عابد فهد ينجو بـ"هوس" من فخ الملل.. 11 حلقة من التشويق

الممثل عابد فهد (مواقع التواصل)
يؤدي عابد فهد شخصية مركبة في مسلسل "هوس" (مواقع التواصل)

لمياء رأفت

يستقبل المشاهد العربي جرعة مكثفة من الدراما في شهر رمضان الحالي عبر الشاشات المختلفة ومنصات العرض الخاصة، وجاء مسلسل "هوس" كواحد من الأعمال المنافسة في 2020.

المسلسل من تأليف ناديا الأحمر، وإخراج محمد لطفي، وبطولة عابد فهد وهبة طوجي في دورها الأول كممثلة.

جرعة التشويق
على عكس المسلسلات الأخرى التي تعرض حتى الآن في شهر رمضان، قدم مسلسل "هوس" دفعة واحدة من 11 حلقة، عرضت على منصة "جوي تي في".

جاء العرض بهذه الطريقة مناسبا لنمط المسلسل نفسه الذي يحمل قدرا كبيرا من التشويق والإثارة، فيستهل أحداثه ببداية رومانسية حول الطبيب زياد العاشق لزوجته راما، ولكن تتعرض الأخيرة لحادث سيارة يدخلها في غيبوبة عميقة، ويبدأ في اكتشاف أسرار حول راما في ذات الوقت الذي يتعامل بصورة هوسية مع غيابها، فيشيع أنها توفيت ليستأثر بوجودها له وحده، وفي ذات الوقت نتعرف على لانا التي تدخل حياة زياد فتملؤها بمزيد من الفوضى.

جاء عنوان المسلسل متوافقا مع شخصياته الثلاث الرئيسية، زياد وراما ولانا، كل منهم يعاني من الهوس بصورة ما، فزياد مهووس بزوجته شبه الراحلة، وراما بحياتها العائلية المستقرة التي جعلتها تتخذ خيارات صعبة، ولانا المهووسة بالتخلص من كل ما يذكرها بماضيها الحزين، والعلاقة السيئة التي تجمعها بأبويها اللذين انفصلا في صغرها، مما يجعلها تذهب إلى طبيب التجميل زياد حتى يغير من ملامح وجهها لتلفظ حياتها القديمة.

يفاجئ سيناريو مسلسل "هوس" المشاهد بكسر توقعاته بصورة مستمرة، خاصة بأفعال طبيب التجميل زياد الذي اتخذ القرارات المهووسة المرة تلو الأخرى، ليثبت لزوجته شبه الراحلة محبته المستمرة لها، وحتى عندما يتوقع المتفرج قيام زياد بتغيير ملامح لانا لتشبه زوجته، يتفاجأ بردود أفعال لانا نفسها التي تعقد الأمور.

كما تعمدت كاتبة المسلسل ناديا الأحمر خداع المشاهد مرات عديدة، حتى يختلط عليه الأمر للحظات بين الحقيقة وخيال زياد المريض، وهو ما يزيد من الإثارة والتشويق في الحبكة.

أولى تجارب هبة طوجي
بدأت هبة طوجي مسيرتها الفنية بدور في إحدى مسرحيات "الرحبانية" الغنائية، ولكنها حصدت الشهرة بعد اشتراكها في برنامج "ذي فويس" بنسخته الفرنسية، ثم العمل في الدوبلاج الصوتي مع الشركة العالمية "ديزني"، لكن تجربة التمثيل لم تخضها قبل مسلسل "هوس".

جاء أداء طوجي في المسلسل مذهلا على كثير من الأصعدة، فهي لم تقدم فقط أداء مناسبا لشخصيتها في المسلسل، بل وضعت في اختبار صعب حيث كان عليها تمثيل شخصيتين متناقضتين مثل الليل والنهار.

بدأت طوجي المسلسل بالشخصية المعقدة للزوجة راما، المرأة التي تستشعر نذر الشر عبر الأحلام وقراءة الفنجان، وتختلط بداخلها الكثير من مشاعر الحزن على وفاة والدتها، والعشق الشديد لزوجها، والقلق والترقب لمأساة قادمة، مع محاولة حثيثة لإخفاء سر كبير عن زوجها.

على الجانب الآخر، شخصية لانا المضطربة بحق، ذات الماضي المعقد، فهي على علاقة سيئة بوالدتها التي تركتها وهي طفلة لوالدها حتى تحصل على حريتها بالطلاق، وتعيش الآن مع الأم وتحاول في لحظة يأس إشعال النار في المنزل، فتصاب بحروق في وجهها، تجعلها تحقد على الأم الجميلة على عكسها.

وعلى الرغم من أن دور راما ينتهي تقريبا بإصابتها في الحادث، فإن ظهورها عبر استرجاع المشاهد "الفلاش باك"، جاء لدعم الفارق الكبير بين الشخصيتين.

ولم تكتف هبة طوجي باستخدام المكياج أو العدسات الملونة لإظهار الفرق بين راما ولانا، وإنما اضافت عليها أداءها لكل من الشخصيتين، سواء راما بهدوئها الشديد، أو لانا بشخصيتها العصابية العنيفة.

على الجانب الآخر جاء أداء عابد فهد لشخصيته المعقدة للغاية مميزا، فهو يبدو من الخارج هادئا لطيفا طوال الوقت، ولكن بداخله بركان من المشاعر المتداخلة والمعقدة التي تجعله يقوم بأفعال قد لا تبدو منطقية إلا له وحده.

رهان الحلقات الرابحة
وبعدا تجاوز شهر رمضان الكريم منتصفه، والمسلسلات كذلك، نجد آفة المسلسلات العربية الشهيرة تظهر وهي الالتزام بعدد الثلاثين حلقة لحبكات تنتهي أحداثها بصورة فعلية بعد عشر حلقات، مما يؤدي إلى الكثير من المط والتطويل ومحاولة فرض خطوط فرعية غير لازمة، يتبعها المخرجون فقط لتصوير المزيد من المشاهد وعرضها طوال شهر رمضان.

ولكن مسلسل "هوس" تجاوز هذه الأزمة بعدد حلقاته المحدود منذ البداية، ولذلك ركزت الأحداث فقط على الشخصيات الثلاث الأساسية زياد وراما ولانا، مع خطين فرعيين فقط لكل من لانا وراما، الأول مع عائلتها، والثاني مع زوج والدتها المتوفاة الذي يرغب في الاستيلاء على ميراثها، مما أضاف المزيد من الإثارة على الأحداث، والأهم أنه قدم للانا اكتشافا مهما ساهم في دفع الأحداث إلى الذروة النهائية.

وعلى الرغم من قلة عدد الحلقات فإن مسلسل "هوس" قدم قصة متكاملة ومثيرة ومليئة بالمشاعر في ذات الوقت، ولم يهمل أيا من شخصياته، بل على العكس، أفرد لها مساحات جعل الممثلين يتألقون في تقديمها.

المصدر : الجزيرة