الجيوش العائمة.. كيف وثقت السينما الحروب البحرية قديما؟

الربان والقائد.. الجانب الأقصى من العالم (2003)
يتناول فيلم "الربان والقائد.. الجانب الأقصى من العالم" الحروب النابليونية التي وقعت في أوروبا خلال عام 1805 (مواقع التواصل)

سارة عابدين

بعد إرسال تركيا قوات لدعم حكومة الوفاق الليبية، تحوّل الصراع في تلك المنطقة إلى صراع دولي، خاصة بعد تصعيد التصريحات بين مصر وتركيا على خلفية معركة اقتصادية تدور حول حقول الغاز الطبيعي الموجودة في البحر المتوسط.

وبينما كانت دول أوروبا والمحيط الأطلسي هي ساحات الحروب البحرية في القرن الماضي، يبدو أن البحر المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط ستكون ساحة الحروب البحرية القادمة.

وبالرغم من الأجواء المشتعلة، تبقى السينما هي المرآة التي تعكس ما يدور في المجتمع، وتوثق التاريخ والأحداث الكبرى بوجهات نظر مختلفة. وفي هذا التقرير نستعرض أهم الأفلام التي تناولت الحروب البحرية قديما، في انتظار ما ستوثقه السينما مستقبلا عن الأحداث التي نعيشها في وقتنا الحالي، الأمر الذي ربما يمكّننا من المقارنة بين الواقع والخيال.

صقر البحر (1940)
مع اتباع الولايات المتحدة سياسات انعزالية خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، كان من المفترض أن تظل هوليود محايدة، لكن مع وجود العديد من المهاجرين الأوروبيين في أماكن مهمة من أستوديوهات هوليود، ظهرت العديد من الأفلام التي تعزز قضية الحلفاء، ويعتبر فيلم "صقر البحر" من هذه الأفلام.

في هذا الفيلم يجسد الممثل الأسترالي إيرول فلين دور الجندي برفادو، وهو الجندي الوطني الذي يدافع عن مصالح بلاده، ويسعى لإرباك الأسطول الإسباني من خلال معارك بحرية مشوقة.

يدور الفيلم حول صراعات إنجلترا مع إسبانيا، وقد صُنع الفيلم ليكون داعما ومؤيدا لبريطانيا من أجل تعزيز الروح المعنوية لجنودها خلال الحرب العالمية الثانية، والتأثير على الرأي العام الأميركي ليكون جبهة تأييد خاصة ببريطانيا.

البحر القاسي (1953)
هو أحد أفلام الحروب البحرية البريطانية، وأنتج بعد سبع سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، ويستند إلى رواية تحمل الاسم نفسه كتبها ضابط البحرية الإنجليزي نيكولاس مونسارت، بالرغم من أن كاتب السيناريو إريك أمبلر أغفل بعض أهم مشاهد الحكاية الأصلية.

يصور الفيلم المعارك التي دارت بين البحرية الملكية الإنجليزية والبحرية الألمانية في المحيط الأطلنطي من وجهة نظر ضابط البحرية البريطاني وبحارته، وهو فيلم إنساني لا يدور حول البطولة بقدر ما يدور حول لحظات إنسانية لمجموعة من البحارة على سطح سفينتهم، والشرير الوحيد في الفيلم هو البحر الذي جعل الرجال أكثر قسوة، واضطر القبطان لقتل مجموعة من البحارة فقط ليخفف حمولة السفينة ويحميها من الغرق.

تورا! تورا! تورا! (1970)
هو فيلم حربي ياباني أميركي، يمثل بشكل درامي الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور الأميركي، واسم الفيلم هو عبارة عن رمز شيفرة ياباني يعني الهجوم الصاعق.

يصور الفيلم في جزء كبير منه التخطيط الإستراتيجي والسياسي المزدوج لدى البلدين، ورسائل الاستخبارات المتبادلة، لكن بمجرد أن تطير الطائرات فوق هاواي، يتحول الفيلم إلى تفاصيل الحرب البحرية وردود أفعال الجنود والبحارة الأميركيين بعد الهجوم.

بتلك التفاصيل يعيدنا الفيلم إلى الأمور الدقيقة التي تظهر وحشية الحروب، وتجعلنا ننسى هويات الأبطال، ونتساءل فقط عن المعاني الإنسانية، خاصة مع مشاهد مثل قفز البحارة الأميركيين من السفن المحترقة، إلى المحيط الممتلئ ببقع النفط المحترقة، كالمستجير من الرمضاء بالنار.

القارب (1981)
بعد نصف قرن من انتهاء الحرب العالمية الثانية، يعيد المخرج المشاهد لتفاصيل الحرب البحرية، حيث تدور أحداث الفيلم حول قصة خيالية للغواصة "يو 96" وطاقمها أثناء الحرب العالمية الثانية.

يصور الفيلم لحظات الإثارة والملل بين البحارة، وتفاصيل حياتهم الإنسانية على سطح السفينة، بالإضافة إلى إظهار المشاعر الوطنية والرغبة في بذل قصارى جهدهم من أجل رفاقهم وبلادهم.

الفيلم قائم على رواية بنفس الاسم للكاتب لوثر غونتر باخهايم، وتعتبر ميزانيته التي قاربت 32 مليون مارك ألماني، من أعلى ميزانيات الأفلام على مدار تاريخ السينما الألمانية.

رشح الفيلم لست جوائز أوسكار، وحصل على اثنتين منها، واستخدم المخرج مؤثرات صوتية حقيقية لصوت الغواصة الحربية وانعكاساتها النفسية على البحارة، مما جعل الفيلم من أكثر الأفلام التي تدخل المشاهد في تفاصيل الحروب البحرية من داخل السفن الحربية نفسها.

الربان والقائد.. الجانب الأقصى من العالم (2003)
يتناول الفيلم الحروب النابليونية، وهي سلسلة الحروب التي وقعت في أوروبا خلال فترة حكم نابليون بونابرت لفرنسا، والتي كانت امتدادا للحروب التي أشعلتها الثورة الفرنسية واستمرت طوال فترة الإمبراطورية الفرنسية الأولى.

تدور أحداث الفيلم في عام 1805 حول الصراع بين السفينة الفرنسية أكيرون وسفينة بريطانية صغيرة، حيث دفع النقيب البحري البريطاني سفينته وطاقمه إلى أقصى الحدود الممكنة بالقرب من أميركا الجنوبية، لملاحقة السفينة الحربية الفرنسية، وبالرغم من أن السفينة الفرنسية أكثر ضخامة، فإن رجاله يثقون به وبأوامره.

يظهر المخرج مجتمع السفن بكل طقوسه وخرافاته، وكيف يتفاعل ويتعايش البحارة في تلك المساحات الضيقة لأوقات طويلة، ويصور أهوال الحرب البحرية بشكل ضمني يتمثل في الأصوات التي تحدثها الذخائر الحارقة وأخشاب السفن وهي تتشقق، لكنها تظهر بوضوح في ردود أفعال البحارة الذين حاولوا فعل المستحيل للبقاء على قيد الحياة.

المصدر : الجزيرة