حرب المليارات.. لماذا تنافس ديزني شبكة نتفليكس؟

شعاري نتفلكيس وديزني بلس
نتفليكس السبب الرئيسي وراء رغبة ديزني إطلاق أعمالها الخاصة للبث المباشر (مواقع التواصل)

سارة عابدين

اعتادت ديزني جني مئات الملايين من الدولارات سنويا من بيع منتجاتها إلى نتفليكس، والآن تنفق مليارات الدولارات لمحاربتها.

في اجتماعهم الأخير الخميس الماضي -والذي استمر لثلاث ساعات- لم يذكر المديرون التنفيذيون لديزني شبكةَ "نتفليكس" نهائيا. فقد عقد الاجتماع لوضع خطط تحديث خدمات البث والاشتراكات الخاصة بديزني، وأبرز هذه الخدمات إطلاق قنوات ديزني بلس بتكلفة سبعة دولارات شهريا.

تحتوي قنوات ديزني بلس -التي سيتم إطلاقها بأميركا في نوفمبر/تشرين الثاني القادم- على مكتبة كبيرة جدا من أفلام وبرامج ديزني وعروضها المسرحية الحالية مثل كابتن مارفيل، والأفلام الكلاسيكية مثل بامبي، بالإضافة إلى عروض جديدة ومبتكرة مثل (the Mandalorian) وهو عرض تلفزيوني تابع لبرنامج حرب النجوم.

ليست نتفليكس الوحيدة التي ستنافس ديزني السنوات القادمة، لكن هناك قائمة من الشركات المنافسة التي من المحتمل أن تشمل أمازون وآبل وAT&T. ولكن نتفليكس السبب الرئيسي وراء رغبة ديزني في إطلاق أعمالها الخاصة للبث المباشر، عن طريق بيع منتجاتها مباشرة دون موزعين لعشرات الملايين من المستهلكين عبر تطبيقاتها الخاصة.

منتجات ديزني بلس
يذكر أن ديزني وكل شركات الإعلام الكبرى اعتادت التعامل مع نتفليكس كمكان مناسب تماما لجني المال بسهولة، بينما أرادت الأخيرة إنشاء أعمالها التجارية الخاصة، وكانت ديزني وكل شركات الإعلام الكبرى سعيدة تماما بالحصول على أموال نتفليكس.

عام 2012 على سبيل المثال، أبرمت ديزني صفقة لبيع أفلامها إلى نتفليكس مقابل نحو ثلاثمئة مليون دولار سنويا، بدلا من إبرام الصفقة مع موزعين تقليديين مثل "أتش بي أو" HBO أو شوتايم.

عام 2015 كانت نتفليكس تجذب عشرات الملايين من العملاء عن طريق البث المباشر بدون إعلانات، وبينما تفقد قنوات ديزني التلفزيونية ملايين المشاهدين في الوقت ذاته، خرج روبرت إيغر الرئيس التنفيذي ليصرح بأنه لا يزال سعيدا بمواصلة العمل مع ريد هاستينغز الرئيس التنفيذي لنتفليكس، وينظر إليه كصديق وليس عدوا.

بعد ذلك بعامين خرج إيغر بتصريح مخالف لتصريحه السابق قائلا إن ديزني ستتوقف عن بيع منتجاتها عبر نتفليكس، وستطلق خدماتها الخاصة التي ستبث عناوين ديزني الشهيرة مثل: سلسلة أفلام كابتن مارفيل، وحرب النجوم، بعد عرضها في المسرح استنادا إلى شخصيات ديزني الشهيرة وعلاماتها التجارية الخاصة.

كل تلك التحديثات ستكلف ديزني أموالا طائلة، لأنها ستكون بحاجة إلى بناء مواردها الفنية الخاصة التي تحتاجها لتشغيل خدمات البث الخاصة، بالإضافة إلى إنتاج برامج أصلية جديدة للمشاهدين، كما أنها ستتخلى عن مئات الملايين من الدولارات التي اعتادت جنيها من بيع منتجاتها لنتفليكس وغيرها من الموزعين.

وفي محاولة منها للبحث عن إيجابيات تلك القرارات الجديدة، صرحت ديزني بأنها ستقوم بتسجيل ستين مليونا إلى تسعين مليون مشترك في ديزني بلس بحلول العام المالي 2024. مع ما يوازي ثلثي تلك الأرقام من خارج الولايات المتحدة. كما ستصل إلى ما يقرب 12 مليون مشترك بخدمات "إي أس بي أن" (ESBN) بلس التي تبث البرامج الرياضية التي لا تعرض على شبكات ESPN العادية، وأكثر من ستين مليون مشترك من خدمات قنوات "هولو" (HULU).

ولا يمكن إغفال أن الإستراتيجية الجديدة ستكلف ديزني المليارات، حيث ستخسر ديزني حوالي 3.9 مليارات دولار في السنة المالية 2019 حسب تقديرات المحلل المالي مايكل ناثانسون، وسيقفز هذا الرقم إلى 4.9 مليارات العام المقبل، مع خسارة ديزني بلس 2.5 مليار بسبب تلك الخطة الجديدة.

يقول تود جونجر المحلل بمؤسسة "بيرنشتاين" إن هذه الأرقام ستزداد سوءا إذا قررت ديزني توسيع نطاق بث قنوات هولو التلفزيونية خارج الولايات المتحدة، حيث سيتعين عليها إنفاق المزيد من الأموال لإنتاج محتوى مناسب. وصرحت شركة ديزني أنها ستبدأ في جني الأموال من تلك الإستراتيجية بحلول عام 2024.

في ذات السياق يمكن لديزني أن تغامر بتلك المليارات، بعد أن اتسعت قدرتها المالية عن طريق شراء قنوات "تونتي فرست سينتشوري فوكس" (21st century fox) لمؤسسها روبرت مردوخ.

يُذكر أن شركة ديزني حققت إيرادات بلغت 59 مليار دولار العام الماضي، وحققت أرباحا تزيد على عشرة مليارات. ومن المتوقع أن تحقق أرباحا بقيمة عشرة مليارات وأن تبلغ إيراداتها 71 مليارا هذا العام. وبحلول عام 2023 يجب أن تبلغ أصول الشركة مئة مليار.

ورغم التحول الإستراتيجي الكبير الذي تقوم به ديزني فإنها تحافظ تماما على جوهر أعمالها الأساسية، من متنزهات ومنتجات وأفلام وقنوات تلفزيونية، وتتوقع الشركة أنها ستبقى على هذا النحو فترة طويلة.

جدير بالذكر أنه بينما تبيع الشركة برامج قنوات "إي أس بي أن" (ESPN) بلس مباشرة لعشاق الرياضة المتشددين، مازالت تحتفظ ببرامجها الرياضية الرئيسية بأمان خلف جدار التلفزيون المدفوع، لأن الطريقة الوحيدة للتمكن من مشاهدة قنوات ESPNهي الاشتراك في باقة تضم العشرات من الشبكات التلفزيونية المدفوعة أيضا.

ماذا ستفعل نتفليكس؟
والآن ما موقف نتفليكس حيال كل هذه التطورات؟

ستفعل نفس ما تفعله منذ سنوات، إنفاق المليارات كل عام لبناء المحتوى الخاص بها، آملة في قدرتها على إضافة مشتركين جدد إلى الـ 139 مليون مشترك الذين لديها بالفعل من جميع أنحاء العالم.

يقول المدير التنفيذي لنتفليكس "أنت تفعل أفضل ما يمكنك عندما يكون لديك منافسون كبار".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية