"حارس القدس".. أول مسلسل عن حياة المطران المناضل هيلاريون كابوتشي

"حارس القدس".. أول مسلسل عن حياة المطران هيلاريون كبوتشي(يوتيوب)
لقطة من المسلسل الذي يتناول حياة المطران هيلاريون كابوتشي (يوتيوب)

نهى سعد

على عكس بعض الأعمال الدرامية في السباق الرمضاني التي تطرح فكرة التطبيع مع إسرائيل، يعرض المسلسل السوري "حارس القدس" الذي يتناول قصة حياة المطران هيلاريون كابوتشي، رجل الدين السوري الذي أفنى حياته دفاعا عن القدس والقضية الفلسطينية حتى اعتقلته السلطات الإسرائيلية وتمت محاكمته وسجنه ثم نفيه ومنعه من دخول فلسطين حتى مماته.

يتميز المسلسل بكونه العمل الفني الأول في العالم العربي الذي يجسد شخصية رجل دين مسيحي، ليحكي عن الفترة التاريخية التي عاشها المطران بين حلب ولبنان والقدس وروما، وأهم الأحداث التي عاصرها ومواقفه الوطنية.

بدأت فكرة المسلسل بعد وفاة المطران بأيام، عندما تواصلت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي مع الكاتب حسن يوسف لإنتاج مسلسل يجسد حياة المطران. وافق يوسف واشترط أن يخرج المسلسل باسل الخطيب، وهو ما تحقق بالفعل، وشارك فيه 28 ممثلا رئيسا أبرزهم: رشيد عساف الذي قام بدور المطران، وصباح الجزائري التي قامت بدور مساعدة المطران، وأمل عرفة وسامية الجزائري وسليم صبري وإيهاب شعبان.

38 عاما ممنوع من النشر
وتحدث الكاتب حسن يوسف في لقاء تلفزيوني عن الصعوبات التي واجهها أثناء كتابة المسلسل بسبب قلة المعلومات، وقال إنه خلال رحلة بحثه فوجئ بأن قصة حياة المطران كتبها بالفعل الصحفيان سركيس أبو زيد وأنطوان فرنسيس، اللذان جاءا للمطران في روما عام 1979 بعد إطلاق سراحه، وكتبا قصة حياته في كتاب من 500 صفحة باسم "ذكرياتي في السجن".

لكن وقتها طلب المطران منهما ألا ينشرا الكتاب بعد تعرضه لضغوط من الفاتيكان، وطلب أن يتم نشره بعد وفاته. وفي عام 2017 -وقت عمل حسن على كتابة المسلسل- لم يكن الكتاب قد نشر بعد، ولكنه تمكن من الوصول للكاتبين وأرسلا إليه نسخة إلكترونية منه قبل نشره، ليعتمد عليه في كتابة المسلسل.

نضال المطران كابوتشي
ولد المطران كابوتشي في 2 مارس/آذار 1922 بمدينة حلب، واسمه جورج. فقد والده وهو في الخامسة من عمره، ثم التحق بالمدرسة وهو في الثامنة من عمره بلبنان وأتم تعليمه الأساسي، ثم انتقل إلى فلسطين ليدرس في دير القديسة آن في القدس.

وخلال السنوات التي قضاها بالقدس، شهد المطران العديد من الانتهاكات في حق الشعب الفلسطيني، ومنها تفجير فندق الملك داود في القدس عام 1964 الذي شهده بعينه وكان له تأثير كبير في حياته.

عاد بعدها إلى لبنان واختار لنفسه اسم هيلاريون، تيمنا بهيلاريون الناسك الذي عاش في غزة قبل 1800 سنة، وهو ما يوضح الرابط الروحي للمطران بفلسطين.

انتخب كابوتشي مطرانا للقدس ونائبا بطريركيا لكنيسة الروم الكاثوليك عام 1965، وانتقل للعيش في القدس، واستغل مكانته لصالح القضية الفلسطينية.

وكان 5 يونيو/حزيران 1967 نقطة تحول في حياته، عندما هاجمت إسرائيل مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء وغزة والضفة الغربية والجولان، ودخل جيش الاحتلال القدس، إذ شهد المطران على ما فعلته قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، وشاهد الجثث التي ملأت الشوارع، ودفن منها 400 جثة بنفسه وصلى عليهم رفقة الشيوخ.

ولم يكن المطران يحث على المقاومة فقط، فقد ذكَر في مذكراته أنه بعد احتلال القدس بثلاثة أيام ضرب بنفسه جنديا إسرائيليا بالعصا عندما بصق عليه الجندي، وقال "اقتنعت أن هؤلاء الغزاة لا ينفع معهم إلا السوط، ولا بد من العنف لكسر شوكتهم وشراستهم".

عاش المطران رافضا لأي تعاون مع إسرائيل، وقاطع المناسبات البروتوكولية، ولذلك اعتقلته في 18 أغسطس/آب 1974 بتهمة تهريب السلاح للمقاومة، وحكم عليه بالسجن 12 عاما، ولكنه قضى منها 3 سنوات و3 شهور فقط، وأطلق سراحه بعد تدخل من البابا بولص السادس بابا الكنيسة الكاثوليكية ومفاوضات من بابا الفاتيكان مع الاحتلال استمرت شهورا، وأطلق سراحه من سجن الرملة في 1977 ولكن بشروط منها أن يكون بعيدا عن فلسطين.

تألم المطران لفراقه للقدس وأهلها، ولكنها استكمل نضاله واستغل علاقته بالفاتيكان للتنديد بما يقوم به الجيش الإسرائيلي في فلسطين، وظلت أمنيته العودة للقدس حتى مماته، ولكنه لم يتوقف وقدّم كل ما يستطيع من أجل القضية الفلسطينية.

تضامن المطران مع حملات رفع الحصار عن قطاع غزة وشارك في أسطول الحرية عام 2009 لنقل المساعدات الغذائية للقطاع، وكان أيضا على متن سفينة مرمرة التركية التي انطلقت لكسر الحصار عن القطاع في عام 2010 وهاجمتها القوات الإسرائيلية.

موقفه من الربيع العربي
رغم حياة المطران المليئة بالمواقف النضالية، فإنه أعلن رفضه لثورات الربيع العربي ودعم النظام السوري، وهو ما يظهر في الدقائق الأولى من المسلسل عندما يتلقى اتصالا هاتفيا يبلغه بـ"تحرير حلب"، ويعبّر المطران عن فرحته بهذا الخبر وتظهر الاحتفالات في الشوارع حاملة أعلام النظام.

توفي المطران كابوتشي في 1 يناير/كانون الثاني 2017 عن عمر يناهز 94 عاما في العاصمة الإيطالية روما، ودفن بلبنان.

المصدر : الجزيرة