مسلسل "الأصدقاء".. حلقة لم الشمل المفعمة بذكريات الحنين والضحك والدموع

سيطر على الحلقة شعور هو خليط من الشجن والسعادة، منذ دخول الممثلين الستة إلى الأستوديو الواحد تلو الآخر

Matt LeBlanc, Matthew Perry, Jennifer Aniston, Courteney Cox and Lisa Kudrow appear (along with David Schwimmer) in the special Friends: The Reunion
أبطال مسلسل "الأصدقاء" في حلقة لم الشمل (مواقع التواصل الاجتماعي)

عُرضت منذ ساعات قليلة الحلقة المنتظرة "لم الشمل: مسلسل الأصدقاء" (Friends: The Reunion) على منصة "إتش بي أو ماكس" (HBO Max)، التي كانت متوقعة منذ عام تقريبا؛ أي عند افتتاح المنصة، ولكن كان وباء كورونا "كوفيد-19" والإجراءات الاحترازية سببا في هذا التأجيل الكبير، إلا أن ذلك لم يقلل من حماس المشاهدين ومحبي المسلسل، لتصبح سريعا الحلقة تريندا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

لم الشمل

عرض مسلسل الأصدقاء لمدة 10 سنوات في الفترة ما بين عام 1994 إلى 2004، حقق خلال هذا العقد نجاحا وشعبية لم يصل إليها أي عمل تلفزيوني سابق أو حتى لاحق، فأصبح ممثلوه الستة أصدقاء حقيقيين لملايين المشاهدين حول العالم، مع عدد مشاهدات ضخم، حيث وصل عدد مشاهدي الحلقة الأخيرة -عند عرضها في الولايات المتحدة أول مرة- إلى 52 مليون مشاهد.

ومع انتهاء المسلسل أعلن صناعه عدم العودة مرة أخرى إليه سواء في فيلم سينمائي أو بمواسم لاحقة، وهو ما كسر قلب الكثيرين، ولكن في ذات الوقت تقبلوا أن النهاية الدافئة التي قدمتها الحلقات الأخيرة لا يجب إفسادها بأي محاولة للإكمال.

ولذلك عند الإعلان عن حلقة لم الشمل تم التأكيد أكثر من مرة أنها لن تكون حلقة مكملة للأحداث، ولن تظهر فيها الشخصيات التي اعتدنا عليها من مونيكا وأخيها روس وزوجها تشاندلر وباقي الأصدقاء راتشيل وجوي وفيبي، إنما سيظهر الممثلون الستة بشخصياتهم الحقيقية؛ ديفيد شويمر ومات لي بلانك وماثيو بيري وكورتني كوكس وجينيفر أنيستون وليسا كودرو، وهو ما أحبط بعض محبي المسلسل بالتأكيد.

امتدت حلقة لم الشمل إلى ساعة و43 دقيقة، شملت عدة محاور رئيسية تم التنقل بينها عبر المونتاج، أولها عودة الممثلين إلى الأستوديو الأصلي الذي تم إعادة بنائه، واللقاء بينهم، وهو اللقاء الثاني الذي يجتمعون فيه معا مكتملين منذ نهاية المسلسل، والمحور الثاني هو حوار مع الممثلين، أما المحور الثالث فهو جلسة قراءة لمجموعة من أهم مشاهد المسلسل، حيث يستعيد الممثلون اللحظات القديمة ويعيدون تقديم المشاهد من جديد.

الشجن عنوان الحلقة

سيطر على الحلقة شعور هو خليط من الشجن والسعادة، وذلك منذ دخول الممثلين الستة إلى الأستوديو الواحد تلو الآخر، بداية من مشاعر الممثلين أنفسهم الذين لم يتقابلوا بشكل فعلي منذ مدة طويلة نسبيا، وثانيا أن المشاهد المعتاد لم ير الأستوديو بشكله الكامل من قبل، والذي يتكون من غرف مختلفة متقاربة من بعضها البعض، وعلى الرغم من أن هذه التفاصيل قد تؤدي إلى كسر الإيهام لدى محبي المسلسل؛ فإنها في الحقيقة عززت شعور الحنين.

 

ولكن في ذات الوقت لم تمثل الحلقة مجرد تلاعب بمشاعر المشاهدين المكرسين للمسلسل، بل قدمت العديد من المعلومات التي ربما لم يكونوا يعرفونها من قبل، مثل الفكرة وراء إنتاجه من الأساس، وتفاصيل اختيار الممثلين، والأجواء الخاصة بالتصوير، بل طريقة التصوير نفسها مع وجود المشاهدين بداخل الأستوديو أو المسرح كما يطلقون عليه، وهي تفاصيل قد لا يتخيلها بعض من مشاهدي المسلسل صغار السن نسبيا والذين لم يتعرفوا على طريقة تصوير هذه الأعمال في التسعينيات وبداية الألفية بوجود جمهور حاضر يتفاعل بشكل فوري مع الممثلين.

التصوير بهذا الشكل يمثل عبئا إضافيا على الممثلين الذين يواجهون نوعين من التمثيل؛ الأول التلفزيوني، مع الإعادات المختلفة للمشاهد عند الحاجة، والثاني المسرحي الذي يتطلب التواصل مع الجمهور في المسرح طوال الوقت.

وشرح هذه التفاصيل التقنية لم يكن ثقيلا خلال حلقة لم الشمل نهائيا؛ فقد تم مزجه مع الكثير من المشاهد المعاد تصويرها خلال المسلسل، وردود أفعال الممثلين بالوقت الحالي على هذه المشاهد.

ومن أفضل أجزاء الحلقة تلك التي تحدث فيها الممثلون بصراحة عن مشاعرهم خلال تصوير المسلسل؛ من حماس وحب وقلق وخوف من هذا النجاح الباهر، وكيف شكلت هذه السنوات العشر ليس فقط مستقبلهم؛ ولكن مشاعرهم ونضجهم، وتحولوا خلالها إلى أصدقاء حقيقيين.

لتأتي خاتمة الحلقة باستعراض الحلقة النهائية من المسلسل، وتوضيح كيف اختار صناعه هذا الوداع المؤثر والدافئ للغاية، والذي ترك المشاهدين مطمئنين على شخصياتهم المفضلة، وفي ذات الوقت كيف انعكست هذه النهاية على مشاعر الممثلين الذين بكوا في اللحظات الأخيرة كما بكت الشخصيات التي مثلوها على نهاية عقد كامل من حياتهم.

وكما قالت مارتا كوفمان -كاتبة المسلسل والمشاركة في فكرته الرئيسية- إن "هذا المسلسل عن ذلك السن الذي يصبح فيه الأصدقاء هم العائلة الحقيقية للشخص"، وفسرت بذلك نهاية المسلسل بأنها كانت المرحلة الطبيعية التي يجب أن تمر بها الشخصيات الست عندما بدؤوا يكوّنون هم بأنفسهم عائلاتهم الخاصة، ولذلك يتراجع دور الصداقة إلى الخلف قليلا، وتخيل الممثلون الستة المستقبلَ الذي مرت به هذه الشخصيات فيما بعد، فتربي مونيكا طفليها التؤام، ويتزوج روس وراتشيل وينجبان المزيد من الأطفال، وتستقر فيبي مع زوجها مايك وأطفالهما في كونيتيكت، بينما أضفى مات ليبلانك بشخصية جوي اللمسة الكوميدية بإعلانه أنه سيفتتح مطعما للشطائر التي اشتهر بتناولها في المسلسل.

 

حلقة لم الشمل حققت المراد منها، وجعلت المشاهدين يستعيدون ذكريات المسلسل الذي نضج الملايين خلال مشاهدتهم له، وفي ذات الوقت ستفتح الباب لإعادة مشاهدة المواسم العشرة، وربما -كما حدث منذ سنوات عند إعادة العرض على "نتفليكس" (Netflix)- سيكسب الأصدقاءُ المشاهدين من الأجيال الجديدة بسبب "لم الشمل".

المصدر : الجزيرة