عامر شاكر.. فنان لبناني ينحت للقضية الفلسطينية

الفنان اللبناني عامر شاكر معبرا عن تضامنه مع القضية الفلسطينية
يطالب عامر شاكر الجميع بأن يخصصوا وقتا إلزاميا بهدف خدمة القضية الفلسطينية لإيقاظ ضمائر النائمين (الجزيرة)

محمد خالد-بيروت

ما إن تدخل منزل الفنان اللبناني عامر شاكر (55 عاما) حتى تأسر عينيك لوحات ومنحوتات متنوعة، كلها من تصميمه ورسمه، حتى أنه حوّل منزله الواقع في منطقة المنية شمال لبنان إلى متحف منحوتات يتنقل بها من مدينة إلى أخرى ومن قاعة إلى أخرى، للمشاركة في المهرجانات والفعاليات.

البدايات.. الأم مدرسة
عامر شاكر فنان متعدد المواهب، بدأ رحلته في عالم الفن منذ طفولته، وهو يصنع التماثيل باستخدام الحجارة والخشب والصخر والنحاس والرصاص وغيرها من المواد، ويبدع في منحوتاته لتصبح أعمالا فنية جميلة تمتع الناظرين.

استمدّ عشقه للرسم من المطرّزات التي كانت والدته تنقشها على الملابس، وتطوّر هذا الحب لديه حتى أصبح في النهاية نحاتا يستخدم الحجارة والصخور والخشب والجبس في صنع أعماله الفنية.

يصف نفسه بأنه فنان بالفطرة، ويسترجع بشغف ذكرياته مع الفن، ويقول "استهواني الفن منذ الصغر. كان لدي شغف بالفن مذ كان عمري ست سنوات. بدأت بالرسم والنحت على عيدان البساتين المجاورة لمنزلي، والنحت على الحجارة باستخدام أدوات بدائية كالسكين والشفرات، بالإضافة إلى رسم كل ما يخطر ببالي على الورق، مستوحيا أفكاري من الطبيعة".

ويردف شاكر "والدتي كانت مدرستي الأولى في عالم الفن، تأثرت بها حين كانت ترسم وتطرّز على القماش، كنت أشاهدها وهي تعلّم عددا من الفتيات، وكنت أحاول جاهدا معرفة كيف تقوم بذلك".

‪دعم القدس من أولويات الفنان اللبناني عامر شاكر باعتبارها قضية الأمة‬ (الجزيرة)
‪دعم القدس من أولويات الفنان اللبناني عامر شاكر باعتبارها قضية الأمة‬ (الجزيرة)

فلسطين في الوجدان
داخل منزله لوحات ومجسمات نقشت عليها بعض العبارات الوطنية "فلسطين عربية الأرض والمقدسات والقدس عربية"، "وعد فلسطين وعهد يا قدس إنّا عائدون"، إذ يعطي الفنان شاكر القضية الفلسطينية أولوية في أعماله التي تتضمّن رسوما ومجسمات عن فلسطين وتراثها.

ويخصص للقدس مساحة خاصة، لما ترمز إليه من موقع ومكانة في وجدانه بحسب قوله، فحبّه لفلسطين بدأ منذ الصغر عندما كان أجداده يحدثونه عن فلسطين وعن النكبة، وكيف استقبل أهل شمال لبنان اللاجئين الفلسطينيين عام 1948.

يقول عامر "لديّ هدف من الرسم والنحت لفلسطين، ألا وهو إحياء فلسطين لإيقاظ الغافلين الساكتين عن القضية، وإرسال رسالة إلى العدو الإسرائيلي بألا يفرح كثيرا، فهذه الأرض عائدة لنا ونحن عائدون إليها لا محالة، فلسطين أرض عربية ومن ضمن بلاد الشام العربية، لن نتخلى عنها أبدا، هي أرض المقدسات وعاصمة أبدية للعروبة وفلسطين".

ويضيف "أركز على القضية الفلسطينية في فني باعتبارها  قضية الأمة، وخاصة قضية القدس التي أثرت فينا جميعا، فضمّ القدس ومقدستها ومعالمها الدينية إلى الكيان الإسرائيلي ونقل السفارة الأميركية  إليها، أمر مرفوض".

ويطالب الفنان عامر شاكر الجميع -كلا واحد بحسب عمله- بأن يخصص وقتا إلزاميا بهدف خدمة القضية الفلسطينية لإيقاظ ضمائر النائمين، لأن قضيةً بحجم فلسطين بحاجة إلى دعم عربي ودولي وعالمي لنصرتها، إذ إنه لا يترك مناسبة أو مهرجانا إلا حمل معه لوحات عن القضية الفلسطينية للتعريف بها عن طريق الفن، من أجل التعاطف مع هذه القضية العادلة.

ويقول "كوني جارا لمخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، فلدي أصدقاء تربّينا معا وتعلّمنا معا ونعيش المعاناة نفسها، حتى أصبحنا أهلا وعائلة واحدة، وتعلمت منهم أيضا حبّ الوطن وحب فلسطين".

‪فلسطين في أعمال الفنان عامر شاكر‬ (الجزيرة)
‪فلسطين في أعمال الفنان عامر شاكر‬ (الجزيرة)

النحت على الرصاص
يعمل الفنان عامر شاكر على تطوير نفسه، فمن رسم اللوحات إلى النحت، ومن ثم الرسم على لوحات كبيرة من الإسمنت، إلى أن وصل منذ عدّة أشهر إلى النحت على أقلام الرصاص وأقلام التلوين.

يقول الفنان "مهما بلغت في العمر فإن طموحي لا يقف، فأنا أبحث دائما عن الإبداع والتطور وتعلم كل ما هو جديد، فمنذ مدة تعلمت النحت على أقلام الرصاص بنفسي، واجهت عدة صعوبات في البدء، فكما تعلم الرصاص مادّة هشّة وقابلة للكسر في أي لحظة، وأنا لا أعمل فقط على نحت رؤوس الأقلام فحسب إنما أنحت القلم كله، حتى أنّني أستفيد من خشبه للزينة".

ويوضح شاكر أنه عندما يقرر النحت يحاول أن يتميّز بالفكرة التي يختارها، فعادة لا يكون الاختيار عشوائيا، بل يحاول في كثير من الأحيان أن يخلق قصة من التحفة الفنية كي يكون لها عبرة وهدف، لأن الفن -بحسب تعبيره- "لغة عالمية ذات رسالة سامية وهادفة".

المصدر : الجزيرة