أفلام الأبطال الخارقين.. هل يمكن أن تغيّر أذواقنا صناعة السينما؟

ميدان - Avengers: Endgame888
سكورسيزي: شخصيات الكوميكس لا بد أن تكون ذات طابع وقتي أو موضة ستنتهي عندما يملها الناس (مواقع التواصل)

محمد أنيس

انتقد المخرج الأميركي الإيطالي مارتن سكورسيزي توجه منتجي هوليود لإنتاج أفلام من نوعية أفلام مارفيل، مصرًا على أنه يوجد "غزو للأفلام الترفيهية" (ثيم بارك Theme Park) بدور السينما، وبرغم الحملة التي نشأت لمعارضة تصريحاته على الإنترنت فإنه لم يتراجع عن تصريحاته مدفوعاً بنجاح فيلمه "الأيرلندي" (The Irishman). 

ويرى سكورسيزي أنه من الجيد أن يشاهد البعض أو يكون معجبا بهذا اللون من السينما ولكن من غير الجيد أن تغزو هذه النوعية "ثيم بارك" دور العرض، لأن تلك الأنواع ببساطة ليست سينما بالأساس، فهي تخلق نوعًا آخر من الجمهور الذي يعتقد أن دور السينما محصورة فقط في أفلام الكوميكس.

وعبّر عن مخاوفه من اندثار فن السينما، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الجديدة تقضي على كل ما نعرفه من النظم القديمة السياسية وغير السياسية فـ "يبدو الأمر كما لو أن القرن 21 قد بدأ الآن، وهذا يعني أن السينما قد تذهب أيضًا. المفهوم الفعلي للسينما أصبح شيئا غير قابل للتعريف".

تصريحات المخرج -التي أثارت ضجة كبيرة- شاركه فيها الممثل الأميركي إيثان هوك (Ethan Hawke) حيث قال "أفلام الأبطال الخارقين يعتبرها البعض أعمالا فنية هامة، وهي في الحقيقة ليست كذلك".

ومن جانب آخر، انتقد المخرج الأميركي جيمس جن (James Gunn) صاحب أفلام "حراس المجرة Guardians of the Galaxy" هجوم سكورسيزي، معتبرًا أن رفض سكورسيزي يأتي من رفضه للجديد، مذكرًا بما مر به الأخير عندما قام بفيلمه "الإغراء الأخير للمسيح The Last Temptation of Christ" الذي قوبل بنقد وهجوم شديدين، مؤكدًا أنه لا يجب نقد الأفلام دون رؤيتها.

وينطلق سكورسيزي من رؤيته أن الأعمال الفنية المعتمدة على مجلات الكوميكس، ليست شخصيات حقيقة يمكن التفاعل بشكل كامل معها، فحجم التفاعل دائمًا مقصور، كون هذه الشخصيات غير واقعية ومن نسج الخيال، وفق ما ذهب إليه موقع "إندي واير IndieWire".

وفي هذا، يعطي سكورسيزي الأولوية للفيلم ذي الطابع السردي، ومرد ذلك أن شخصيات الكوميكس لا بد أن تكون ذات طابع وقتي أو موضة ستنتهي عنما يملها الناس، فليس من الممكن أن يتفاعل المشاهد كثيرًا مع شخصيات لا تشبهه، فلا يمكن لأحد أن تكون له قوة سوبرمان، أو ثراء باتمان رغم أن الأخير تعرض لأزمة كبيرة في صغره أفقدته والديه.

ويبدو أن خط الدفاع الأهم عن سكورسيزي أمام تصريحاته هو تمتع المخرج بالثناء العالمي الوقت الحالي لفيلمه الجديد "الإيرلندي" الذي عُرض لأول مرة بافتتاح مهرجان نيويورك السينمائي 2019، وهو فيلم عصابات من بطولة روبرت دي نيرو، وآل باتشينو، وجو بيسكي، ويعتبر مرشحا هاما في مسابقة الأوسكار هذا العام، ويتوقع ترشيحه لأفضل فيلم وأفضل مخرج.

واعتبر محللون أنه ربما لم يكن لتثير تصريحات سكورسيزي هذا الكم من الزخم لو جاءت قبل بضع سنوات قبل أن يوجد هذا الكم من معجبي أفلام مارفيل، كما أن تصريحات سكورسيزي تذكير بأهمية عدم سيطرة أفلام الإنتاج باهظة التكلفة على شباك التذاكر على حساب المحتوى الأصلي، والفيلم السردي الذي ينطلق من وقائع حقيقية أو متخيلة من الواقع يكاد يبقى في ذاكرة المشاهدين لعقود.

لكن تبقى المعضلة التي لن تحسمها إلا أذواق المشاهدين خلال السنوات القادمة ترجيحًا أو إخفاقًا، وهي أن أفلام الأبطال الخارقين تعد من بين الأعلى حصدًا لإيرادات شباك التذاكر. وإلى أن يتغير هذا الفاعل المهم، ستبقى أفلام الأبطال الخارقين أو الملاهي -وفق سكورسيزي- وقتًا في تفضيلات الجماهير.

المصدر : الجزيرة