"ورقة".. فيلم لطالب ثانوية يتحول إلى أيقونة إبداع

عمر رزيق بطل ومخرج فيلم "ورقة" (مواقع التواصل الاجتماعي)

لمعت الفكرة في عقل الفتى الصغير منذ 5 سنوات، مراهق يبحث عن طريقه، يمتلك شغفا بالسينما وحبا للتمثيل وموهبة إخراجية بالفطرة. كان حظ عمر رزيق أن يكون زوج أمه هو الفنان سناء شافع منذ كان عمره 3 سنوات، لكن عمر لم يصفه أبدا بزوج الأم، بل كان أبا آخر رزقه الله إياه بعد وفاة والده الذي فقده في عمر 3 أشهر، فكان شافع هو مشجعه الأول وصديقه الوحيد وصاحب التأثير الأبرز في حياة الفتى المولع بالتمثيل.

وفي سن الـ12 كانت الفكرة الأولى لعمر، كيف يجسد التنمر من منظور طالب بالمدرسة الثانوية، ربما لم يكن الأمر بالوضوح ذاته الذي أضحى عليه اليوم، لكنه كان يشعر بثقل ما يتعرض له هو وزملاؤه في المدرسة في ذلك الوقت.

يقول عمر للجزيرة نت "بدأت التجربة من دون إمكانات، وشاركني أصدقائي وكاميرا هاتفي المحمول وبرامج مونتاج بدائية، وأنجزت نحو 80% من الفيلم. لم يكن فيلما قصيرا، بل كان روائيا طويلا، لكنني لم أتابع تنفيذه حتى النهاية وفقدت حماستي له، ولم أكن وقتها أدرك السبب".

وفي الصف الثاني الثانوي أعاد عمر صياغة فيلمه من جديد، وهذه المرة كان فيلما قصيرا وصامتا، وبين مرحلتي إنتاج الفيلم بدأ عمر دراسته في أكاديمية الفنون، والتحق بمعهد الباليه، وشارك في عدد من المسلسلات كوجه جديد إلا أن فيلم "ورقة" للطالب ذي الـ16 عاما كان نقطة فارقة في تاريخه الذي لا يزال في بدايته، فهو المخرج والبطل والمؤلف والمونتير (الممنتج أو محرر الأفلام) أيضا في تجربة رأى كبار المخرجين أنها ملهمة وفريدة.

أكد عمر أن دراسته لفن البانتوميم (فن الحركات الإيحائية) أثناء دراسته في معهد الباليه هي ما جعلت التمثيل الصامت في الفيلم قادرا على نقل معاني الفيلم وفكرته ومشاعر الممثلين دون إرهاق للجمهور، وأضاف "كان أصدقائي في شركتنا الخاصة هم خير داعم لي وللفكرة".

شركاء الحلم والصداقة

الشركة التي تحدث عنها عمر تألفت من أصدقاء طفولته وزملاء الدراسة الذين جمعهم الشغف ذاته، فأسسوا فريق "عرب وود"، بلا أي تجهيزات، واجتمع الفريق وكاميرا "كانون" وتطبيقات مونتاج احترافية أجادها عمر هذه المرة. لم يتسنّ للراحل سناء شافع الأب الروحي لرزيق أن يشاهد ردود الأفعال على الفيلم، لكنه لحسن الحظ كان قد شاهد النسخة النهائية للفيلم قبل أن يقوم عمر برفعها على الإنترنت، عبر منصته الخاصة على يوتيوب.

يوسف شاهين الجديد

تدور أحداث الفيلم حول مراهق يتعرض للتنمر بين أصحابه في المدرسة، يعيش في أحلامه حياة أخرى هو وحده بطلها القوي المنتصر على الجميع، لكن الواقع عكس ذلك تماما، إلى أن يأتي الموقف الذي يجعله يتحول تماما، فيصبح بطل الحقيقة، وتنقلب موازين المدرسة.

يقول رزيق عن قصة الفيلم إنها الواقع الحقيقي، وكل تفاصيل المشاهد والحركات التي أداها مع أصدقائه للتدليل على فكرة التنمر هي الواقع الذي يعانيه أغلب الطلاب على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية، وفي مراحلهم الدراسية كافة.

و أضاف عمر -للجزيرة نت- أن العديد من مشاهدي الفيلم تعجبوا من الحركات والإيماءات المتنمرة الخاصة بتلاميذ تلك المرحلة، "لكننا كنا أقدر على تجسيدها لأننا عانيناها وشاهدنا كثيرين مرّوا بالمعاناة ذاتها".

ردود الفعل على فيلم عمر رزيق الأول فاقت كل توقعاته، انبهار كبير بتفاصيل الإخراج وكادرات التصوير، والتعبير عن الفكرة بهذا الوضوح والشاعرية، والتفاعل مع التمثيل الصامت وعلو التمثيل رغم أنها المحاولة الأولى للجميع.

بل فاز رزيق بإشادات من المخرج خيري بشارة، ومحمد فاضل، وتامر محسن، والممثلة أروى جودة، وكثير ممن شاهدوا الفيلم لم يصدقوا أن كل هذا الصدق ينبع من أول تجربة.

يقول عمر للجزيرة نت "كانت أعظم الإشادات هي تلك التي شبهتني بيوسف شاهين، ورغم عظم التشبيه فإنه مرعب، تلك مسؤولية أتمنى أن أستطيع حملها".

ويسعى عمر إلى أن يصنع علامته الخاصة في عالم السينما، ليس فقط في التمثيل الذي بدأ به، ولكن أيضا في الإخراج، فهو الحلم الأول والشغف الأثير، ومع أن كل المشروعات المقبلة لعمر في مجال التمثيل، فإنه سيسعى مع فريقه إلى استكمال أحلامهم السينمائية رغم الإمكانات الضعيفة.

المصدر : الجزيرة