كيف ابتكر الممثلون الأتراك طرقا جديدة لتصوير المسلسلات أثناء الحجر المنزلي؟

أبطال المسلسل التركي " سكان الحي الراقي الجدد" (مواقع التواصل )
أبطال المسلسل التركي "سكان الحي الراقي الجدد" (مواقع التواصل)

زاهر البيك-أنقرة

في ظل تدابير الوقاية من وباء فيروس كورونا، أوقفت جميع المسلسلات التركية عمليات التصوير، ورغم إيقاف التصوير في مدن الإنتاج الفني، فإن بعض المسلسلات استمرت بالعمل والعرض.

وابتكرت طواقم عدد من المسلسلات التركية طريقة جديدة لمواصلة تصوير الحلقات، في ظل استمرار الحجر المنزلي الطوعي في البلاد، حيث يجري تصوير الحلقات الخاصة هذه عبر كاميرات الهواتف المحمولة للممثلين أثناء وجودهم في منازلهم.

وقد استمرت مسلسلات "الثمانينات، قم لنذهب، سكان الحي الراقي" في العرض، مما أثار اهتمام المشاهدين داخل وخارج تركيا، كما خصصت هذه المسلسلات حلقات خاصة تناولت موضوع فيروس كورونا المستجد.

وكانت هيئة الفن التلفزيوني والسينمائي قد أصدرت قرارا بوقف تصوير جميع المسلسلات والأفلام السينمائية كإجراء احترازي من فيروس كورونا، والبقاء في المنزل حفاظا على السلامة العامة.

رسائل الممثلين
وفي آخر حلقات مسلسل "التفاحة الممنوعة" قبل وقف عرضه مؤقتا، تظهر بطلة العمل في أحد المشاهد في سيارة الأجرة وهي تستخدم المعقم وتتمنى ألا تكون قد أصيبت بفيروس كورونا، ويعتبر هذا المشهد هو الأول في الدراما الذي يتطرق لفيروس كورونا بعد ظهوره بتركيا.

وتطرق مسلسل "الطبيب المعجزة" في إحدى حلقاته إلى انتشار فيروس خطير، من دون أن يذكر أنه كورونا، إذ يصل إلى تركيا من طريق أحد المسافرين القادمين من شرق آسيا.

أما في المسلسل التاريخي "السلطان عبد الحميد" فتم تعقيم موقع التصوير كإجراء وقائي قبل إيقاف التصوير مؤقتا فيه.

ونشرت الممثلة إيتشا توران (بطلة في مسلسل "زمهرير") صورة لها عبر "إنستغرام" وهي برفقة زملائها في العمل يضعون الكمامات، وكتبت "التصوير في زمن كورونا".

وكانت الممثلة مريم أوزرلي نشرت صورة لها على "إنستغرام" أثناء وضعها الكمامة في الطائرة، ودعت إلى عدم وضع اليد على الوجه.

أما الممثلة بورجو أوزبيراك، فقد نشرت صورة لها تضع الكمامة حيث كانت في مكان مزدحم وكتبت "احرص على أخذ الحيطة عند دخولك في الازدحام".

تحديات كورونا
وخصص فريق تصوير المسلسل الكوميدي "سكان الحي الراقي الجدد" حلقات خاصة تناولت مواضيع تتعلق بفيروس كورونا وأهمية التدابير المتخذة من أجل منع انتشار المرض، وكيفية قضاء المواطنين أوقاتهم في المنزل.

المسلسل من تأليف الكاتبة كولسه بيرسل وإنتاج مؤسسة "مركز بشيكطاش الثقافي" ويتناول مواضيع اجتماعية مختلفة بطريقة كوميدية، وتم تصوير الحلقات عبر كاميرات الهواتف المحمولة لممثلي المسلسل، خلال وجودهم في منازلهم.

وفي معرض تعليقها على الأمر، قالت مؤلفة سيناريو المسلسل الكاتبة كولسه بيرسل "إن الحلقات الخاصة التي جرى تصويرها من منازل الممثلين كل على حدة علمتنا الكثير من التجارب الجيدة، لم نكن نمتلك الكثير لفعله من أدوات تجسيد الكوميديا مثل الإيماءات الجسدية والمشي والجري، فقد كان علينا العمل انطلاقا من صورة ثابتة أحادية الزاوية".

وأضافت في تصريحات صحفية "واجهتنا صعوبة في تحويل منازلنا إلى مراكز لتصوير الحلقة، حيث طلبت من جميع الممثلين التقاط صور لمنازلهم، وفي البداية بدا من المستحيل القيام بهذا العمل، لأن 11 شخصية مشاركة في المسلسل تعيش في أماكن مختلفة، لكن الجهود التي بذلها الممثلون وبعض المصادفات الجيدة جعلتنا نتغلب على العوائق الفنية".

ولفتت مؤلفة السيناريو إلى أن عملية التصوير من منازل الممثلين، بسبب التزامهم بتدابير الوقاية، كانت حقا مثيرة وممتعة وتجربة فريدة.

بدوره، قال الممثل جنكيز بوزقورت في تغريدة له بموقع تويتر "عندما طرحت فكرة الحلقات -التي تعتمد على تصوير الممثلين المشاهد بأنفسهم ومن منازلهم- أقمت خيمة في حديقة منزلي ووفرت حلا عمليا في بعض المشاهد، وقلت لنفسي إن هذه الفكرة نادرة من نوعها ولا تتكرر وأعتقد أن العمل الذي قمنا بإنجازه كان فريدا على المستوى العالمي".

تجربة مثيرة
وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية الفن والأدب محمد أويماك "بعد قرار هيئة الفن التلفزيوني والسينمائي وقف تصوير جميع المسلسلات، ابتكر بعض المنتجين طريقة فريدة من نوعها بتصوير الممثلين مشاهد معينة من بيوتهم بهواتفهم النقالة، ورغم فارق الجودة الكبير في التصوير والسيناريو فإنها حققت نسبة مشاهدات كبيرة ولاقت استحسان المتابعين في ظل حجرهم المنزلي".

واعتبر أويماك استمرار المسلسلات تجربة مثيرة للاهتمام لاسيما في ظل مشاركة الممثلين دون استخدام المكياج والتصوير الاحترافي، خاصة أنها "تطرقت لمواقف حدثت أو تحدث معنا جميعا في ظل ما نعيشه من أجواء" بسبب التدابير المتخذة لمنع انتشار الفيروس.

وأضاف للجزيرة نت "أثناء دراستنا، درسنا عمليات التصوير الذاتي، إلا أن هذا ظل نظريا في ظل عدم خوض غمار تجربة حقيقية في هذا المجال، وهنا تكمن أهمية هذه الحلقات التي وفرت إمكانية تطبيق المعلومات النظرية في عمل حقيقي".

وتابع أويماك "نشعر بالسعادة لأن بعض طواقم المسلسلات لم نقف مكتوفة الأيدي في ظل هذه الجائحة، ولقد حول الممثلون منازلهم إلى منصات تفتح أبوابها أمام قلوب الجمهور". 

وأعرب عن أمله أن تكون الحلقات المنتجة في بيوت الممثلين قد نجحت في بث روح الفرح والأمل والمعنويات العالية في نفوس المشاهدين، لاسيما وأنها اعتمدت فنيا على جهود فردية عالية المستوى من المشاركين من ممثلين وكوادر فنية، حيث يجري التواصل بين أعضاء الفريق المشارك عبر الإنترنت.

المصدر : الجزيرة