انتقادات لمسلسل "آن بولين".. هل كانت زوجة هنري الثامن "سمراء"؟

المسلسل يسلط الضوء على الدور النسوي في حياة الزوجة الثانية للملك هنري الثامن، إذ غالبا ما تم تجاهل أهميتها التاريخية بسبب وفاتها الوحشية

لا يمكن الجزم بفشل جودي تيرنر قبل عرض المسلسل (مواقع التواصل الاجتماعي)

تعمل القناة الخامسة البريطانية على تنويع محتواها الدرامي بمسلسل جديد يركز على قصة "آن بولين" الزوجة الثانية للملك هنري الثامن، خاصة تلك الأشهر الأخيرة من حياتها قبل قطع رأسها.

المسلسل -الذي صنفه المنتجون دراما نفسية تعتمد على الإثارة- جاءت أصداؤه مبكرة، حتى أنها سبقت عرضه، وذلك مع نشر الصور الأولى من المسلسل المرتقب واختيار جودي تيرنر سميث "السمراء" لأداء دور الملكة "البيضاء".

آن بولين المغدورة

يسعى المنتجون لتسليط الضوء على الدور النسوي في حياة "آن بولين" الزوجة الثانية للملك الإنجليزي هنري الثامن التي غالبا ما يتم تجاهل أهميتها التاريخية بسبب وفاتها الوحشية، إلا أن بصمتها في تاريخ المملكة لا تمحى، فكانت أحد الأسباب الرئيسية للإصلاح الإنجليزي، وأم الملكة إليزابيث الأولى.

كانت بولين الابنة البيضاء للنبلاء الإنجليز، والداهية السياسية، صاحبة العلاقات الدبلوماسية خارج المملكة، والمثقفة التي تحالفت مع الإصلاحيين البروتستانت في الكنيسة ضد ما يسمى شرور الكاثوليكية الرومانية.

تزوجها هنري رغما عن إرادة الكنيسة في عام 1533 بعد ادعائه ببطلان زواجه من كاثرين آراغون التي فشلت في إنجاب وريث ذكر، لكنه في النهاية لم يكن زواجا سعيدا بعد فشل بولين في إنجاب وريث ذكر هي الأخرى.

أثار تحدي بولين قواعد المجتمع الأبوي غضب الملك وحاشيته بسبب رغبتها في مساواة ابنتها بالذكور، وأضاف إلى غضبه منها إجهاضاتها المتكررة للأجنة الذكور، فاتهمها بالتآمر على الملك وسفاح القربى والسحر حتى أمر بإعدامها، وقطع رأسها بعد 4 أيام في البرج الأخضر بلندن عام 1536، بعد كفاحها من أجل البقاء وتأمين مستقبل ابنتها قبل تنفيذ الحكم.

تركت بولين علامة أخرى في التاريخ الإنجليزي، وهي ابنتها إليزابيث التي توجت ملكة عام 1558 لتعيد ذكرى والدتها وأمجادها، حتى أصبحت بولين مبجلة كشهيدة وبطلة للإصلاح الإنجليزي.

وصفت الملكة آن بولين بأن لديها شعرا أسود ووجها بيضاويا وبشرة شاحبة مرهقة (مواقع التواصل الاجتماعي)

لماذا جودي تيرنر؟

يعيد هذا المسلسل تأطير قصة "آن بولين" على أنها قصة إثارة نفسية قوية، يتم سردها من منظور جديد، من إنتاج شركة "فابل بيكتشرز" "(Fable Pictures) المدعومة من تلفزيون "سوني بيكتشرز".

يحوي طاقم التمثيل أفضل المواهب مثل أماندا بيرتون، وبابا إيسيدو، وثاليسا تيكسيرا، وعلى رأسهم البطلة جودي تيرنر سميث، وكما تم وصف "آن بولين" بأنها "تتحدى التقاليد" كذلك تفعل مخرجة المسلسل ومنتجوه باختيار جودي، الأمر الذي سيقدم تجربة مختلفة للقصة التي تم تقديمها عدة مرات من قبل.

تم اختيار جودي كأول ممثلة سمراء تلعب دور الزوجة الثانية لهنري الثامن، في محاولة لتحدي المعهود، وبعد إثارة اتهامات بـ"الغسيل الأسود" أو غسيل الدراما العالمية ليدها بعد عقود من سيطرة البيض دافعت لينزي ميللر (مخرجة المسلسل) عن قرار منح الدور لممثلة سمراء بأن مسلسلها يتحدى جميع الأعراف كآن بولين، ويسلط الضوء على الدور النسوي للملكة، مما يجعل جودي مثالية للدور، فداخلها ملكة غير مصطنعة، ولديها شعور عميق بالكرامة، وهو ما ظهر خلال التصوير.

قالت جودي عن توليها الدور الأيقوني بالمسلسل إن هناك الكثير في قصة بولين يمس الصراعات الحديثة، وهو شيء تشعر به بصفتها امرأة سمراء، فيظهر دورها مدى ضآلة التغيير لصالح النساء، ورغبة المجتمع في تحجيم قوتهن.

تأثرت جودي المولودة في بيتربورو لأبوين جامايكيين بنقاط القوة الهائلة لدى "آن بولين" أثناء بحثها عن قصتها ومن خلال صفحات السيناريو، وتعتقد أن المسلسل سيحول أسطورة هذه الملكة الموصومة والأم الشرسة في كتب التاريخ إلى قصة إنسانية عميقة لا تزال قضيتها ذات صلة حتى اليوم، كما تتطلع جودي لمتابعة تأثير وجهة النظر الجريئة لسقوط هذه المرأة الأيقونية، وواحدة من أكثر الملكات إثارة للجدل على الشاشة.

التنوع مقبول دائما.. مرفوض أحيانا

اعتقد النقاد الفنيون أن هناك فكرة خاطئة واسعة الانتشار مفادها أن "التنوع" يعني أداء المواهب الملونة قصص البيض، وإغفال أن الأهم من ذلك هو تنويع القصص التي نرويها بحسب صحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية، فقصة بولين مكررة على الشاشة، وهناك الكثير من الملكات غير البيض لديهن قصص قوية لا يعرفها سوى القليل من الناس، مثل رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر من 1828 إلى 1861 التي قطعت العلاقات مع القوى الأوروبية ونظمت انقلابات، وكذلك الملكة أروى التي حكمت اليمن منذ عام 1067 حتى 1138.

ورغم وجاهة الرأي فإن ذلك لا يمكنه القطع بفشل جودي من قبل عرض المسلسل، فكما جاء بصحيفة ديلي تلغراف (The Daily Telegraph) وصفت الزوجة الثانية لهنري في السجلات التاريخية بأن لديها شعرا أسود ووجها بيضاويا وبشرة شاحبة مرهقة، دون الإشارة إلى درجة جمالها أو لون بشرتها، ليبدو أن جمالها في عالم آخر بعد قرون سيغدو تجسيدا لجوهر واحدة من أكثر الشخصيات مأساوية في التاريخ البريطاني، ذلك هو جمالها الحقيقي الذي يسعى المسلسل لتجسيده بعدما أصبحت الأهمية الحقيقية للتمثيل ولجوهر شخصية بولين.

وأضاف بعض المؤثرين على منصة تويتر ممن رحبوا باختيار جودي أن لون بشرة بطلة المسلسل لن يؤثر على قصة "آنا بولين"، فقد تم تجسيدها في لوحاتها فقط على أنها بيضاء البشرة، لكن ذلك لم يؤثر على حياتها في شيء، عكس شخصيتي مارتن لوثر كينغ، وروزا باركس اللتين يجب أن يقوم بهما ممثلون بنفس بشرتهما، لتجسيد دورهما في الدفاع عن حقوق ذوي البشرة السمراء.

المصدر : مواقع إلكترونية