"13 سببا".. لماذا أخفقت دراما المراهقين الأشهر في موسمها الثالث؟

كارثين لانجفورد
كاثرين لانغفورد حصلت على ترشيح للغولدن غلوب عن أدائها دور هانا في المسلسل (مواقع التواصل)

لمياء رأفت  

في الثالث والعشرين من أغسطس/آب الماضي، عُرض الموسم الثالث من مسلسل "13 سببًا" (13 Reasons Why) على منصة نتفليكس، وسريعًا ما حقق المسلسل رقمًا قياسيًا جديدًا لكن هذه المرة سلبيًا، فقد حصل على معدل 6% فقط على موقع "الطماطم الفاسدة" (Rotten Tomatoes)، بعدما حصل الموسم الأول منه على معدل 79% في انهيار واضح جدا سواء في مستوى المسلسل أو استقبال النقاد والمشاهدين له.

13 سببًا من القمة إلى القاع في عامين

مسلسل "13 سببا" هو مسلسل دراما أميركي إنتاج نتفليكس، وهو مقتبس عن رواية بالاسم ذاته تأليف جاي آشر ونشرت عام 2007، وكان من المفترض أن تتحول الرواية إلى فيلم سينمائي، من بطولة سيلينا جوميز، لكن تحول المشروع إلى مسلسل، وأشرفت جوميز على إنتاجه.

وتدور أحداث الموسم الأول حول الفتاة هانا بيكر التلميذة بالمدرسة الثانوية، التي تقرر إنهاء حياتها، بعد تعرضها للتنمر والتحرش والاغتصاب من زملائها في المدرسة، وقبل انتحارها تسجل أشرطة صوتية تعرض فيها الأسباب والأشخاص وراء رحيلها. 

عرض الموسم الأول من المسلسل في 31 مارس/آذار 2017، وحصل على نقد إيجابي للغاية سواء من النقاد المختصين أو المشاهدين، الذين أثنوا بصورة كبيرة على الفكرة التي يقدمها وتركيزه على مواضيع تخص المراهقين وتحدث في المدارس الأميركية ولا تلقى عليها الأضواء في المعتاد، وكانت من إيجابيات المسلسل التمثيل خاصة كاثرين لانغفورد التي قدمت دور هانا، وحصلت على ترشيح للغولدن غلوب عن هذا الدور.

وحقق المسلسل شعبية كبيرة، وأدى إلى تغيير في بعض قواعد المدارس الثانوية، وتم إنشاء موقع إلكتروني من منتجي المسلسل لمساعدة المراهقين الذين يتعرضون للتنمر والمصاعب خلال المدرسة الثانوية. 

وقد وصل المسلسل إلى أوج النجاح، وحقق لقب ثاني أعلى مشاهدة على نتفليكس، وقدم القصة الموجودة في الرواية الأصلية بالكامل، أي أدى كل أغراضه، لكن منتجي المسلسل كان لهم رأي آخر.

ففي مايو/أيار 2017 تم تجديد المسلسل لموسم ثان، الذي صدر في مايو/أيار 2018 ومن هنا بدأ السقوط، فالموسم لم يستطع تحقيق تطلعات المشاهدين المعجبين بالموسم الأول، وكان به كثير من الأخطاء الفنية التي جعلته يحصل على تقييم 25% على موقع الطماطم الفاسدة، لكن هذا لم يقلل من نشاط صناع المسلسل الذين جددوه لموسم ثالث وعرض في أغسطس الماضي.

لماذا فشل الموسم الثالث؟
بدأ فشل الموسم الثالث من المسلسل بالعنوان الذي ظهر في الدعاية وهو "من قتل برايس ووكر؟"، وذلك لأن برايس ووكر هو أقل الشخصيات جاذبية بالفعل في المسلسل، فهو المغتصب الذي تسبب بصورة كبيرة في انتحار هانا، وانهيار جيسيكا وانتهاء علاقتها بحبيبها. 

المشكلة التي خلقها كُتّاب المسلسل هو رغبتهم في جلب التعاطف إلى شخصية قاموا بإظهارها بوصفها الشرير الوحيد الذي يتحمل عبء كل الأخطاء في الموسمين الأول والثاني، وبالتالى قاموا بهدم ما بنوه من قبل، وأعادوا رسم الشخصية من البداية بصورة كانت محبطة للجميع. 

الأزمة الثانية التي وقع فيها الموسم الجديد هو محاولته اجتذاب مزيد من الجمهور الذي يستهدف القضايا الاجتماعية، والذي انجذب في البداية لموضوع المسلسل، فقام الكُتاب بحشد كل المشاكل الاجتماعية في موسم واحد، لنشاهد انتحارا وتنمرا وحبا من طرف واحد، وإجهاضا، ومشاكل أخرى، بشكل ينافي أي منطق في حدوث كل هذه الأشياء لطلاب مدرسة واحدة وعلى مدار 13 حلقة فقط.

لكن في الوقت ذاته قام المسلسل بخيانة مشاهديه المعتادين بتحويله من مسلسل اجتماعي إلى مسلسل إثارة على طراز قصص أغاثا كريستي وشيرلوك هولمز، وعملية بحث عن القاتل، والأسوأ أن المشاهدين لم يكونوا مهتمين بالبحث عن هذا القاتل، بل كانوا يحاولون حمايته طوال الوقت، لأن الضحية هي بالفعل الشخص الأكثر كراهية في المسلسل. 

أيضًا غيّر المسلسل واحدة من قواعده، وهي أن تحكي الشخصيات قصتها بصوتها، عن طريق الفويس أوفر أو الراوي، بدأ الأمر مع هانا التي تقدم أسباب وفاتها في الموسم الأول، ثم في الموسم الثاني عندما قدمت كل شخصية جانبها من القصة، إلى أن وصلنا إلى الموسم الثالث الذي نتعرف فيه على شخصية جديدة هي "آني" الفتاة الكينية الإنجليزية، التي تقدم القصة بأكملها بصوتها.

بداية المشاهد لا يعرف من هي آني؟ لا يعرف لماذا لها هذه المكانة بين أبطاله الرئيسين أو لماذا تروي القصة بصوتها؟ ما أحدث خليطا من الارتباك والاستياء الذي وصل إلى الكراهية، الأمر الذي جعل الممثلة "جرايس سيف" التي قدمت شخصية آني تغلق حسابها على الإنستغرام بعد كثير من التعليقات السلبية حولها وحول دورها. 

هذه الشخصية هي بديلة عن هانا بيكر التي تعايش معها المشاهد لموسمين سابقين، فهي التي تروى القصة بدلا عنها، وهي التي تحتل الآن حياة "كلاي جنسن" الشخصية الرئيسة، وكذلك أعطيت لها قدرات غير معقولة مثل أن توجد في كل الأماكن وفي منزل جميع الشخصيات، وتعرف كل الأسرار، كل ذلك جعل الشخصية غير منطقية تمامًا. 

أما الضربة القاصمة للمسلسل فهي النهاية، التي ناقضت كل ما تم بناؤه في المواسم الثلاثة، على أن الحقيقة لها أكثر من جانب، وأنه لا توجد شخصية سيئة بالكامل، فقد تم اختيار كبش فداء جديد بديلًا عن برايس ووكر، كما لو أن كُتاب المسلسل لا يسأمون من الوقوع في الخطأ نفسه المرة بعد الأخرى.

وفي النهاية أخفق المسلسل تمامًا في موسمه الثالث، ولم يستطع حتى مضاهاة الموسم الثاني، ولكن ذلك لم يمنع منتجيه من تجديده لموسم رابع -وهو الأخير- لم يحدد موعد عرضه بعد.

المصدر : الجزيرة