الدان الحضرمي.. أوركسترا يمنية على مسرح الأوبرا الماليزية

مقطوعة الحرب والسلام في الأوركسترا الحضرمية
مقطوعة الحرب والسلام في الأوركسترا الحضرمية (الجزيرة)

مراد العريفي-كوالالمبور

بين صوت المزمار وعزف العود وإيقاع الطبلة ونغمة الكمان كانت الصورة أكثر اكتمالا ودهشة لأول أوركسترا يمنية تعزف منذ اندلاع الحرب، ليفغر اليمنيون أفواههم من فرط الدهشة ويدونون "نعم، هكذا هو اليمن".

نحو 90 عازفا وراقصا من اليمن وماليزيا واليابان عزفوا واحدة من روائع الفن الموسيقي اليمني في دار الأوبرا الماليزية في "أستانا بودايا" بالعاصمة كوالالمبور بحضور ولي عهد ولاية برليس الماليزية تونكو سيد فائز الدين وعدد من السفراء العرب.

وبحسب الحضور، فإن مزج وتطويع موسيقى الدان الحضرمي اليمنية مع الموسيقى العالمية في السيمفونيات التي ألفها قائد الأوركسترا الشاب الحضرمي محمد القحوم جعلا العرض مدهشا في كل فصوله.

أمل من عمق الألم
واختار القائمون على العرض الموسيقي الذي نظم برعاية السفارة اليمنية في ماليزيا ووزارة الثقافة والفنون والسياحة الماليزية شعار "الموسيقى الحضرمية.. أمل من عمق الألم" نسبة إلى محافظة حضرموت شرقي اليمن.

وقال الموسيقار القحوم إنه أراد من خلال المقطوعات الموسيقية التي ألفها تقديم فكرة مختلفة عن اليمن الذي يشهد نزاعا داميا منذ مطلع العام 2015، والتأكيد على الأمل في بلد يزخر بكل مظاهر الفن والحب والسلام.

وأضاف خلال تقديمه العرض الموسيقي أن ألحان الأعمال الموسيقية الستة التي عرضت مستلهمة من روح الموروث الشعبي الحضرمي التقليدي، وتحاكي الموسيقى العالمية.

ووفق القحوم، فإنه عمل على إنجاز تلك الأعمال الموسيقية ليثبت أن الألحان اليمنية -خاصة موسيقى الدان الحضرمي- تستطيع أن تنافس الموسيقى العالمية، وليجسد أواصر التواصل والترابط بين شعوب العالم.

من جهته، يقول محمد سالم -وهو شاب من حضرموت- إن الأوركسترا أنست اليمنيين مآسي الحرب والاقتتال والجوع، وشكلت تجربة الشاب القحوم واحدة من حالات الإبداع الذي جعلت الشباب اليمني يأمل بأنه قادر على صناعة الفرح.

ويضيف للجزيرة نت "أسعدنا القحوم، وجعلنا نحس بشعور لا يوصف، وعلمنا أن العزيمة والإصرار هما من يحققان الحلم، وأظهرنا للعالم أجمع أن حضرموت واليمن سيتغلبان على المصاعب رغم العناء والألم".

أوركسترا الدان
وبدأ العمل في تنفيذ الأوركسترا الحضرمية قبل أربعة أعوام، وخضع فيها المشاركون لتجارب أداء وتدريبات مستمرة استمرت لأيام طويلة قادها القحوم الذي درس الموسيقى في المعهد الوطني للموسيقى بالأردن وكلية حلوان المصرية.

وحضر الدان الحضرمي في كل المقطوعات الموسيقية بدءا بمقطوعة "مدروف الأصالة"، ثم مقطوعة الحرب والسلام "العُدّة" التي يخالطها لون من الرقص الشعبي، ثم "الوداع المفرح"، و"الحيرة"، وانتهاء بمقطوعة "صبوحة".

والدان الحضرمي هو فن غنائي شعبي يتميز بأن لديه عددا من أساليب الغناء من كتابة ونظم، في حين تلبي طريقة أدائه رغبات كل الحاضرين في جلساته، ويتيح لهم المشاركة شعرا ورقصا وغناء.

أما اسمه فإنه يعود إلى كلمة "دان" التي تظهر في أغلب مقاطعه الموسيقية، وغالبا ما تبدأ جلساته بشاعر يروي قصيدة تناقش قصة واقعية ثم مساجلة شعرية، ثم تنتهي برقص وغناء يكون فيها المزمار والتصفيق حاضرين بشكل رئيسي.

ووفق مراجع فنية، فإن الفنان الراحل أبو بكر بلفقيه يعد من أبرز من غنوا الدان، وكان لنشأته في حضرموت تأثير كبير عليه في تأدية هذا النوع من الغناء الفلكلوري، ليطور الأغاني من حيث غنائها بمصاحبة الآلات الموسيقية الحديثة.

احتفال كوني
وكان العرض الموسيقي الذي قدمه القحوم وفرقته الموسيقية في قاعة أستانا بودايا "احتفالا كونيا" وواحدا من تجليات الفن اليمني حسبما يقول الباحث اليمني سنحان سنان للجزيرة نت.

ويضيف "اللازمة الموسيقية كانت منضبطة ومتزنة وتعكس صورة اليمني المبدع، ونقل خلالها الشباب -الذين كانوا على الموعد- صورة جميلة عن اليمن، ودشنوا بذلك عهدا جديدا للموسيقى اليمنية الحضرمية لتصبح لونا فريدا مستقلا بذاته".

ويقول سنان "كانت ليلة أوركسترالية باذخة الجمال، لم يسمح الحاضرون للمبدع القحوم عندما أكمل المقطوعة السادسة بالتوقف، بل صاحوا: مرة أخرى".

المصدر : الجزيرة