الاحتلال يغتال "دمى" الأطفال في غزة.. الفن في مواجهة آلة القتل والتدمير

يعكف الخطيب وأعضاء فرقته على تصنيع دمى يدوياً من أجل الاستمرار في تقديم أنشطة ترفيهية تساعد الأطفال على التخلص من آثار الحرب.

‎⁨يصر نبيل الخطيب مع فريقه الفني والمسرحي على مواصلة رسالتهم وعدم الاستسلام لآلة القتل والتدمير الإسرائيلية (الجزيرة)

"إسرائيل قتلت ودمرت واغتالت حتى دمى الأطفال في غزة" هكذا وصف الفنان نبيل الخطيب الواقع الأليم الذي خلفته الحرب على غزة قبل أسابيع قليلة، حيث يرفض هو وفرقته المسرحية الاستسلام لما وصفها "سياسة القتل والتدمير الإسرائيلية".

وخسر الخطيب كل ما يملك جراء غارة جوية دمرت مقر "بيت الفن للتدريب الفني والإعلامي" وأمسك بدمية انتشلها من بين الركام، وقال متهكماً "هذا هو بنك الأهداف الإسرائيلي".

اغتيال دمى الأطفال

وقال الخطيب للجزيرة نت إنه أصيب بصدمة كبيرة لما لحق بمقر بيت الفن الذي أسسه العام 2007، مشرفا على 4 فرق فنية هي: مسرح الأطفال، مسرح الكبار، فريق إذاعي درامي، فريق "ستاند أب" كوميدي، يعمل بها نحو 30 فناناً وفنانة من الشباب.

ورغم هذه الصدمة، فإن الخطيب -وهو رئيس قسم الدراما بإذاعة الأقصى المحلية- نهض سريعاً واستعاد عافيته الفنية، وكتب عدة أعمال فنية توثق أحداث الحرب التي يطلق عليها الفلسطينيون "معركة سيف القدس".

وأكد أن قصف بيت الفن يمثل خسارة فادحة، ليس من ناحية مادية فقط وإنما الخسارة أكبر بفقدان أرشيف فني ثمين منذ أن بدأ طريقه الفني العام 1981.

وقال الفنان الفلسطيني "للوهلة الأولى عندما شاهدت حجم الدمار شعرت بالشلل، فقد خسرت تاريخي كله في لحظة غدر غاشمة، ومع ذلك سننهض من جديد ونواصل طريقنا نقاوم بالفن ونفضح جرائم الاحتلال".

واشتهر الخطيب في ثمانينات القرن الماضي ضمن "فرقة الشهداء الفنية" وكان أحد مؤسسيها، وكانت تمثل "الفن البديل" للفرق الموسيقية بالأفراح والمناسبات السعيدة، وتقدم ما يصفه الخطيب بالفن الهادف.

وقال الخطيب إن الاحتلال -الذي قتل الأطفال ودمر المنازل فوق رؤوس ساكنيها- لا يقيم وزناً للفن والقيم الإنسانية، ويحرص على بث الخراب واغتيال الابتسامة باستهداف المراكز الفنية والثقافية.

فوق الركام

وحرصاً منه على مواصلة طريقه، يعكف الخطيب وأعضاء فرقه الفنية على تصنيع دمى يدوياً في منازلهم من أجل الاستمرار في تقديم أنشطة فنية وترفيهية للتفريغ النفسي عن الأطفال يساعدهم على التخلص من آثار الحرب.

ولم يقعد دمار بيت الفن الخطيب طويلاً، فقد أنجز مسلسلاً درامياً بعنوان "رسائل السيف" يتناول فيه الحرب من ناحية اجتماعية، من دون أن يغفل الجوانب العسكرية وإنجازات المقاومة.

وكتب الخطيب عملاً فنياً آخر بعنوان "دكان أبو الفهد" من 3 أجزاء، يركز من خلاله على النواحي الإنسانية خلال الحرب، وأبرز فيه بصورة كوميدية قضية اتصالات مخابرات الاحتلال بأصحاب المنازل المستهدفة من أجل إخلائها وتدميرها.

وأوضح أنه يعمل حالياً على مسرحية بعنوان "رسالة إلى القاضي" من أجل عرضها في إجازة عيد الأضحى المقبل على "مسرح رشاد الشوا" وهو أكبر المسارح في غزة، توثق تعمد الاحتلال استهداف الفرق الفنية والمراكز الثقافية خلال الحرب.

‎⁨مقاتلة حربية إسرائيلية دمرت مقر بيت الفن في غزة (الجزيرة)

إرادة الحياة

وأكد الخطيب أن إسرائيل تمتلك أقوى ترسانة عسكرية للقتل والتدمير، واستخدمتها "بصورة مجنونة" وارتكبت المجازر وبثت الخراب في كل مكان، ولكنها لن تفلح في اغتيال "إرادة الحياة" لدى أهل غزة، الذين نهضوا ونفضوا عن أنفسهم غبار الحرب وعادوا للحياة والتعمير من جديد.

وقال "بالفن سنعزز من صمود أهلنا في غزة وإصرارهم على البقاء والحياة، وعدم الاستسلام لليأس والآلام رغم قسوة الحروب".

وتشير تقديرات رسمية إلى أن الحرب تسببت في دمار كلي وجزئي لحق بنحو 44 مؤسسة فنية وثقافية، وقد تجاوزت خسائرها 3 ملايين دولار، إضافة إلى خسائر الفنانين الأفراد والمقتنيات الفنية، والأماكن الخاصة بهم.

المصدر : الجزيرة