فيلم "نحنا منا أميرات".. قصص سوريات لجأن إلى بيروت أثناء الحرب

‎⁨جانب من مشاهد الفيلم 1⁩.JPG
فيلم "نحنا منا أميرات" لم يكن الأول الذي يتناول موضوع اللجوء عبر قصص إنسانية للاجئين السوريين في أميركا (الجزيرة)

(مي ملكاوي-كونيتيكت (الولايات المتحدة

"نحنا منا أميرات، لا حدا بيعرفنا ولا حدا رح يحكي عنا إذا متنا، حتى الموت في حظوظ ومراتب، نحنا ناس دراويش عاديين موتنا متل حياتنا بيمر عادي بلا ضجة"، هكذا بالعامية السورية تعبر منى إحدى بطلات الفيلم، وهي بطلة حقيقية خرجت من سوريا ومعها قصتها مثل آلاف أخريات.

يحكي فيلم "نحنا منا أميرات" للمخرجتين الأميركية بردجيت أوغر والسورية عتاب عزام، قصص نسوة سوريات لجأن إلى بيروت أثناء الحرب، يلتحقن بمشروع مسرحي يهدف إلى منحهن فرصا جديدة وعلاجا من آثار الأزمات التي مررن بها.

تبدأ النسوة بقراءة قصة عن بطلة قصة يونانية قديمة تدعى "أنتيغون"، تقاوم الملك لتدفن أخاها بعد أن قتل بسبب جريمة، فتسجن على إثر مقاومتها لأمر الملك وتصديها له، وفي الفيلم تقوم النسوة بإسقاط قصة أنتيغون على حيواتهن الحالية ولكل منهن قصتها ويومياتها بعد النزوح واللجوء إلى مخيمات فقيرة وكئيبة.

هو أحد الأفلام التي انتشر عرضها في الفترة الأخيرة في أميركا، ينتجها مخرجون أميركيون مستقلون أحيانا وترعاها مؤسسات معنية بدعم اللاجئين وتوفير فرص عمل ومشاريع لهم أحيانا أخرى، ويبدو أن اللاجئين السوريين هم من أكثر من يتم إنتاج أفلام عنهم.

وتحدثت مخرجة الفيلم بردجيت أوجر التي أدارت عرضه في مدينة نيوهافن عن أن مشاركة النساء في التجربة المسرحية وتفاعلهن مع شخصية أنتيغون اليونانية ألهمتهن ليجدن مجتمعا وقوة يتشاركن بها وهي طريقة لعلاج الأزمة التي مررن بها.

وشرحت في حديثها للجزيرة نت "لقد رأين التشابه بين مشاكلهن والقضايا التي حصلت قبل مئات السنين في هذا العالم، وهذا ما يوحد العالم في هموم مشتركة، فنحن نشعر بالألم نفسه والقصص نفسها التي تتكرر بشكل دائم".

وأوضحت أوجر "أن ما نراه في الفيلم هو نساء عاديات بيوميات عادية، وقمت مع عتاب عزام بهذا الفيلم لنجمع الناس من كل صوب ليساعدوا ويتحدثوا -لاجئين أو غير لاجئين- ويتبادلوا المشاعر فينفتحوا على الآخرين ويشاركوهم الحوار عن الإسلاموفوبيا والخوف والكراهية، فهذه هي الطريقة الوحيدة لنتغلب على كل هذا".

جاء عرض الفيلم ضمن فعاليات مطبخ الملاذ الآمن (سانكتشوري كيتشن) التابع لمؤسسة بذور المدينة في مدينة نيوهافن بولاية كونيتيكت، وبرعاية منظمة دمج وخدمات المهاجرين في ولاية كونيتيكت ومسرح ييل للدراسات ومنظمة كونيتيكت للخدمات الإنسانية، وكلها منظمات تساعد اللاجئين -سوريين وغير سوريين- في إيجاد فرص عمل، وتعمل على خلق مبادرات ومساعدات مادية وخدماتية لهم.

ويقوم مطبخ سانكتشوري بمساعدة لاجئات لإيجاد فرص اقتصادية ودعم مشاريعهن في مجال الطعام والطبخ، ووفق ما قالته سمية خان مديرة برنامج المطبخ الذي أنشئ عام 2018 فإن "مهمة المطبخ التشبيك مع اللاجئين لخلق فرص اقتصادية وروابط مع المجتمع".

وتوضح أن ذلك يتم بطرق متعددة "فنجري حصص طبخ للمهاجرين واللاجئين وأنشأنا ناديا للطهي وإعداد الوجبات وجمعنا الفنون وغيرها من الفعاليات الثقافية مثل عرض الأفلام والجلسات النقاشية ومسرحيات الدمى بالطبخ، ولدينا شراكات مع مؤسسات أخرى ومنها منظمات اقتصادية في نيوهافن وما حولها لدعم مشاريع هؤلاء اللاجئين والمهاجرين الجدد".

كما يعمل المطبخ على تشغيل مطاعم مؤسسات اجتماعية توظف من خلالها نساء لإعداد الطعام، وأكدت خان أنه يتم تدريب المشاركات وتطوير قدراتهن المهنية "لدينا ست موظفات لاجئات من سوريا والعراق وأفغانستان والسودان وهن يعملن بدوام جزئي بأجر محدد".

وينظم المطبخ ثلاث فعاليات شهرية، تدر على المشاركات بعض الدخل وتقوم بتشبيكهن مع المجتمع، فيقمن بالتسويق لمنتجاتهن كما يقمن بطهي الطعام لمناسبات مجتمعية مثل الأعراس والحفلات وغيرها.

‪‬ عرض الفيلم جاء ضمن فعاليات مطبخ الملاذ الآمن بولاية كونيتيكتجاء (الجزيرة)
‪‬ عرض الفيلم جاء ضمن فعاليات مطبخ الملاذ الآمن بولاية كونيتيكتجاء (الجزيرة)

وشاركت السورية عبير يوسف في طهي الطعام مع سوريتين أخريين لفعالية عرض فيلم "نحنا منا أميرات"، فكانت هناك أطباق من ورق العنب المحشي اليلنجي ومعجنات الجبنة وبابا غنوج وحمص وغيرها من الأكلات السورية، وقد استفادت عبير -كما تقول- كثيرا مع برنامج مطبخ سانكتشوري للاندماج بالمجتمع الأميركي وخلق فرص اقتصادية متعددة وتطوير لغتها.

واعتبرت عبير -وهي سورية من درعا جاءت إلى أميركا عام 2016 مع زوجها وأبنائها- قصة الفيلم جزءا صغيرا جدا من معاناة الشعب السوري، وتابعت "ما رآه السوريون أكبر بكثير والظلم والقهر ما زالا مستمرين، فالناس يتفرجون على الفيلم دون أن يشعروا بحقيقة ما يجري في سوريا".

ولعبير تجربة عمل مع اللجنة الطبية الدولية للإغاثة في سوريا، حيث قالت "شاهدت الجرحى والقتلى وشهدت على قصص عديدة مؤلمة وأريد أن أنقل جزءا مما يحدث" في سوريا.

وتعتبر منظمة بذور المدينة منظمة غير ربحية هدفها إدماج اللاجئين والمهاجرين الجدد والبحث عن فرص اقتصادية لهم عبر مشاريع مختلفة، كما تعمل وفق مديرتها إيميليا ريسماسترسون على المشاركة والتبادل والتفاهم الثقافي من خلال الطعام، ولذلك تستضيف الكثير من فعاليات الطهي، وتجمع في مكان واحد العديد من العناصر الثقافية لبناء فهم مجتمعي أكبر لهؤلاء المهاجرين.

ويعمل مع المشروع أشخاص من جنسيات متعددة معظمهم من السوريين والعراقيين إضافة إلى مهاجرين من أفغانستان والسودان وإريتريا والإكوادور والمكسيك.

ولم يكن فيلم "نحنا منا أميرات" الأول الذي يتناول موضوع اللجوء عبر قصص إنسانية للاجئين السوريين، لكن مؤسسات أخرى بالولاية بدأت تهتم بعرض أفلام أخرى ترافقها الأكلات الشعبية بهدف تشجيع التبادل الثقافي والاندماج، حيث عرض فيلم "داخل قلبي" للمخرجة ديبرا كلنر بتنظيم اتحاد المرأة في كونيتيكت، ويحكي قصصا درامية لمعاناة أربع عائلات سورية وأفغانية بعد الهروب من الحروب واللجوء إلى بلدان أوروبية.

المصدر : الجزيرة