بمعرض قطري.. الحرف اليدوية تبرز هويات الشعوب وإبداعاتها
محمد السيد-الجزيرة نت
الجناح الفلسطيني في معرض الحرف اليدوية والتقليدية، الذي نظمته المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) على مدار سبعة أيام؛ عجّ بالعديد من الأعمال المبدعة الناطقة بالقضية الفلسطينية التي تقاوم الاحتلال وتحلم بالحرية، إلى جانب الإبداعات الفنية اليدوية، سواء ما يتعلق بالفسيفساء أو التطريز أو السجاد الوبري.
حنظلة والفسيفساء
فالفنانة الفلسطينية أبدعت أيضا عملا يجسد شخصية "حنظلة" الكاريكاتيرية الشهيرة، لتؤكد أن المبدعين لا يرحلون، وأن الفن لا يموت، وهي الشخصية التي رسمها الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وترمز للطفل القوي رغم كل الصعاب، والأيقونة التي تفضح الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، وفقا للعلي.
العمل يروي قصة "حنظلة" الطفل الذي أصبح رمزا للهوية الفلسطينية بعدما أجبر على ترك بلده وعمره لا يزيد على عشر سنوات، ولن يزيد عمره حتى يرجع إلى فلسطين، كما ترمز إدارة الشخصية ظهرها وتكتيف اليدين لرفض حنظلة الحلول الخارجية، في حين تشير ملابسه المرقعة وظهوره حافي القدمين إلى انتمائه للفقر.
وضمّ الجناح أنواعا مختلفة من التطريز الذي تفتخر به المرأة الفلسطينية، ودخل في جميع مناحي الحياة من تطريز على الصواني والمعلقات والبراويز وغيرها، بالإضافة إلى مجموعة من التقنيات الفنية الشائعة، كما شكلت مشغولات الثوب الفلسطيني الذي تبدعه الفلسطينيات خلفية أساسية للجناح.
الخشب والصدف
لم يكن الجناح الفلسطيني وحده المبدع في معرض الحرف اليدوية والتقليدية بكتارا، بل ظهر الفن المغربي عن طريق موهبة الفنان عزيز جيرار الذي جلس في الجناح المخصص لبلاده يتفنن في الحفر على الخشب والصدف، معتمدا على مهاراته الفردية وأدواته البدائية، فيترجمها إلى منتجات بديعة الشكل تسر الناظرين.
ويقول جيرار -الذي توارث المهنة عن جده- للجزيرة نت إن النقش على الخشب والصدف من التراث والحضارة المغربية، وإنه امتهن هذه الحرفة منذ صغره حتى يُظهر تراث المغرب للعالم، ولا يسلم حضارة بلاده للموت.
وحرفية الحفر على الخشب والصدف تحتاج إلى مهارة وتعليم كبيرين منذ الصغر، حيث تحدد مهارة وفكر كل شخص وقدرته على الاستيعاب والإبداع، فضلا عن إقباله على المهنة، وفقا لجيرار.
وعلى بعد خطوات من الجناح المغربي، جلس الإيراني محمد يوسفي ينسج سجادة يتجلى فيها من الدقة والإبداع والجمال، مما يعبر عن تاريخ بلاده القديم وحضارتها العريقة.
يوسفي الذي يملك اسما عربيا ولا ينطق باللغة العربية إلا كلمات بسيطة- يقول للجزيرة نت إن أهم ما يميز السجاد الإيراني جودته العالية، والقدرة على إصلاح القديم منه وإعادته إلى حالته الطبيعية.
ويتميز السجاد الإيراني بفنونه الساحرة التي يمكن إيجاد جذورها في الثقافات والتقاليد الإيرانية الغنية وعاداتها العريقة، حيث تعبر عن مدى العبقرية الإبداعية التي يتميز بها الفنان.
وتختلف النقوش والتصاميم والرسوم على السجاد الإيراني وفقا للمدينة التي يتم فيها الإنتاج، وهذه الاختلافات تكون في التصميم وفي عدد العقد المستخدمة في حياكة السجادة التي قد يصل سعرها إلى مئة ألف ريال قطري (نحو 27 ألف دولار أميركي)، وفقا ليوسفي.
فن تصديف الخشب
وكان الجناح السوري أكثر إبداعا في فن تصديف الخشب، وهي مهنة يدوية قديمة مشهورة في بلاد الشام منذ مئات السنين، حيث تعتمد صناعة الصدف على خشب الجوز لسهولة الحفر عليه ووجوده بقطع كبيرة ولونه البني المحروق.
ويرى الفنان السوري محمد الحوش أن معرض الحرف اليدوية التقليدية بكتارا كان فرصة مهمة للتعريف بالمنتجات السورية التي تجمع بين الجمال والأصالة.
ولم تبق مهنة تصديف الخشب حبيسة تقنيات الماضي، بل أدخل إليها الحرفيون الجدد تطورات كبيرة على مستوى نوعية القطع الخشبية المعمول بها والشكل الفني لطريقة التطعيم بالصدف، وفقا للحوش.
وبرز في الجناح السوري أيضا فن الرسم على الزجاج، وهو من الحرف السورية العريقة، حيث تميز الزجاج الدمشقي برقته وأناقته ومهارة صانعيه، وهو ما ظهر جليا في معروضات الفنانة التشكيلية السورية زينة عبارة.
في حين اكتفى الجناح العراقي بعرض مشغولات من الخزف، التي اشتملت على الأواني المزينة التي تصنع من الطين المحروق، وتنوعت الأواني الخزفية بين الأعمال الفنية التي يصنعها خزافون محترفون، وأشياء أخرى بسيطة يصنعها الهواة، بالإضافة إلى أواني الأكل والزهريات وأدوات منزلية أخرى.
وأبرزت أجنحة الدول المشاركة أشهر ما تنتجه من مشغولات وحرف يدوية تقليدية مشهورة في تراثها الشعبي، مثل صناعة السجاد والخزفيات والجبس والألمونيوم والمصنوعات الجلدية والأبواب الخشبية وأعمال التطريز والمنسوجات.