"عين الصقر" تجمع حضارات مصر والهند بمتحف الفن الإسلامي بالدوحة
افتتح متحف الفن الإسلامي بالدوحة، في الثاني من أغسطس/آب الحالي، معرضا خاصا بعنوان "عين الصقر: في ذكرى الشيخ سعود آل ثاني"، ويضم أعمالا فنية استثنائية وقطعا أثرية اقتناها الشيخ سعود آل ثاني (1966-2014)، بوصفه مقتنيا شغوفا، وأيضا نيابة عن دولة قطر.
شغل الشيخ سعود منصب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث في قطر بين عامي 1997 و2005، وتنوعت معارفه واهتماماته بين الحفاظ على الحياة البرية وتاريخ التصوير والآثار المصرية القديمة والعمارة الحديثة والأحجار الكريمة والمجوهرات، خاصة المنتمية للخليج العربي والعصر المغولي في الهند، والفنون المعاصرة.
ويضم معرض عين الصقر، الذي يستمرّ حتى 10 أبريل/نيسان 2021، ما يقرب من 300 قطعة، بعضها لم يسبق عرضها من قبل للجمهور. ويمتد تاريخ القطع المعروضة من العصر الهولوسيني ما قبل التاريخ، وحتى مطلع الألفية الحالية، وتتسع رقعتها الجغرافية من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى الخليج العربي والصين.
ويُعرَض هذا العدد الهائل من القطع في شكل مجموعات، لكل منها عنوان منفصل على نحو يستحضر إلى الأذهان ما يُسمى "حُجر العجائب"، وهي غرف مخصصة لجمع المقتنيات عُرفت قديمًا قبل إنشاء المتاحف الحديثة، وكان الشيخ سعود مولعا بها.
وسيغطي المعرض كامل مساحة قاعة العرض المؤقتة في الطابق الأول من متحف الفن الإسلامي، التي سيُطلق عليها اسم الشيخ سعود تكريما له، كما تُعرَض بعض القطع في قاعات العرض في الطابق الرابع وفي شرفة المتحف، هذا إلى جانب عرض مجموعة صغيرة من القطع في الصالات المخصصة للمجموعة الدائمة في متحف الفن الإسلامي.
وقالت الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر "كان حُب الشيخ سعود لجمع الفنون جارفا وفضولُه تجاهها ليس له حدود، واجتمع لديه هذا الولع بالفنون مع التفاني والالتزام بتطوير المصادر الثقافية والتعليمية لدولة قطر خدمةً لصالح المجتمع، في وقت لم تكن تأسَّست فيه متاحف قطر بعد. وقد نجح الشيخ سعود في مهمته نجاحًا ملحوظا، تاركا لبلاده إرثا نفيسا. ويسر متاحف قطر أن تحتفي بالشيخ سعود من خلال هذا المعرض المبهر".
من جانبها، قالت مديرة متحف الفن الإسلامي الدكتورة جوليا غونيلا "يسعدنا احتضان متحف الفن الإسلامي معرض عين الصقر المخصص للاحتفاء بالشيخ سعود آل ثاني، ليس لأن الشيخ سعود كان له دور بالغ الأهمية في جمع مقتنيات متاحف قطر فحسب، بل الأهم من ذلك أن شغفه الكبير بجمع الفنون كان مقترنا إلى حد كبير بالتطلُّع الروحي؛ فقد كان ذا نفس يحركها جمال الطبيعة وعجائبها ويدهشها تنوع الإبداع الإنساني الذي لا حدود له. ونأمل أن نشارك زوار معرضنا هذه المتعة الروحية".
وتتضمن الأقسام الرئيسية للمعرض:
· شغف بالطبيعة: ومن محتويات هذا القسم هيكل عظمي كامل لحيوان الجليبتودون (حيوان ثديي مدرع ضخم ينتمي لعصور ما قبل التاريخ)، وهيكل عظمي لطائر تيرانودون، والطبعة الأولى من كتاب طيور أميركا للفنان جون جيمس أودوبون، ومجلدات من معجم المصطلحات لعالم الطبيعة من تأليف جامع المقتنيات الهولندي ألبرتوس سيبا من القرن 18، وعينات جيولوجية، منها حجر جمشت عملاق، وصور فوتوغرافية التقطها ريتشارد أفيدون للشيخ سعود وأخرى تصور الحياة البرية في محميته الطبيعية "الوبرة".
· شغف بعلم المصريات: ومن محتويات هذا القسم منحوتات تتعلق بالملك الفرعوني أخناتون وأقاربه خلال فترة حكمه في تل العمارنة، وتابوت حجري ومومياء، ومتعلقات جنائزية، وأعمال لمؤسس علم المصريات الحديث جان فرانسوا شامبليون، ولوحات ورسوم لمصر للفنان البريطاني ديفيد روبرتس، الذي عاش في القرن 19.
· شغف بعوالم أثرية أخرى: ويحتوي هذا القسم على أعمال مذهلة تعود لعصر ما قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، والعصر ما قبل الكولومبي في أميركا الجنوبية، والحضارات اليونانية والرومانية والآشورية، وتشمل أعمالا زجاجية وفسيفساء ومنسوجات ومنحوتات من المعادن والأحجار النفيسة.
· شغف بالذهب والمجوهرات: ويضم مشغولات ذهبية من العصر الآشوري والعصر ما قبل الكولومبي في أميركا الجنوبية ومجوهرات من العصر المغولي في الهند.
· على طاولة المقتني: ويشتمل هذا القسم على روائع خزفية فرنسية نادرة تعود إلى القرن 16 من المجموعة الأسطورية لكونتيسة بيهاغ، ولوحات استشراقية لعدد من الفنانين، منهم لودفيغ دوتيش (1855-1935) وجان ليون جيروم (1824-1904)، ومشروعات معمارية حديثة للدوحة تم إعدادها بتكليف من الشيخ سعود، وصورة بورتريه بالألوان المائية للشيخ سعود بريشة الفنان ديفيد هوكني 2002.
· شغف بالتصوير الفوتوغرافي: ويحتوي هذا القسم على مختارات من إحدى أكبر مجموعات الصور الفوتوغرافية والكاميرات في العالم، والتي يمتد تاريخها من ثلاثينيات القرن 19 حتى وقتنا الحاضر، وتضم معدات تاريخية وروائع قديمة من الصور الفوتوغرافية، إلى جانب مجموعة من صور الشيخ سعود التقطها له المصور فرانسوا ماري بانييه.
يذكر أن أمين معرض "عين الصقر" هو الدكتور أوبير باري استشاري الشؤون المتحفية في متاحف قطر، والدكتورة منية شخاب أبو دية، أمينة متحف الفن الإسلامي لشمال أفريقيا وأيبريا.