في ذكرى ميلاد العندليب.. خلافات عبد الحليم مع أم كلثوم والأطرش غرور أم تشبث بالقمة؟

يختلف النقاد حول شخصية العندليب، وما إذا كان الغرور هو سبب خلافاته المتعددة مع نجوم الغناء العربي مثل أم كلثوم وفريد الأطرش ووردة وغيرهم.

عبد الحليم حافظ
عبد الحليم حافظ تحل ذكرى ميلاده اليوم 21 يونيو/حزيران 1929 (مواقع التواصل)

القاهرة – وقف العندليب الأسمر أمام جمهوره في حفل عيد الربيع في أبريل/نيسان 1976 يغني قصيدة الشاعر نزار قباني الشهيرة "قارئة الفنجان"، التي كتب لها أن تكون آخر أغانيه وأروعها، لكنه قطع وصلته الغنائية ليرد على صيحات الاستهجان التي أطلقها البعض من الجمهور:

"على فكرة كمان أنا بعرف أصفر وبعرف أتكلم وبعرف أزعق (أصرخ)".. ثم أطلق صفيرا من على المسرح، وصاح غاضبا "بس بقى" (كفى).

يقول العندليب معلقا في برنامج تلفزيوني إنه شعر بنحو 20 فردا من الجمهور من المندسين على الحفلة، حاول أن يقنعهم بأن يسمعوه حتى نسى كلمات الأغنية، وانفعل.

وأضاف العندليب أنه كلما غنى يطلقون الصفير، الذي كان مثل صفير ملاعب وليس مجرد صفير عادي، من أفواههم، واستمر الصفير طوال الحفل.

تعرض العندليب حينها -الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم 21 يونيو/حزيران 1929- لهجوم لم يشهده من قبل شنته الصحافة المصرية، فهي المرة الأولى التي يواجه فيها نجم نجوم الغناء العربي جمهوره بهذه الشدة وهذا الانفعال، ولم تشفع له صحته المتدهورة.

اتهم العندليب الأسمر أعداءه أنهم أرسلوا من يفسدون عليه حفله، واختلفت الأقوال حول من يقف وراء هذه المكيدة، ووفقا لابن الموسيقار الموجي الصغير ابن الموسيقار الكبير محمد الموجي، فقد اتهم العندليب صديقه بليغ حمدي بأنه السبب لأنه رفض غناء لحن له، كما اتهم أيضا الفنانة وردة.

ويرى الناقد طارق الشناوي في برنامج "حكاية أغنية" من إنتاج الجزيرة الوثائقية، أن الصراع على العندليب كان محتدا بين الموجي وبليغ حمدي، والسؤال هل كان هناك من تعمّد فعلا إفساد الحفلة أم هو خوف العندليب؟ وأن العندليب لو كان في حالة صحية سليمة لما فعل ذلك.

 

في حياة العندليب تتعدد قصص الخلافات والشائعات، واتهاماته لغيره من كبار الفنانين بأنهم يتصيّدون له الأخطاء أو يحاولون تشويه صورته، وإن كان ذلك نابعا بالأساس من حرصه الشديد على البقاء في القمة وخوفه من أن ينافسه عليها أحد آخر، حتى وصلت هذه المشاحنات أيضا إلى أم كلثوم نفسها.

أم كلثوم

"منتهى الجرأة أن واحدا يغني بعد أم كلثوم أو يختم حفلة غنت فيها أم كلثوم.. لكن بعد ما غنت اللحن العظيم أنت عمري.. مش عارف ده (لا أعرف هل هذا) شرف ولا مقلب، لكن الشرف الحقيقي أن أغني الليلة دي.. بغني لأن أنتم يا رجال الجيش بتحتفلوا معانا إحنا الشعب بيوم 23 يوليو/تموز".

بهذه الكلمات الجريئة بدأ العندليب الأسمر حديثه في عيد ثورة يوليو/تموز 1964، بعد أن اضطر للغناء في وقت متأخر بعد وصلة غنائية طويلة لأم كلثوم، ليسجل لجمهوره واحدا من أشهر خلافاته مع كوكب الشرق، خصوصا وأن الحفل شهد التعاون الأول بين أستاذه وصديقه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم المعروف بلقاء السحاب، فهل شعر العندليب بالغيرة من تعاون أستاذه ومعلمه مع سيدة الغناء العربي؟

غضبت أم كلثوم مما قاله العندليب، وأبلغت عبد الوهاب بذلك، فاتصل بالعندليب الذي رفض الاعتذار، حذره عبد الوهاب من اندلاع معركة، لكن العندليب أصر على موقفه، وقال إنه لم يكن سببا في هذه المعركة، كما قيل إن المشير عبد الحكيم عامر طلب منه الاعتذار فرفض، فصدر قرار بمنع إذاعة أغاني العندليب في الإذاعة.

اعتذار

لم يلبث أن ذهب العندليب بنفسه لأم كلثوم في فيلتها بالزمالك، وقدم اعتذاره لها، لكنها ردت غاضبة "لم يكن من اللائق أن تقول مثل هذه الكلمة أمام ميكروفونات الإذاعة وكاميرات التلفزيون".

حاول العندليب تهدئة ثورتها، وقال إنه مثل شقيقها الأصغر، فردت أم كلثوم "اخرس أنت فاكر نفسك صغير، إنت عجوز"، وفقا لما نشرته جريدة الأهرام المصرية.

لم يمنع ذلك العندليب أن ينعى كوكب الشرق بنفسه عقب وفاتها، ورفض أن تكون مطربة أخرى خليفة لأم كلثوم، وقال عنها "معجزة لا يمكن أن يصل لها أحد حتى ولو بعد مليون سنة".

خلاف مع فريد الأطرش

تتعدد الشائعات عن الخلافات بين العندليب وفريد الأطرش، وهو الموضوع الذي اعتبرته الصحافة مادة دسمة تقدمها للجمهور من حين لآخر، وكانت أشهر الخلافات في حفل ليلة شم النسيم عام 1970 بسبب إصرار الاثنين على الغناء في الليلة نفسها، حيث احتكر فريد الأطرش الغناء هذه الليلة طويلا قبل مغاردته مصر، وكان الخلاف أساسا على من يذيع حفلته على التلفزيون المصري على الهواء مباشرة.

وفي خلاف آخر يقال إن العندليب أراد الغناء في بيروت، ففوجئ بأن فريد الأطرش حجز كل أماكن الغناء في بيروت، كما تردد أن هناك خلافا بسبب إصرار كلا النجمين على الاستعانة بسعاد حسني في فيلم سينمائي لكل منهما.

مصالحة على التلفزيون

تمت المصالحة بينهما في لقاء تلفزيوني شهير، وقال الأطرش إنه سعيد بلقاء العندليب بعد طول ابتعاد، وشكر الإذاعة على إتاحته الفرصة بلقاء أخيه عبد الحليم، ونفى ما تكتبه الصحافة عن خلافات، "مش معقول أن توجد بيننا خلافات، تخلق أشياء قد تتطور إلى سوء تفاهم"، وقال إنه يقدر عبد الحليم، ووصفه بالمطرب الكبير المحبوب.

من جانبه قال العندليب إن الأطرش قضى حياته وصحته لتقديم الفن للناس، وإنه يشعر أن فن فريد من أهم ما ترك أثرا في الموسيقى العربية، ومن العجب أن تساوي الصحافة بينه وبين الأطرش لأنه من تلاميذه، ويمكن المقارنة بين الأطرش وعبد الوهاب لأنهما يلحنان ويغنيان، في حين أن العندليب مغن فقط.

يختلف النقاد حول شخصية العندليب، وعما إذا كان الغرور هو سبب خلافاته المتعددة مع نجوم الغناء العربي من أم كلثوم وفريد الأطرش ووردة وغيرهم، أم كان الأمر اعتزازه بنفسه وحرصه الشديد على البقاء في القمة، وأن يكون النجم الأول في عالم الغناء، مع استثناء موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من المنافسة، فقد اعتبره العندليب أستاذه دائما وأبدا.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية