اتساع الاحتجاجات بالأردن.. إلى أين تتجه الأمور؟
واشتبك المشاركون أثناء محاولتهم الوصول إلى الدوار الرابع (حيث مقر رئاسة الوزراء) مع قوات الأمن، مما تسبب في اعتقال عدد من المحتجين.
كما شهدت محافظات إربد (شمال) والكرك (جنوب) وقفات ومسيرات تطالب أيضا برحيل الحكومة والبرلمان.
ولليوم الرابع على التوالي يشهد الأردن احتجاجات واسعة في عدد كبير من محافظاته ومدنه وقراه، وذلك بعد قيام حكومة الملقي بإقرار مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل في 21 مايو/أيار الماضي وإحالته إلى البرلمان لإقراره.
وبدأت الاحتجاجات الأربعاء الماضي بإضراب عام دعت له النقابات المهنية، وأمهلت النقابات الحكومة أسبوعا لسحب مشروع القانون من مجلس النواب.
دعوة للحوار
وتأتي الاحتجاجات الجديدة بعد وقت قليل من دعوة ملك الأردن الحكومة ومجلس الأمة إلى أن يقودا حوارا وطنيا شاملا وعقلانيا للوصول إلى صيغة توافقية بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل، وذلك بعد أن أخفق اجتماع رؤساء النقابات المهنية برئيس الحكومة الأردنية في سحب القانون الذي أثار غضب الأردنيين.
وأكد الملك خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس السياسات الوطني فور عودته إلى البلاد أنه ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية، وأنه لا تهاون مع التقصير في الأداء، خصوصا في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة ونقل.
وأضاف أن التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني سببها الظرف الإقليمي الصعب، مشيرا إلى أن الظروف والخيارات أمام الأردن اليوم ليست نفس الظروف قبل خمس أو عشر سنوات.
وشدد على أن الدولة بكل مؤسساتها مطالبة بضبط وترشيد حقيقي للنفقات، وأهمية أن يكون هناك توازن بين مستوى الضرائب ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا على أهمية مشاركة الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني في الحوار بصورة فاعلة.
وخلال الاجتماع شدد الملك الأردني على أن الاعتماد على الذات ليس مجرد شعار ولا يعني مجرد فرض ضرائب، بل يعني وجود جهاز حكومي فاعل وقادر على تقديم خدمات نوعية وجذب الاستثمار، وتمكين المجالس البلدية ومجالس محافظات من تحسين الواقع التنموي والخدماتي.
فشل الحوار
وبعد نحو ساعتين من المباحثات التي جمعت أمس السبت رئيس الحكومة ورؤساء النقابات المهنية بدعوة من رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في مقر البرلمان أعلن الملقي أن الحوار سيتواصل مع النقابات المهنية حتى الوصول لتفاهمات.
وقال الملقي في مؤتمر صحفي عقده في ختام الاجتماع إن إرسال قانون الضريبة الجديد إلى مجلس النواب لا يعني أن يوافق المجلس على القانون أو على جزء منه، مؤكدا أن البرلمان له الرأي الأخير في رفضه أو إقراره.
في المقابل، قال ممثلو النقابات المهنية الأردنية إن سحب قانون ضريبة الدخل المعدل يحتاج إلى حوار واجتماع آخر مع الحكومة.
وقال رئيس مجلس نقباء النقابات المهنية علي العبوس إن مجلس النقباء سيقرر موضوع الإضراب الثاني المقرر يوم الأربعاء المقبل خلال اجتماع سيعقدونه في وقت لاحق.
وأفاد مراسل الجزيرة في عمان تامر الصمادي بأن الجهود المبذولة أخفقت حتى الآن في احتواء الموقف، خصوصا بعد فشل لقاء الحكومة بمجلس النقابات المهنية وتمسك كل طرف بموقفه.
وفي تعليقه على الأزمة الحالية في الأردن قال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن براري إن هناك دولا -من بينها السعودية- تريد إخضاع عمّان. وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن الأردن يدفع ثمن مواقفه تجاه القدس والقضايا الوطنية.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني عمر عياصرة في مقابلة مع الجزيرة إنه لا يجوز للحكومة أن تفرض الإصلاحات المالية المرفوضة شعبيا في أجواء إقليمية مضطربة.
مواقف النواب
وأعلن 78 عضوا في مجلس النواب مساء أول أمس الجمعة رفضهم مشروع قانون ضريبة الدخل، وقالوا إنه "غير صالح شكلا ومضمونا".
وأكد النواب في مذكرة نشروها أنهم يعلنون مسبقا موقفهم الواضح والمتضمن رد مشروع قانون الضريبة جملة وتفصيلا.
وأقر مجلس الوزراء الأسبوع الماضي مشروع قانون معدل لضريبة الدخل تضمن إخضاع الفرد الذي يصل دخله السنوي إلى ثمانية آلاف دينار (11.2 ألف دولار) للضريبة، وتعفى العائلة من الضريبة إذا كان مجموع الدخل السنوي للمعيل 16 ألف دينار (22.5 ألف دولار).
وكان المقترح السابق للقانون يشمل خفض سقف إعفاءات ضريبة الدخل للأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي ستة آلاف دينار (8.4 آلاف دولار) بدلا من 12 ألف دينار (16.9 ألف دولار)، و12 ألف دينار (16.9 ألف دولار) للعائلة بدلا من 24 ألف دينار (33.8 ألف دولار).
وتقدر الحكومة أن توفر هذه التعديلات لخزينة الدولة قرابة مئة مليون دينار (141 مليون دولار)، خصوصا أنها ستعمل بموجب تعديلات القانون على معالجة قضية التهرب الضريبي.
إجراءات سابقة
واتخذت الحكومة إجراءات خلال السنوات الثلاث الماضية استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة، وذلك في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار.
وكانت الحكومة رفعت مطلع العام الحالي أسعار الخبز، وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد بهدف خفض الدين العام.
وتخضع معظم السلع والبضائع بشكل عام في الأردن لضريبة مبيعات قيمتها 16%، إضافة إلى رسوم جمركية وضرائب أخرى تفوق أحيانا ثلاثة أضعاف القيمة السعرية الأصلية للسلع.