4 أفلام درامية عائلية مؤثرة اكتسحت مهرجان صندانس السينمائي 2021

انتهى مهرجان صندانس ولم تنته عذوبة أفلامه.. 4 أعمال تستحق أن تمنحها فرصة المشاهدة

النجمة الشابة إميليا جونز تألقت بجاذبية وأداء مذهل لدور تطلب تعلم لغة الإشارة (مواقع التواصل الاجتماعي)

ها هو "مهرجان صندانس السينمائي" (Sundance Film Festival) 2021، يعيدنا إلى الدراما الصافية، المتعمقة في الإنسان وهمومه وأحلامه، وعيوبه وأخطاؤه، وانتصاراته وإخفاقاته، إلى حد اعتصار المشاعر.

لذا كان الفائز الأكبر هو فيلم الدراما العائلية المثيرة للدموع "كودا" (CODA) للمخرجة الأميركية سيان هيدر، الذي أدى شخصيات الصُمّ فيه ممثلون صُمٌّ بالفعل، وحصد 25 مليون دولار، بعد أقل من يومين من عرضه لأول مرة، محطما رقم مبيعات قياسيا من العام الماضي، ومقتنصا 4 جوائز من المهرجان.

كما نال فيلم "خلية نحل" (Hive) للمخرجة الكوسوفية بليرتا باشولي، 3 جوائز. كذلك فاز الفيلم الروائي الأول للكاتب والمخرج الأميركي أليكس كاميليري، "لوزو" (Luzzu)، والذي يلعب دور البطولة فيه صياد مالطي حقيقي.

أيضا تصَدّر العروض الأولى في المهرجان، الفيلم الدرامي الرائع والمثير للإعجاب، "ماس" Mass الذي وصفه الناقد السينمائي بيت هاموند بأنه "قطعة فنية تم تمثيلها بشكل مذهل".

"كودا"

فيلم دراما من إنتاج أميركي، نُعايش فيه تجربة روبي روسي (إميليا جونز)، وهي تقف على مفترق طرق في بوسطن، وسط عائلة جميع أفرادها من الصُمّ. فحتى وصولها إلى سن المراهقة، لم تكن ترى في حياتها أبعد من قارب الصيد، ووالدها فرانك (تروي كوتسور)، وشقيقها الأكبر ليو (دانيال دورانت)، ووالدتها، جاكي (مارلي ماتلين، الحائزة على جائزة الأوسكار).

ولكونها الشخص الوحيد الذي يسمع في العائلة، فقد وجدت نفسها الجسر الذي يصل الأسرة بعالم السمع، و"صوتهم" كلما دعت الحاجة إلى التفاعل مع أي أحد خارج مجتمع الصم.

وفي الوقت الذي تزداد فيه وظيفتها أهمية، لتعثّر ظروف أسرتها بسبب المنافسة الشرسة في الصيد، نكتشف أن مشكلة روبي ليس لها علاقة بالعائلة وأزماتها، وأن ما يشغلها حقا هو أنها تريد الغناء.

لتأخذنا الكاتبة والمخرجة سيان هيدر بشكل جميل، لمدة 111 دقيقة، إلى كل منعطف في حبكة الصراع الذي تعيشه روبي بين أحلامها والتزاماتها العائلية، ومشاعرها الرومانسية العفيفة.

في تسلسل مؤثر لعبت فيه موسيقى الفيلم دورا رئيسيا، بلغ ذروته بحضور العائلة الصماء حفلا موسيقيا غنائيا لابنتهم. وتألقت فيه النجمة الشابة إميليا جونز بجاذبية وأداء رائع ومذهل لدور صعب تطلب منها تعلم لغة الإشارة، وجسدت فيه براءة سنها بشكل أخاذ.

خلية نحل

ومن بوسطن إلى كوسوفو، حيث تصحبنا الكاتبة والمخرجة بليرتا باشولي لنشاهد بطلتها الناضجة المحاربة "فهريجيه"، التي تأبى أن يبتلعها النسيان بعد اختفاء زوجها في الحرب، متحدية مجتمعا ريفيا يخضع لتسلسل هرمي أبوي صارم، حتى أشعة الشمس فيه تبدو غير ودية.

فضمن تداعيات انتهاء حرب كوسوفو في عام 1999، تحكي باشولي على مدى 84 دقيقة قصة "فهريجيه" التي لعبت دورها الممثلة الكوسوفية يلكا غاشي، كواحدة من بين عشرات النساء اللائي فقدن أزواجهن خلال الحرب.

وبعد سنوات من بحثها في كل شاحنة تأتي مليئة بأكياس الجثث، دون أن تعثر على أثر لزوجها المفقود، تقرر فهريجيه البحث عن عمل للإنفاق على عائلتها، وهو ما يُنظر إليه في مجتمعها المنغلق باعتباره سلوكا غير أخلاقي، وعدم احترام للزوج المفقود.

لكن فهريجيه ثابرت حتى أنشأت مشروعا تجاريا، رغم معارضة الرجال الشرسة، وسرعان ما ظهر تأثير شجاعتها على بقية نساء القرية.

وفي مشهد مؤثر، تتذكر فهريجيه زوجها المفقود وكيف كان رجلا لطيفا، قام ببناء خلايا نحل لم يلدغه أبدا، موقنة أنه لو عاد كان سيقف بجوارها. في إشارة إلى أن جزءا من مأساة الحرب يكمن في خسارة رجال كانوا من الممكن أن يدعموا التغيير.

 

لوزو

ومن كوسوفو إلى مالطا، والفيلم النادر للكاتب والمخرج الأميركي المالطي أليكس كاميليري، الذي يشرح لنا على مدى 94 دقيقة، كيف يمكن أن تتسبب سياسات الاتحاد الأوروبي في تدمير البيئات المحلية، والعائلات التي تقتات منها. عبر محنة صياد شاب أصبح يجد صعوبة في كسب قوته، بسبب إلغاء أنشطة بحرية كانت مستقرة منذ أجيال، وأضحت فجأة على وشك الانقراض.

بعد إطلاق يد أصحاب سفن الصيد العملاقة لابتلاع البحر بما فيه من صيد وفير، وترك الفتات لأمثال المسكين جيسمارك (الصياد المالطي الحقيقي، جيسمارك شيكلونا). ليبيع أسماكه بأقل من قيمتها، أو يضطر لإلقائها في الماء بعد أن تموت بين يديه.

ليس هذا فحسب، بل ينتهي الأمر في مرحلة لاحقة بتخليه عن رخصة الصيد الخاصة به، لنشهد انقلابا هائلا في شخصيته وسلوكه وأفكاره وممارساته، بعد أن كان مجتهدا ومستقيما. في لقطة واحدة أشبه بلكمة سددها المخرج كاميليري لمسار السرد، حولت أحلام الصياد إلى أشلاء.

 

ماس

لننهي جولتنا مع الكاتب والمخرج الأميركي فران كرانز، الذي استطاع أن يحبس أنفاسنا بحواره المتدفق الممتد لما يقرب من ساعتين، عبر نقاش لا يمكن تصوره بين عائلتين، غيل (مارثا بليمبتون) وجاي (جيسون إيزاك)، والدا صبي مراهق قتل في إطلاق نار بالمدرسة. وريتشارد (ريد بيرني) وليندا (آن دود) والدا القاتل الذي انتحر بعد ذلك.

حيث يدعونا كرانز إلى الجلوس مع هؤلاء الأشخاص الأربعة في الغرفة نفسها، والقيام برحلة في أرواحهم، "في دراما نفسية حوارية شديدة الانفجار، اعتمدت على كتابة بارعة للغاية، تجعلك تشعر في النهاية أنك لمست جوهر شيء حقيقي"، بحسب وصف الناقد أوين غليبرمان.

فعندما يقع حادث مأساوي ومروع، كإطلاق نار في مدرسة، فإن غريزتنا الأساسية تتجه لمعرفة السبب وراء ما حدث، كي لا تتكرر الفاجعة مرة أخرى. فيكشف لنا كرانز أن الجاني يمكن أن يكون قوانين حيازة الأسلحة، أو المرض العقلي، أو ألعاب الفيديو، أو الأبوة غير المسؤولة، وربما كل هذا، دون أن يعطينا أية إجابات محددة أو نهائية.

المصدر : مواقع إلكترونية