صاحبة أعلى أجر بتاريخ السينما المصرية.. 101 عام على ميلاد ليلى مراد

ليلى مراد
ليلى مراد اعتزلت عام 1955 حتى يوم وفاتها في نوفمبر/تشرين الثاني 1995 (مواقع التواصل)

فاطمة نبيل-القاهرة

الحياة الغامضة لنجمة الثلاثينيات والأربعينيات ليلى زكي موردخاي، أو ليلى مراد بدأت منذ لحظة ميلادها في 17 فبراير/مارس 1918، وهو التاريخ الذي وصل له الباحث السينمائي المصري أشرف غريب في كتابه "الوثائق الخاصة لليلى مراد".

يشير غريب في بحثه إلى أن عقد زواج ليلى مراد وأنور وجدي عام 1945 يُرجع تاريخ ميلاد ليلى إلى عام 1921، في حين يحمل جواز سفرها المستخرج عام 1978 تاريخ 1919 كعام ميلادها، في حين أشارت شهادة وفاتها التي استخرجها ابناها أشرف وزكي عام 1995 إلى أن عام 1916 هو عام ميلادها.

الشاهد أن هذا العام يمر 101 عام على ميلاد ليلى، التي اعتزلت العمل الفني عام 1955، لكنها ما زالت حاضرة بقوة في أذهان لم تعاصرها كنجمة وصاحبة أعلى أجر في تاريخ السينما المصرية، وكممثلة وحيدة خرجت عناوين أفلامها تحمل اسمها.

عاشت أسرة ليلى مراد -التي لم تكن أسلمت بعد- في حي السكاكيني بالقاهرة كأسرة يهودية من نسيج المجتمع المصري الليبرالي وقتها.

وسمحت مهنة الأب كمطرب للأسرة العيش في يسر، وسرعان ما تغير بعد هجر الأب لهم، واضطرار ليلى لترك المدرسة للعمل في الغناء، المهنة الوحيدة القادرة على إعالة الأسرة كثيرة العيال قليلة المال.

بدأت ليلى الغناء في الإذاعة المصرية عند افتتاحها، وهي ما زالت في عمر 16، وأفادت ليلى دراستها في مدرسة "سانت آنا"، ثم مدرسة "نوتردام دي زيبوتر" في تعليمها التراتيل الكنسية على يد راهبات المدرستين، كما أفادت من رحلاتها المتعددة مع الأب إلى قرى ونجوع مصر للغناء وإحياء الحفلات مثلها في ذلك مثل السيدة أم كلثوم التي أفادت من تعاليم والدها المنشد الديني "إبراهيم البلتاجي".

هذه الشهرة المحدودة دفعت رائدة السينما المصرية "بهيجة حافظ" إلى الاستعانة بصوت ليلى في نسخة فيلمها الجديد الناطق "الضحايا" عام 1935، بعد أن كانت قدمت نسخة صامتة منه قبل ثلاث سنوات.

عبد الوهاب وتوجو مزراحي
الصداقة التي ربطت زكي مراد والد ليلى بالموسيقار محمد عبد الوهاب دفعت الأخير إلى اختيار ليلى لتقف أمامه في فيلم "يحيا الحب" من بطولته وإنتاجه عام 1938، رغم معارضة محمد كريم مخرج الفيلم لاختيار ليلى التي وصفها وقتها بالخجولة التي لا تجيد التمثيل.

لكن سرعان ما تبين خطأ كريم، إذ نجح الفيلم ككل أفلام عبد الوهاب، وأحب الجمهور البطلة الجديدة، صوتا وأداءً ليلتقطها المخرج اليهودي أيضا توجو مزراحي ويعيد اكتشافها في فيلم "ليلة ممطرة" عام 1939، ثم في سلسلة أفلام تحمل اسم بطلتها هي "ليلى بنت الريف"، و"ليلى بنت مدارس"، و"ليلى"، و"ليلى في الظلام" لتصبح بعدها ليلى مراد أهم مطربة تعمل في السينما، منتصرة على منافستيها أم كلثوم وأسمهان، حيث توقفت الأولى عن المشاركة في السينما بعد فيلم "فاطمة" عام 1947، وتوفيت الثانية في حادث شهير عام 1944، ووصل أجر ليلى مراد وقتها إلى 17 ألف جنيه كاملة عن الفيلم الواحد كصاحبة أعلى أجر.

أنور وجدي
شكل عام 1945 تحولا في حياة ليلى مراد، حينما تزوجت من الممثل والمخرج والمنتج الأهم في تاريخ السينما المصرية أنور وجدي، وحسب ما ذكره الباحث أشرف غريب في كتابه السابق فقد تم الزواج عقب نهاية تصوير فيلم "ليلى بنت الفقراء" الذي تعاون فيه الثنائي ليلى وأنور لأول مرة، ولم يفتأ وجدي الذي اشتهر بالاستفادة من كل الظروف في الدعاية لأفلامه على الطريقة الهوليودية أن يستفيد من زواجه من ليلى مراد في الدعاية للفيلم الجديد.

لكن الزواج السعيد لم يعد كذلك بعد قليل، إذ دبت الخلافات العنيفة بين الزوجين وانفصلا بالطلاق ثلاث مرات عام 1951، ولكن بعد أن كانت ليلى أعلنت تحولها إلى الإسلام عام 1947.

ووفق ما كررته ليلى مراد في أحاديث صحفية عدة وقتها، فإنها لم تتعرض لأي ضغط من زوجها للتحول إلى الإسلام، وإن القرار كان ذاتيا وشخصيا.

ثورة يوليو
مع عام 1952، وبعد قيام ثورة يوليو/تموز بأشهر قليلة، ظهرت شائعة تفيد بأن ليلى زات إسرائيل، وهناك تبرعت للدولة الصهيونية بمبلغ خمسين ألف جنيه مصري.

الأمر الذي أزعج ليلى، التي حاولت الاتصال باللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية الأول لمصر ليساعدها في نفي هذه الشائعة التي أضرتها، ووصلت لمنع سوريا عرض أفلامها وإذاعة أغانيها.

وقتها تزوجت ليلى من وجيه أباظة عضو تنظيم الضباط الأحرار، لكن الطلاق وقع سريعا، بعد أن أنجبت ابنها الأول أشرف، لتتزوج بعدها من المخرج فطين عبد الوهاب، وتنجب ابنها الثاني الممثل والمخرج زكي فطين عبد الوهاب.

الاعتزال
اللافت أن هذه المرحلة غامضة من حياة ليلى مراد، التي أعلنت اعتزالها عام 1955، حيث أكد البعض أن قرار الاعتزال كان يرجع إلى رغبتها في أن تحافظ على صورتها عند الجمهور، في حين يبدو أن هذا القرار لم يكن نهائيا وقتها، حسب ما أدلت به إلى الإذاعية آمال فهمي في حوار معها، وأكدت فيه أنها حاولت بالفعل العودة إلى التمثيل بالسينما، لكن المسؤولين لم يبالوا برغبتها.

مرة وحيدة عادت فيها ليلى مراد إلى الظهور مجددا، حينما دعاها الموسيقار بليغ حمدي للظهور معه في برنامج "جديد في جديد"، الذي تم تصويره في أبو ظبي عام 1978، وقيل وقتها إن ظهورها في البرنامج كان تمهيدا لرجوعها للعمل مجددا، لكن الثابت أن هذا لم يتم، وطال احتجابها حتى وفاتها في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1995.

المصدر : الجزيرة