شيطان لاكروازات.. فضائح متحرش هوليود بشهادة سائقه الجزائري

ميكائيل يحمل كتابه شيطان لاكروازات
كشفت الصحافة الأميركية فضائح واينستين الجنسية ليجد كتاب ميكائيل "شيطان لاكروازات" طريقه إلى النشر (الجزيرة)

سلمى حراز-الجزيرة نت

من مدينة كان الفرنسية التي شهدت صعود قطب السينما الهوليودية هارفي واينستين سلالم المجد وسقوطه أيضا، يروي سائقه الخاص ميكائيل شملول للجزيرة نت كيف دمّر المتحرش الأشهر حياته المهنية وصحته النفسية، كما يروي تفاصيل عاشها طيلة ست سنوات خلف مقود سيارة الليموزين التي كانت مقاعدها الخلفية مسرحا لمشاهد وصفها بـ"المخزية" بطلاتها فتيات وممثلات مبتدئات حلمن بالشهرة فوقعن فريسة لمن أسماه في كتابه "شيطان لاكروازات".

"بعد سنوات من الألم والعذاب والعلاج النفسي، أخيرا أعيش الإحساس بالرضا، ما دامت العدالة قد بدأت تأخذ مجراها، وأنا مستعد للشهادة في القضاء الأميركي لينال واينستين ما يستحقه".

هكذا وصف الفرنسي من أصول جزائرية شملول للجزيرة نت شعوره وهو يتابع بدء المحاكمة التاريخية لهارفي واينستين في نيويورك، الذي يواجه تهما بالتحرش وسوء السلوك الجنسي من قبل أكثر من 80 امرأة من نساء هوليود، وكان وراء ظهور حركة "أنا أيضا" (Me Too) المناوئة للتحرش الجنسي والتمييز قبل نحو عامين.

عدوانية واينستين
ويعتبر ميكائيل أن ما عاشه طيلة ست سنوات (2013-2008) بالقرب من الذي كان يُعرف بنبي الفن السابع ولخصه في كتابه باللغة الفرنسية "شيطان لاكروازات"، رحلة ضغوط وابتزاز وتهديد وعدوانية شخص لم يكن قط عاديا.

يقول ميكائيل شملول إن قيادة سيارة واينستين لأول مرة سنة 2008 كان بالنسبة إليه فرصة لجني المال لا ينبغي تضييعها، رغم الكلام الكثير الذي كان يروى عنه من قبل باقي سائقي الشخصيات المهمة الذين تعاملوا معه.

وحسب رواية ميكائيل، كان العمل طيلة أيام المهرجان، الذي يصل إليه واينستين دائما في الأسبوع الأول دون زوجته جورجينا تشابمان، يتواصل إلى نحو 18 ساعة في اليوم، يبدأ في السابعة والنصف صباحا، ويشمل لقاءات عمل وتوقيع عقود فنية وجلسات مع شخصيات سينمائية وزيارات ضيوف، لكن بعد منتصف الليل تبدأ حياة أخرى.

‪ميكائيل: كانت مقاعد السيارة الخلفية لهارفي واينستين مسرحا لمشاهد مخزية بطلاتها فتيات وممثلات مبتدئات‬ (غيتي إيميجز)
‪ميكائيل: كانت مقاعد السيارة الخلفية لهارفي واينستين مسرحا لمشاهد مخزية بطلاتها فتيات وممثلات مبتدئات‬ (غيتي إيميجز)

فتيات بالجملة
يتحدث شملول عن حياة الليل والسهرات الخاصة خلف الأبواب المغلفة، قائلا "لم أشاهد طيلة سنوات عملي في قيادة سيارات الشخصيات المهمة منذ تسعينيات القرن الماضي رجلا يستقبل ذلك الكم من النساء، كُن من مختلف الأعمار والجنسيات، قاصرات وممثلات مبتدئات، أحيانا كان يستقبل في الجلسة سبع فتيات دفعة واحدة، الكثيرات منهن يدخلن مبتهجات ويغادرن باكيات أو من دون أحذية، يركبن السيارة، أكتفي بمنحهن قارورة ماء أو مناديل ورقية وسيجارة ثم توصيلهن إلى وجهتهن مثل ما يطلب رب العمل".

كانت الجلسات الخاصة لواينستين كثيرا ما تبدأ في السيارة وهي تسير، أمام نظر وسمع السائق، يضيف ميكائيل "كنت مصدوما في بداية تعاملي معه، كان يأخذ راحته وكأنني غير موجود، وكنت في كل مرة أردد بيني وبين نفسي أني مجرد سائق أقوم بمهمتي وليس من شأني التدخل في شؤون زبائني، لم أر ما يدعوني لفضحه، فلا واحدة من مرافقاته اشتكت منه، حتى من كانت تترجل من السيارة باكية، أتذكر إحداهن كان فظا في التعامل معها، غير أنها اكتفت بمخاطبته وهي تغادر بأنها تتمنى لو يفي بوعده ويوقع العقد".

وأكد ميكائيل في حديثه أنه من بين من كُن يترددن عليه ممثلات شهيرات أميركيات وفرنسيات، منهن فرنسية حاصلة على الأوسكار "إلا أني أتحفظ عن ذكر أسمائهن، هن رفضن الحديث عما وقع لهن، ولن أكشف عن أسمائهن قبل أن يبادرن بالحديث أولا".

خيانة حتى بحضور زوجته
وصول جورجينا تشابمان، زوجة واينستين، في الأسبوع الأخير لمهرجان "كان" في إحدى نسخه وهي حامل في شهرها السادس، لم يردع واينستين عن مواصلة لهوه، حسب سائقه الذي أضاف "أتذكر في إحدى ليالي المهرجان عندما ترك زوجته نائمة في الفندق، ورافق في الثانية صباحا نجمة سينمائية أميركية كانت تخفي ملامحها بمكياج وشعر مستعار وتحمل حذاءها وهما تحت تأثير الخمر، سهرا معا في يخت على ساحل الكوت دازور ثم طلب مني إيصالهما إلى الفندق حيث توجد زوجته، فكرت أن الرجل قد جُن وهو لا يبالي لاكتشاف زوجته خيانته".

وواصل ميكائيل شملول "ما إن اقتربت من فندق "كاب-إيدين-روك" حتى راح يصرخ وينعتني بأبشع الصفات ويهددني، ليوجهني إلى قسم آخر من الفندق حيث كان يحجز غرفتين لسهراته الخاصة، ولم يتوقف الأمر هنا، فبينما كنت أنتظره خارج الفندق اتصلت بي زوجته في الخامسة صباحا لتسأل عنه، قلت لها إنه منشغل بالعمل ثم سارعت للاتصال به لأنبهه إلى أن زوجته تسأل عنه، فغادر مسرعا وراح يهددني أنه من الأفضل لي أن أبقى صامتا".

‪ميكائيل: من بين من كُن يترددن على هارفي واينستين ممثلات شهيرات أميركيات وفرنسيات‬ (غيتي إيميجز)
‪ميكائيل: من بين من كُن يترددن على هارفي واينستين ممثلات شهيرات أميركيات وفرنسيات‬ (غيتي إيميجز)

اكتئاب وإفلاس
ترك ميكائيل العمل مع واينستين ليتحوّل إلى شخص مفلس، وأصيب باكتئاب واضطر لتلقي العلاج عند طبيب أمراض نفسية، ويصف ميكائيل ذلك بقوله "كان يقتلني شعور العجز والخوف من مواجهة "الشيطان"، من كان سيصدق السائق ويكذب قطب هوليود".

ووجد ميكائيل بوصلته بعد أن نصحه الطبيب وزوجته بالكتابة والبوح بوجعه على الورق، ليروي ما كان شاهدا عليه في رواية خيالية بأسماء مستعارة، قبل أن يجد أخيرا الشجاعة والسلام الروحي بعد أن كُسر جدار الصمت وكشفت الصحافة الأميركية فضائح واينستين الجنسية، ليجد كتابه "شيطان لاكروازات" طريقه إلى النشر عن دار "بايك ستريت" في فرنسا، في انتظار نشر الطبعة الإنجليزية وترجمته إلى اللغة العربية.

وأكد ميكائيل شملول أنه مستعد لتقديم شهادته إذا استدعاه القضاء الأميركي، وأن في جعبته الكثير ليقوله، خاصة وأن القضاء الفرنسي لم ينصفه في القضية التي رفعها ضد واينستين، حسب قوله.

المصدر : الجزيرة