دبكات الحنونة.. وثيقة فنية تحمي الهوية العربية من الاندثار

دبكة الحنونة
فرقة الحنونة تسعى لحفظ التراث والمحافظة على الهوية باعتبارهما نوعا من المقاومة الثقافية (الجزيرة)

حسين نشوان-عمان

يقال إن الدبكة قديما ارتبطت بفكرة حب الأرض عبر دغدغة أديمها للتعبير عن وله الإنسان بالطبيعة، حيث تمثل الضربات الإيقاعية الموسيقية بالأقدام رمزية لتحية الأرض، بينما يرمز شكل الصف الذي يأخذه "الدبيكة" دائريا للتماهي مع دورانها.

والمرجح أن أصل الدبكة يعود إلى أن الشباب كانوا يخرجون وقت الانقلاب الربيعي (21 مارس/آذار) للرقص وشكر الأرض على عطائها.

وضمن هذا الإطار تعمل فرقة "الحنونة" التي تقدم تحية للأرض وللشهداء الذي عمدوا الأرض بدمائهم، وتستقي فنها من تراث بلاد الشام عامة وفلسطين خاصة للتعبير عن وحدة الثقافة والهمّ، فمسؤولية الحنونة هي ذاكرة المنطقة لأنها باتت مهددة بالمحو، كما تقول أمينة سر الفرقة نعمت صالح.

تاريخ في أغنية
وعن جدوى الأغنية في ظل الحالة السياسية الراهنة، قال الشاعر الشعبي والمسرحي حسن ناجي "سُـئل فيلسوف الصين وشاعرها كونفوشيوس لماذا لم تكتب تاريخ الصين فقال لقد كتبتُ أغانيها، وهذه الإجابة تختصر دور الأغنية عالميا منذ الأزل. وأرى أن فرقة الحنونة قد فعلت أمرين كتابة الأغنية للتاريخ، وكتابة التاريخ في الأغنية".

ويقول عضو الفرقة خالد دبك (16عاما) وينتسب لها منذ سبع سنوات إن "الفرقة عرفتني إلى تراث وحياة الأجداد، وأن تراثنا يؤكد أن الأرض لنا وملكنا".

أما عضو الفرقة لبنى حمدان، (29عاما) وتنتسب للفرقة منذ ثماني سنوات، تؤكد أن "التراث سواء أكان زيا أم غناء هو يمثل هويتنا، ويحفزنا على أن نبقى متمسكين بحقنا وأرضنا".

حماية التراث
مشرف الفرقة أوج النبالي الذي بدأ معها منذ كان عمره ثلاث سنوات، قال إن "الفرقة تسعى لحفظ التراث، والمحافظة على الهوية باعتبارهما نوعا من المقاومة الثقافية."

ولم ينف أن دور الفرق الفنية الوطنية في الظروف الراهنة "لم يعد كما كانت من قبل، ولكن هذا يمثل دافعا للفرقة التي حظيت باهتمام الناس أن تبقى، وهو جزء من إيمانها برسالتها الوطنية والفنية". 

وقال الروائي والإعلامي محمد جميل خضر: إن "الحنونة ليست مجرد فرقة موسيقية، بل تصبح بمجمل منجزها وثيقة فنية ثقافية من أرواح وأصوات وأحلام وتطلعات وحكايات ودبكات ومشهديات، تحفظ إرث شعبها، وتحمي هويته من الذوبان والاندثار".

يشار إلى أن فرقة الحنونة للتراث الشعبي التي تأسست عام 1990، ينتسب إليها نحو ثمانين شابا وشابة في الفريق الأول والناشئين والبراعم، وتصدر مجلة فصلية تعنى بالتراث العربي، وأسست في مقرها بعمّان متحفا للثوب والتطريز الفلسطيني، وقدمت أكثر من 250 لحنا غنائيا، وشاركت في عدد من المهرجانات العربية والعالمية.

المصدر : الجزيرة