بعد "هارلي كوين".. الشخصيات النسائية ورقة رابحة لأفلام "دي سي"

شخصية هارلي كوين في فيلم الطيور الجارحة مواقع التواصل
شخصية هارلي كوين في فيلم "الطيور الجارحة" (مواقع التواصل)
لمياء رأفت
 
قبل انتشار جائحة كورونا بهذا التوحش كان فيلم "الطيور الجارحة" (Birds of Prey) يعرض حول العالم، حيث حقق حتى قرار إغلاق دور السينما حوالي 200 مليون دولار، أي ضعف ميزانيته التي تراوحت بين 80 و100 مليون.
 
ومثل أغلبية الأفلام التي عرضت في ذات الوقت أو قبله ولم تحصل على فرصتها الكاملة في شباك التذاكر منذ 24 مارس/آذار الماضي بدأ عرضه على خدمات "المشاهدة عند الطلب" (Video on demand)، لإعطائه فرصة أوسع للمشاهدة ولتحقيق بعض الإيرادات الإضافية.
 
خطوة للأمام
ويعتبر فيلم "الطيور الجارحة" أو "هارلي كوين" (Harley Quinn) كما أصبح اسمه بعد تغييره في دور العرض في فبراير/شباط الماضي هو الخطوة الأولى للأمام في عالم "دي سي السينمائي الممتد" (DC Extended Universe)، تلك العلامة الأميركية التجارية التي ترمز لأفلام وشخصيات الأبطال الخارقين المقتبسة من القصص المصورة.
 
فعلى مدار سلسلة الأفلام شاهدنا أعمالا أخفقت للغاية، سواء على المستوى الجماهيري أو النقدي مثل "سوبرمان ضد باتمان"، أو "جماعة العدالة"، أو "الفرقة الانتحارية"، وهي أفلام ذات ميزانيات ضخمة للغاية، وأسماء شخصياتها كبيرة، إلا أنها جاءت مفككة، ولم يستطع صناعها استخدام ما يمتلكونه بالفعل من ثروة متمثلة في أهم شخصيات عالم الكوميكس والأبطال الخارقين مثل "باتمان"، و"سوبرمان"، و"وندر وومان" وغيرهم.
 
وربما الفيلم الوحيد الذي استحق الثناء النقدي هو "المرأة العجيبة" (Wonder Woman)، مما جعله يفوز بجزء ثان كان من المفترض عرضه خلال 2020، ولكن تأجل كذلك ضمن الأفلام التي تأجلت بسبب فيروس كورونا.
 
لكن فيلم "هارلي كوين" أتى بالفعل كخطوة جدية للأمام في هذا العالم السينمائي غير الواعد، فشخصية هارلي استطاعت بنجاح الخروج من عباءة الفيلم الفاشل نقديا وجماهيريا "الفرقة الانتحارية"،  والحاصل على تقييم 27% على موقع الطماطم الفاسدة، ليحقق أداء مارجو روبي هذه المعجزة، فكان هناك شبه إجماع جماهيري على وصف الفيلم بالفشل، ولكن في ذات الوقت كان أداء روبي رائعا للغاية.
 
لذلك أتى قرار خروج الشخصية من "الفرقة الانتحارية" وإفراد فيلم لها وحدها هو القرار المنطقي الوحيد الذي قامت به الشركة المسؤولة عن سلسلة "دي سي".

النساء قادمات
إذًا النساء قادمات، فالفيلمان "المرأة العجيبة"، و"هارلي كوين" حققا نجاحا كبيرا على المستويين النقدي والجماهيري بين أعمال "دي سي"، فقد تعدى الفيلم الأول الـ90% على موقع الطماطم الفاسدة، وحصل "هارلي كوين" على 73% في الموقع ذاته، واستحوذ الفيلمان أيضا على اعجاب الجماهير.
 
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل الشخصيات النسائية هي كلمة السر هنا؟
 
الشخصيات التي نتحدث عنها -سواء "المرأة العجيبة" أو "هارلي كوين"- هي شخصيات ثرية بالفعل تتعرض لتحديات أكبر من مجرد امتلاكها قوة خارقة تحاول استخدامها في فعل الخير أو الشر، فعلى سبيل المثال، "المرأة العجيبة" طوال الوقت في حيرة ما بين العالم الذي أتت منه والعالم الجديد البشري الذي تعيش فيه، هربت من المثالية إلى القبح، ولكن لسبب ما نكتشفه معها مالت إلى العالم البشري غير المثالي، أما أزمات "هارلي كوين" فكانت أقرب إلى واقع حياة البشر العاديين، فهي امرأة ضحت بالكثير من أجل من تحب، وهو الجوكر الذي ساهم في تحويلها من الطبيبة النفسية الناجحة إلى المجرمة المطالب برأسها، سواء من الشرطة أو حتى مجرمين آخرين.
 
ولكن بعدما فقدت كوين كل شيء في سبيل الاحتفاظ بحبها للجوكر لفظها لتصبح وحيدة، ويتوجب عليها مواجهة كل أخطائها السابقة وحدها دون حمايته.
 
هناك أيضا عامل آخر جمع بين الفيلمين الأكثر نجاحا في عالم "دي سي" وهو المخرجات السيدات، ففيلم "المرأة العجيبة" من إخراج باتي جنكيز التي كانت أول امرأة تقوم بإخراج فيلم أبطال خارقين، وأكثر مخرجة حققت إيرادات في تاريخ السينما، وفيلم "الطيور الجارحة" كذلك من إخراج كاثي يان في ثاني فيلم طويل لها، وهي أول امرأة آسيوية تخرج فيلم أبطال خارقين كذلك.
 
وربما كون المخرجات من السيدات في عالم سينمائي ذكوري للغاية وضع على كاهلهما عبئا إضافيا لإثبات نفسيهما، وهو ما فعلتاه بالفعل، فكل من باتي وكاثي استطاعتا التفوق على مخرجين مخضرمين مثل زاك سنايدر الذي قدم أسوأ أفلام "دي سي" على الإطلاق.
 
لكن جنس كاثي يان ليس هو النقطة الوحيدة التي تلفت النظر في إخراجها فيلم "الطيور الجارحة"، ولكن ما يدعو للدهشة أيضا قلة خبرتها العملية في صناعة الأفلام والتي لم تظهر نهائيا في العمل، بل على العكس استحق الفيلم إعجاب النقاد والمشاهدين، خاصة في مشاهد الحركة واستغلالها المثالي لشخصيات الفيلم والرشاقة الأنثوية، لتظهر هذه المشاهد بشكل مغاير عن أفلام الأبطال الخارقين الأخرى التي تعتمد مشاهد الأكشن الخاصة بها على القوة فقط، وليس القوة والخفة كما شاهدنا في فيلم "هارلي كوين".
 
وربما لو استمر فيلم "الطيور الجارحة" في دور العرض أكثر لحقق رقما قياسيا جديدا، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ويخرج الفيلم مثل غيره من سباق شباك التذاكر مبكرا نتيجة وباء كوفيد-19 ولكن بالتأكيد سيظل واحد من أفضل أفلام الأبطال الخارقين في السنوات الأخيرة، ونقطة قوة في تاريخ "دي سي" السينمائي.

المصدر : الجزيرة