فن بلا سياسة.. هكذا حضرت الدراما اليمنية في رمضان

محمد عبد الملك - مسلسل غربة البن يحاكي واقع اليمنيين خلال القرن الماضي ويعالج عدة قضايا - مواقع الإجتماعي - استمرار حضور الدراما الرمضانية اليمنية رغم ظروف الحرب
استطاعت شركات إنتاج محلية تنفيذ العديد من المسلسلات رغم ظروف الحرب في البلاد (مواقع التواصل)

محمد عبد الملك-الجزيرة نت 

رغم كل ما يعصف باليمن من حرب وأوضاع أمنية سيئة وتدهور اقتصادي، لا تزال الدراما الرمضانية حاضرة على شاشات التلفزة هذا العام، إذ استطاعت شركات إنتاج محلية تنفيذ العديد من المسلسلات التي سيطر على أغلبها القالب الكوميدي، وهو الأمر الذي دفع بالبعض لتوجيه انتقادات لمضمونها.

وقد استغلت القنوات الأهلية الخاصة الفراغ الكبير الذي تركته القنوات الحكومية الخالية من أي أعمال درامية هذا الموسم خلافاً لفترات ما قبل الحرب والتي كانت تعرض خلالها القنوات الحكومية العديد من المسلسلات الاجتماعية.

فن بلا قضايا سياسية
ومن بين أبرز المسلسلات التي لاقت رواجا واسعا خلال هذا الموسم وتوزعت على أربع قنوات أهلية، مسلسل "غربة البن" الذي يحاكي واقع اليمنيين خلال القرن الماضي بطابع كوميدي، ورغم الأخطاء الفنية في المسلسل، فإنه استطاع أن يعالج حتى الآن العديد من القضايا المهمة، بحسب هالة العولقي المهتمة بالدراما والفن.

ووفقا لحديث هالة العولقي للجزيرة نت، فقد ركز المسلسل على قضية عودة المواطن اليمني لزراعة البن والاعتماد عليه بوصفه موردا اقتصاديا رئيسيا، كما ركز على قضايا الثأر وقضية المرأة اليمنية واحترام الزوج لها وتقديرها من قبل الأسرة، وناقش المسلسل أيضاً فكرة الاغتراب وكفاح الرجل اليمني.

وإضافة إلى هذا العمل، تعرض قناة يمن شباب الخاصة مسلسل "حالتي حالة 2″، وهو عمل كوميدي ساخر أيضا يلخص مشاهد من الحياة اليومية في ظل الحرب.

كما تعرض قناة سهيل الخاصة مسلسل "تاتش" الذي يتناول أيضا العديد من القضايا الاجتماعية التي تعكس الواقع والمشهد السياسي في البلاد خلال الفترة الراهنة.

وهناك عدد من المسلسلات الأخرى التي تعرضها بقية القنوات مثل مسلسل "مع ورور" ومسلسل "على أيش"، وهما يعرضان على قناة السعيدة، ويناقشان مشاكل اجتماعية بطابع كوميدي أيضا، كما تذيع قناة المسيرة التابعة للحوثيين المسلسل الكوميدي "غربلة"، وتعرض قناة المهرة التي بثت حديثًا أيضا المسلسل الكوميدي "عسل صافي".

وفي أغلب المسلسلات التي تعرض هذا الموسم بدا واضحا أن هناك حذرا كبيرا في إثارة الأمور السياسية، ويدل ذلك على المخاوف من سلطات الأمر الواقع (الحوثيين)، بحسب هالة العولقي خصوصاً تلك الأعمال التي تم إنتاجها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، ولكن يحسب للقائمين على تلك الأعمال أنهم استطاعوا التكيف مع الواقع وظروف الحرب، كما تقول العولقي.

وإضافة إلى هذه الأعمال الدرامية أيضًا تستمر في الحضور هذا الموسم العديد من البرامج الساخرة، من أبرزها برنامج "عاكس خط" وبرنامج "غاغة" وبرنامج "البيت الجمهوري"، وهذا النوع من الأعمال يركز غالبا على تناول القضايا السياسية والاجتماعية التي تشغل اهتمامات اليمنيين أيضاً بالأسلوب الكوميدي نفسه. 

لماذا يصر اليمنيون على استخدام الكوميديا؟ 
وفيما يتعلق بالتركيز على الدراما بأسلوب الكوميديا السوداء، ترى الناقدة السينمائية هدى جعفر أن ذلك يعود إلى طريقة تفكير المخرج وكاتب السيناريو في اليمن، حيث يعتقد بأن الكوميديا هي الوسيلة الأسهل والتي لا تحتاج إلى شغل حقيقي واجتهاد، وبذلك يعتقد أنه يستطيع أن يصل إلى الجمهور ويقنعه بالضحك على مشاهد يظهر فيها ممثلون يلبسون بطريقة معينة أو يتحدثون عن مهن مجتمعية متواضعة كما هو حاصل اليوم.

وتفيد جعفر في حديثها للجزيرة نت بأن الدراما اليمنية في الواقع لا تزال تواجه المشاكل ذاتها التي تعاني منها جميع أشكال التعبير الفني الأخرى كالفن التشكيلي والتصوير والرواية والأدب وغيرها، وجميعها مشاكل يتحمل مسؤوليتها صانع الفن اليمني الذي يؤمن فقط بأن وظيفة الفن والدراما هي أن يكون نسخة من الواقع، وتلك مشكلة حقيقية تجعل الفن اليمني متأخرًا، بينما هناك إمكانية لإنتاج أعمال جادة تساهم في خلق وتشكيل وعي أكبر.

وفي المجمل يرى بعض المهتمين بالدراما والسينما في اليمن خلال أحاديثهم للجزيرة نت أنه خلال موسم رمضان لهذا العام وما قبله استطاعت عدد من القنوات اليمنية أن تتجرأ وتنتج أعمالا تحمل أفكارًا جديدة، كما استطاع فنانون كسر التقليد السابق، وكان من أبرزهم الفنان اليمني صلاح الوافي الذي استطاع أن يغامر بإنتاج مسلسل "غربة البن" هذا الموسم ومسلسل "الدلال" العام الماضي من خلال شركة الإنتاج التي يمتلكها ويحضر في المسلسلين كأحد الأبطال الرئيسيين. 

ويرى المهتمون بالسينما في اليمن أن المجتمع يستطيع أن يتقبل هذه الأعمال ويتفاعل معها خصوصاً إذا عالجت مشاكله وهمومه بدليل ما حدث من حراك وجدل على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إذاعة الحلقات الأولى من تلك البرامج والمسلسلات خلال هذا الموسم سواء الذين تابعوا تلك الأعمال وأشادوا بها أو الذين وجهوا الانتقادات لها وقالوا إنها منفصلة عن الواقع ولا تعبر عنه. 

ويؤكد بعض المتابعين اليمنيين أنه لا تزال هناك فرصة لصناع الدراما في اليمن رغم كل العوائق التي تحيط بهم لإنتاج أعمال جادة تلامس هموم الناس، ولا مانع أن تمزج بالكوميديا الهادفة كما تعود اليمنيون خلال الفترات الماضية.

المصدر : الجزيرة