حلقة تفاعلية من بلاك ميرور.. اصنع النهاية بنفسك

بلاك ميرور
ستجد نفسك متورطا في أحداث كثيرة وأنت من يحدد مصير البطل (مواقع التواصل)

محمد عبد السميع

طرحت شبكة نتفليكس حلقة جديدة خاصة من مسلسل "بلاك ميرور" (Black Mirror)، وهي حلقة تفاعلية يختار فيها المشاهدون خط سير الأحداث وما الذي يفعله الأبطال خلالها.

وحظيت هذه الحلقة التفاعلية بنسبة مشاهدة مرتفعة بعد طرحها منذ عدة ساعات، وتبلغ مدتها الطبيعية ساعة ونصف، لكن في الوقت نفسه يعتبر زمن الحلقة فعليا أكثر من خمس ساعات بحساب اختيارات المشاهدين لما يودون من البطل فعله، فكل اختيار يترتب عليه أحداث مختلفة.

مع بدء عرض الحلقة على نتفليكس يعرفك صناع المسلسل بما سيحدث، ويخبرونك بأن هذه حلقة تفاعلية وأنت مشارك في اختيارات الأبطال، ويطلبون منك أن يكون جهاز التحكم إلى جوارك لأنك ستستخدمه كثيرا.

يطرحون عليك سؤلا بطريقة تفاعلية وتختار أنت: نعم أو لا، فإذا اخترت "نعم" تبدأ الحلقة وإن اخترت "لا" يعيدون الشرح مرة أخرى، وفي جميع الخيارات لك مدة عشر ثوان إن لم تختر خلالها فإن هناك اختيارا افتراضيا من اقتراح المخرج والكاتب تشارلي بروكر، يعرض عليك حلقة مدتها ساعة ونصف أقرب ما تكون للحلقات العادية من المسلسل.

وهذه الحلقة لها خمس نهايات مختلفة، وللوصول لكل نهاية على المشاهد أن يجري عدة اختيارات تؤدي كل منها إلى نهاية.

اصنع مغامرتك الخاصة
ومع بداية الأحداث تجد نفسك كمشاهد متورطا في أمور كثيرة، في البداية تكون اختيارات عادية ولكن مع مرور الأحداث وبداية تعقدها تبدأ قرارتك في التأثير على القصة ومسارها، وهو ما يزداد صعوبة، حتى أن بطل المسلسل نفسه يشعر بأن هناك من يتحكم به وبمصيره.

من المواقف الطريفة أن الخيارات الأولى في الحلقة لا عواقب لها، فهي مجرد خيارات فقط لتدريب المشاهد على كيفية عمل الآلية وطريقتها، إذ يختار مثلا حبوب الإفطار أو الموسيقى التي يسمعها البطل ستيفان، وتعتبر كل الاحتمالات صحيحة، لكن عددا من المشاهدين حمّلوا أنفسهم عواقب الفظائع والمآسي التي تحدث لستيفان بناء على اختيارهم لنوع حبوب الإفطار!





وكما أوضح الناقد دانيل دادريو في مراجعته للحلقة الخاصة على موقع "فاريتي" (variety)، فإن هناك العديد من القرارات غير المهمة التي تتخذها خلال الأحداث ولا تؤثر عليها، غير أن هناك خطوطا رئيسية يرغب صناع المسلسل منك أن تتحرك داخلها، لذا يوجهونك أكثر من مرة نحوها، كأن يخبرك أحدهم داخل الحلقة أن هذا المسار خاطئ وعليك اتخاذ مسار جديد، وهكذا فالأمر في النهاية -على حد وصفه- لا يخلو من عملية نصب لطيفة.

"بلاك ميرور" مسلسل بريطاني حلقاته منفصلة ولكنها متصلة في موضوعها، وهو الجانب السيئ للتكنولوجيا وتأثيراتها المختلفة على مستخدميها، وهذه الحلقة الخاصة تؤكد على هذه الفكرة.

تطرح نتفليكس نفسها داخل أحداث القصة، بل تكون فاعلة في بعض الخطوط، ومع الوقت واستمرار الأحداث يكتشف المشاهد الذي يتحكم بسير هذه الأحداث أنه هو شخصيا التكنولوجيا ذات التأثير السيئ، والتي تؤثر على شاب في منتصف ثمانينيات القرن الماضي يسعى لبرمجة لعبة إلكترونية، فكرتها هي فكرة الحلقة نفسها، واللعبة مستوحاة من كتاب اسمه "باندرسناتش" (Bandersnatch) وهو أيضا قصة تفاعلية يختار القارئ فيها مصير البطل.

هل سيتغير وجه صناعة السينما؟
فكرة القصة التفاعلية ليست جديدة وتم تقديمها من قبل في الأدب والسينما، حتى في الأدب العربي قدم الأديب الراحل أحمد خالد توفيق في أحد الأعداد الخاصة بسلسلة "ما وراء الطبيعة" قصة تفاعلية اسمها "أسطورة كهوف دراجوسان"، وفي السينما هناك فيلم "كلو" (Clue) الذي له ست نهايات مختلفة، وكل نهاية عرضت في عدد من دور العرض تم اختيارها بشكل عشوائي.

هذه الحلقة أيضا ليست الإصدار الأول لنتفليكس في حلقات المسلسلات التفاعلية، فقد سبق أن قدمت إحدى حكايات فيلم الأنيميشن والمغامرات العائلي "بوس إن بوتس: ترابد إن أإيبيك تيل" (Puss in Boots: Trapped in a Epic Tale) بالطريقة التفاعلية، وكان الأطفال يختارون أحداث القصة ولكن بشكل أبسط بكثير من الحلقة التفاعلية الخاصة بالبالغين في "بلاك ميرور".

ويظل السؤال مع التطور التكنولوجي المذهل الذي يحدث كل يوم: هل يمكن أن يأتي اليوم الذي يجلس فيه أحدهم ويختار لبطل الفيلم كافة اختياراته؟ أي أن يكون البطل مجرد شخصية مكتملة لها ردود أفعال وكل مشاهد يبني لها قصة وفيلما مختلفا عن الآخر تماما؟

حتى الآن لا يمكن بث مثل هذه الحلقة على الشبكات التلفزيونية وخدمات البث غير المتصلة بالإنترنت، فالتقنية تستلزم اتصالا بالإنترنت، حتى أن مقرصني الحلقات صنعوا نسخة منها تمتد خمس ساعات و12 دقيقة، حتى يغطوا كافة الاختيارات الممكنة داخل الحلقة، وهو ما يؤكد المجهود الضخم المبذول من كافة القائمين على صناعة هذه الحلقة الخاصة من "بلاك ميرور".

ومن الزخم والمناقشات التي دارت حول هذه الحلقة، فمن المؤكد أن شبكة مثل نتفليكس لن تتوانى عن إنتاج حلقات وأفلام تفاعلية أخرى تكون أكثر إحكاما وقوة، ويكون للتفاعل فيها دور أكبر، وربما تدخل في السباق شبكات خدمة ترفيهية أخرى من الخدمات الكثيرة التي انتشرت مؤخرا.

المصدر : الجزيرة