"الأتراك قادمون".. غزوات جيش الفاتح من إسطنبول إلى روما

الأتراك قادمون
يوثق فيلم "سيف العدالة.. الأتراك قادمون" مرحلة صعود قوة العثمانيين بعد فتح إسطنبول على يد السلطان محمد الفاتح (مواقع التواصل)

خليل مبروك-إسطنبول

لا يفارق فيلم "سيف العدالة.. الأتراك قادمون" شاشات العرض السينمائي التركية منذ 17 يناير/كانون الثاني الجاري، بل إن شاشة سينما المجمع التجاري الشعبي في منطقة بكر كوي بمدينة إسطنبول قدمته لجمهورها في كافة جلسات العرض المتوالية.

وقال مدير السينما علي تاش فارول إن الفيلم حقق أعلى مردود من المشاهدات حتى فاق الإقبال عليه ما تلقاه سينما الأطفال، التي عادةً ما يخصص الأهالي عطلة نهاية الأسبوع لحضورها مع أبنائهم.

وأكد فارول للجزيرة نت أن الفيلم سيظل حاضرا في كافة أيام العرض خلال الأسبوع الجاري، وأن إدارة السينما تدرس إمكانية عرضه خلال أيام الأسبوع القادم في حال استمرت وتيرة الإقبال المرتفعة على مشاهدته.

قضية المجتمع
وبعيدا عن صالات العرض السينمائي، احتلت لافتات الدعاية والإعلان عن الفيلم لوحات العرض الكبرى في شوارع إسطنبول، واعتلت جدران منازلها، كما احتل موضوعه حوارات الناس وتفاعلاتهم، وهيمن الحديث عن الفيلم الدرامي مواضيع الصحفيين وكتَّاب الأعمدة في كبريات الصحف التركية، التي تمنح الفن والأعمال الدرامية حيزا واسعا من تغطياتها.

ولقي عرض الفيلم ترحيبا خاصا من رواد التواصل الاجتماعي، الذين ربطوا بين توقيت عرضه هذه الأيام وحلول الذكرى 721 لتأسيس الدولة العثمانية، التي حكمت 622 سنة في ثلاث قارات.

ويمثل الفيلم تتويجا لمجموعة من الأعمال الدرامية التركية التي تمجد عصور المحاربين الأتراك في مراحل زمنية مختلفة، لا سيما أنه جاء بعد اكتساح المسلسل الملحمي "قيامة أرطغرل" سوق المشاهدات العالمية.

قصة الفيلم
ويوثق الفيلم مرحلة صعود قوة العثمانيين بعد فتح إسطنبول على يد السلطان محمد الثاني الفاتح، وتوجهه نحو روما عاصمة أوروبا المنيعة في القرن 15.

ويجسد الفيلم بكثير من المشاهد الدرامية قدرات جيش الفتح -الذي تعده مراجع بحثية ثالث أقوى جيش في العالم عبر التاريخ- كما يسلط الضوء على دور قوات النخبة العثمانية "الأكجينار" في معارك العثمانيين مع أوروبا، ويقدم صورة توثيقية لغزوات الفاتح، تمزج بين توثيق الحقيقة التاريخية وجاذبية الدراما المعروفة في الأعمال الفنية التركية.

ووفقا لناقدين وباحثين في الأعمال الدرامية التركية، فإن أهم ما ميز "الأتراك قادمون" هو الجودة الفنية العالية للفيلم، ونجومية الممثلين فيه، وصعود الإقبال على متابعة الأعمال الدرامية ذات الطابع القومي، وحملة الدعاية الكبيرة التي سبقت إطلاقه، وموسم عرضه الشتوي الذي تنشط فيه دور السينما وشاشات العرض.

فقد قالت الناقدة الفنية فندا كارايل إن من أهم رسائل الفيلم تركيزه على علاقة الصداقة والوحدة التي جمعت بين شعبي تركيا والبوسنة.

نجومية الممثلين
لكنها ركزت على "أنسنة" هذه العلاقة في الفيلم من خلال الشخصية القوية للمحاربة البوسنية الجريئة ألينا، التي أدت دورها الفنانة التركية الشهيرة عيشة شيشمي أوغلو فكانت إحدى أهم شخصيات الفيلم.

وأوضحت كارايل للجزيرة نت أن الممثلة التركية تدربت على استخدام ستة أحصنة، وتلقت علوما كثيرة حول الثقافة البوسنية وتراث البوسنة، كي تتمكن من تقديم دورها بالطريقة التي تشد انتباه المشاهدين.

وأشارت إلى أن التحضير النفسي والتدريب الطويل الذي خضع له جميع الممثلين عبر أشهر من التمرين على لعب أدوار شخصيات الفيلم التاريخية، مثل دور الملك لازار الذي أداه الممثل ليفينت أوزديليك؛ كان له دور كبير في منح الفيلم حضوره الكبير. 

وتعتقد كارايل أن فيلم "الأتراك قادمون" هو أفضل ما يمكن للمرء أن يشاهده في عطلة نهاية الأسبوع؛ فهو مميز من حيث الجودة ونوعية العروض، ولا يقل قيمة عن الأفلام التي تحصد الأوسكار والجوائز في كافة مجالات التمثيل والسيناريو والإخراج وغيرها.

عولمة الدراما التركية
أما الناقد الفني علي أيوب أوغلو فرأى أن استعداد أربعين دولة لاستضافة عروض الفيلم يقدم دلالة على تجاوز الاهتمام بالفيلم الحدود المحلية، وهي سمة عامة بات يحظى بها الإنتاج الدرامي التركي.

وقال أيوب أوغلو للجزيرة نت إن مسلسلي "قيامة أرطغرل" و"عثمان المؤسس" اللذين أنتجهما محمد بوزداغ من قبل قد مهدا الطريق لهذا الفيلم، الذي بلغت نفقات إنتاجه ثلاثين مليون ليرة تركية (5.5 ملايين دولار).

يذكر أن فيلم "الأتراك قادمون" من إخراج كامل آيدن وكتابة سيناريو وإنتاج محمد بوزداغ، وكتب "الإسكريبت" أتيلا إنجن، كما شارك فيه عدد كبير من النجوم، أبرزهم إمري كيفليتشيم وليفينت أوزديليك وعيشة شيشمي أوغلو وأبرو أوزغان وسراي كايا وأوغون كابتان أوغلو وجمال هونال وأرم فورديم وغيرهم.

المصدر : الجزيرة