الكاسورة.. آلة عزف وإيقاع شعبي اشتهرت من البصرة

كاسور مع فرقة الخشابة
تتكون الكاسورة من جسم يشبه الطبلة لكنه أصغر حجما وتصنع من الفخار (الجزيرة)

عمار الصالح-البصرة 

منذ سنوات مضت أتقن سعد اليابس صنع آلته الكاسورة التي ترافقه أينما حل، ليحيي بها جلسات الخشابة التي تألقت بها البصرة (جنوبي العراق) ومنها اشتهرت في منطقة الخليج العربي.

هي آلة إيقاعية ذات صوت مميز تختلف عن غيرها، وتتكون من جسم يشبه الطبلة لكنه أصغر حجمًا وتصنع من الفخار بعد أن كانت تصنع من الخشب، ويميزها الجلد المستخدم فيها والذي يكون من الغنم أو الماعز أو جلد سمك الجري، ويعرف من يجيد العزف عليها بالكاسور. 

ميزة البصرة
عرفت البصرة الكاسورة في الربع الأول من القرن الماضي، وتطور استخدامها من قبل فرق الخشابة ليصبح معها الكاسور لولب الفرقة وعنوانها كما يذكر سعد اليابس الذي يعتبر من أشهر عازفيها. 

وأضاف "في الوقت السابق كانت فرق الخشابة بدون آلات موسيقية، إذ كانت تضم الدنابك والطبل، لهذا كان الاعتماد يقوم بشكل كبير على التكسير بآلة الكاسورة والذي يتطلب وجود راقص يجيد تأدية الحركات مع الإيقاعات".

يجيد اليابس -الذي دخل عالم الخشابة منذ بداية السبعينيات وأحيا نحو 250 حفلا دوليا- صنع آلة الكاسورة بيديه لما يمتلكه من خبرة التعامل مع الكاسورة الذي أصبحت جزءا من شخصيته وتاريخه، بعد أن غاب عن صنعتها حرفيوها ومحالها التي اختصت في بيعها بسوق العشار في العقود السابقة. 

ويرجع القول "الكاسور يعتبر العمود الأساسي في شدة الخشابة أو كما تعرف حاليا بفرقة الخشابة حيث أكثر الفرق قديما كانت تسمى الكاسور مثل شدة ملا عدنان وشدة ربيع وشدة طلب السعيد، وذلك لأهمية الكاسور في هذه الفرق". 

ولا تقتصر مهام الكاسور على التكسير بآلته الإيقاعية حيث يقوم بمهام رئيسة في فرقة الخشابة، إذ يتقدم فرقته ويكون أول العازفين فيها ويتولى توزيع الآلات الموسيقية على باقي الأعضاء، ويقود فصل جلسة الخشابة لدرايته بما سيتم تقديمه من مقاطع غنائية. 

ومع عشق اليابس لآلته الإيقاعية ومسيرته الفنية، يعتقد أن الجيل الجديد يفتقر لقواعد وأساسيات فن الخشابة، وتسبب في ضياع الذوق العام للكاسور بعد أن أصبح يعزف بكل الإيقاعات، في حين كان الكاسور يعزف في المقام والبستات فقط، كما ساهم اعتماد جهاز الأورج بفقدان أصول الخشابة. 

جمالية الغناء
يرى الملحن وأستاذ الموسيقى بجامعة البصرة ناصر هاشم أن دخول الكاسورة فن الخشابة أضاف زخرفة وجمالية لهذا الفن الغنائي، وقال "غناء الخشابة في بداياته كان يقوم على عزف دون أي مرافقة موسيقية فكان جافا لكن عندما دخلت الكاسورة أصبحت الآلة تتعامل في جانب الإيقاع الرسمي وجانب الزخارف الإيقاعية".

ويضيف هاشم "آلة الكاسورة والكاسور نفسه كانت إضافات مهمة جدا والذي دخل على ضوئهما راقص يؤدي الحركات، وهي إضافة أخرى في فن الخشابة." 

يندثر بالإهمال
وبينما يجد هاشم أن الإيقاعات ذات الطابع البصري مثل الخشابة والنكازي تركت لمستها الواضحة على الأغنية العراقية والخليجية على حد سواء، يخشى عشاق جلسات الخشابة من اندثار هذا الفن لما يتعرض له من إهمال وتهميش من قبل المؤسسات الحكومية، كما يقول ماجد رشيد الذي يهوى حضور جلسات الخشابة منذ الصغر.

وقال رشيد "البصرة تميزت دون غيرها بفرق الخشابة وكان علامة مضيئة في تراث المدينة الفني، لكن لا نجد ذلك الاهتمام الوقت الحاضر رغم تعدد المؤسسات الحكومية المعنية بالجانب الثقافي والفني".

المصدر : الجزيرة