الجمل وملك قورة كلهم قدموا أداء تمثيليا أقل من متواضع، مع انفصال تام بين الانفعالات والحوار، مما يعطي انطباعا طوال الوقت أن من أمامنا ما هم سوى ممثلين يقرؤون النص المكتوب لهم بصوت عالٍ، مع أقل القليل من التماهي مع الشخصيات الخاصة بهم.

وعلى الجانب الآخر، الممثلون الذين يحسبون من الصف الثاني والأكثر خبرة في الحقيقة قدموا أداء ممتازا وتماهيا مع شخصياتهم المركبة والغامضة، وعلى رأسهم محمود البزاوي في دور "زاهي" صاحب البناية، والذي أخرج دوره من تنميط الشخص البخيل وأخذه إلى منطقة أكثر غموضا وإثارة بأدائه للشخصية كشخص متلاعب وهادئ ذي عين منكسرة، ولكن في الوقت ذاته يعلم الكثير ويخفيه، كذلك صلاح عبد الله في دور الجار "ماهر" الذي يبدو طوال الوقت شخصا ألطف من اللازم، مما يستدعي لدى المشاهد الريبة والحذر، وظهرت عارفة عبد الرسول في دور قصير لكنه مؤثر للغاية وبأداء مميز كعادتها في تلبّس الشخصيات حتى لو كانت بسيطة وفي مشاهد قليلة.

وختاما، فإن مسلسل "شقة 6" واحد من الأعمال التي استطاعت اجتذاب انتباه الجمهور في غير الموسم الرمضاني، مع الخروج قليلا من دائرة تنميط النوع، وعلى الرغم من مشاكل التمثيل الكبيرة للغاية فإنه يبقى عملا مسليا ومثيرا يستقطب شريحة واسعة من المشاهدين الذين يتعطشون لمثل هذه الأعمال.

المصدر : الجزيرة