سياسيون ينددون باعتقال أبو الفتوح

أبو الفتوح يطرح على السيسي هيئة استشارية للحكم
السلطات المصرية اعتقلت أبو الفتوح على خلفية انتقاده للنظام الحاكم (الجزيرة)

توالت ردود الفعل المنددة باعتقال السلطات المصرية رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي في انتخابات عام 2012 عبد المنعم أبو الفتوح وستة من أعضاء المكتب السياسي للحزب، قبل أن تفرج عن أعضاء المكتب لاحقا.

وقال التلفزيون المصري إن نيابة أمن الدولة العليا أمرت بضبط وإحضار أبو الفتوح وعدد آخر من المتهمين للتحقيق معهم على خلفية قضية تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين التي تحظرها السلطات المصرية.

وقال زعيم حزب "غد الثورة" أيمن نور إن النظام المصري باعتقاله المعارضين والنشطاء يغلق كل أبواب التغيير الديمقراطي والعمل السياسي.

وأضاف نور في مقابلة مع الجزيرة أن هذا الإغلاق يدفع إلى التغيير الثوري في مصر، مؤكدا أنه "من العبث الاستمرار في الحياة الحزبية" في البلاد، داعيا الأحزاب إلى الانسحاب من المشهد "وترك المستبد عاريا لا يشاركه أحد".

‪نور: هذا النظام لا يَصلح ولا يُصلح‬ (الجزيرة)
‪نور: هذا النظام لا يَصلح ولا يُصلح‬ (الجزيرة)

عصابة
واعتبر نور أن مصر الآن مختطفة بأكملها "لأن البلد كلها في معسكر والسيسي في معسكر آخر، وهذا يفتح باب التغيير الثوري في مصر".

وقال إن مصر تحكمها الآن "عصابة بلا رقابة تفعل ما يتفق مع سلوكيات العصابة"، مضيفا أن "هؤلاء لا يلقون بالا من الأساس لفكرة الانتخابات لأن سلاحهم الوحيد هو الدبابة وليس صندوق الانتخابات".

وتوقع نور أن يقاطع الشعب المصري ما أسماها "مهزلة" الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرا أن هذه الانتخابات ستكون بداية سقوط نظام السيسي.

وأضاف أن مصر عادت إلى ما هو أسوأ من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بكثير لأن "هذا النظام لا يَصلح ولا يُصلح".

‪محسوب: هناك محاولة لترويض الشعب المصري وسجنه في سجن كبير‬  (الجزيرة)
‪محسوب: هناك محاولة لترويض الشعب المصري وسجنه في سجن كبير‬ (الجزيرة)

مصر بالمعتقل
من جانبه، قال أستاذ القانون ووزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري السابق محمد محسوب إن اعتقال أبو الفتوح بعد اعتقال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينة يُؤكد أن الحياة السياسية يُراد لها أن تموت تماما، وهناك محاولة لترويض الشعب المصري وسجنه في سجن كبير.

وأشار محسوب في حديث للجزيرة إلى أن الاعتقالات الذي ضمت المكتب السياسي لحزب "مصر القوية" تعني تجاوز ما كانت تدعيه السلطة من قبل بأنها تواجه جماعة الإخوان المسلمين فقط، مضيفا أنها الآن تواجه الحياة المدنية والاجتماعية ومنظمات العمل المدني، فضلا عن الأحزاب السياسية.

وأضاف أن الشعب المصري لا يلقي بالا لانتخابات الرئاسة المقبلة، وتابع "لسنا أمام سلطة ومعارضة، وإنما أمام شعب بأكمله يواجه سلطة اختزلت في شخص واحد ومدير مكتبه (في إشارة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المخابرات العامة عباس كامل).

وقال محسوب إن الشعب المصري بأسره أصبح ممثلا في السجون الآن، مشيرا إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ورئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان، ورؤساء أحزاب وقيادات سياسية.

وأكد أن سد الأفق في الانتخابات الرئاسية المقبلة يعني إغلاق الحياة السياسية في مصر تحت شعار "إما أن نحكمكم أو أن يُعتقل الجميع".

‪شندي: الاستقرار الأمني المبني‬ (الجزيرة)
‪شندي: الاستقرار الأمني المبني‬ (الجزيرة)

جمهورية خوف
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي "إننا أمام تضييق جديد للهامش السياسي المتاح وجعل انتقاد السلطة نوعا من المحرمات، وهذا لا يصب إلا في مصلحة جماعات العنف".

وأضاف شندي للجزيرة أنه ليس معقولا أن تتحول مصر إلى جمهورية خوف، معتبرا أن الاستقرار الأمني المبني على خوف الناس لا يدوم، وأن هناك من يحاول إيجاد نظام يشبه النظام البعثي في مصر، "وهذا أمر شديد الخطورة".

وفي هذا السياق، قال مجدي حمدان نائب رئيس حزب الجبهة إن اعتقال أبو الفتوح أمر بعيد عن المنطق والعقل، وخارج سياق الاتزان، معتبرا ما يحدث بمثابة "وضع السياسة المصرية قيد الاعتقال حتى إشعار آخر".

وتابع حمدان أن الحياة السياسية في مصر توقفت تماما منذ أكثر من ثلاث سنوات، معتبرا أن رسالة النظام المصري من اعتقال أبو الفتوح للأحزاب السياسية أن "الزموا بيوتكم".

وقال إنه لا يعلم إن كان السيسي يريد أن يصل بمصر إلى هذا الحال، أم أن من وصفها "بالمجموعة الحارسة للدولة المصرية" هي من تفعل ذلك.

وشبّه حمدان الأوضاع في مصر الآن بما حدث في سبتمبر/أيلول 1981 قبيل اغتيال الرئيس أنور السادات من اعتقالات طالت جميع القوى السياسية.

‪القدوسي: اعتقال أبو الفتوح‬ (الجزيرة)
‪القدوسي: اعتقال أبو الفتوح‬ (الجزيرة)

الثورة أو العبودية
من جهته، قال السياسي والحقوقي أحمد قناوي إن هناك تجريفا كبيرا للحياة السياسية في مصر، معتبرا أن هذه الاعتقالات تُوجه رسالة لجميع القوى والأحزاب السياسية أنه لا يوجد في البلاد إلا لاعب واحد فقط هو السلطة الحاكمة.

واعتبر قناوي أن السلطة تتعاطى مع الانتخابات الرئاسية المقبلة بانفعال شديد بعد اعتقال مرشحين محتملين، وقيادات حزبية وسياسية، مضيفا أن الأوضاع الحالية في مصر أسوأ كثيرا من عهد مبارك، "وهذا لا يمكن أن يستمر طويلا".

أما الكاتب الصحفي محمد القدوسي فقال إن اعتقال أبو الفتوح استمرار لسياسة الانقلاب في ممارسة "الجرائم" بدءا من المذابح التي ارتكبها، مرورا بما وصفها "بالجريمة الكبرى ببيع جزيرتي تيران وصنافير، ولا زال يمارس هذه الجرائم باعتقال أحزاب سياسية بأكملها".

وشدد القدوسي على أنه ليس أمام المصريين إلا "الثورة أو العبودية"، معتبرا أن العامل الاقتصادي أو الضغط الخارجي لا يسقطان الدكتاتوريات.

أما الكاتب السعودي جمال خاشقجي فرأى أن اعتقال أبو الفتوح إعلان لموت الحياة السياسية في مصر، وأن مصر مقبلة على أزمة سياسية ستكون شديدة، لأن "هناك شخصا واحدا يكرر تجربة صدام حسين (الرئيس العراقي الراحل) ومعمر القذافي (الزعيم الليبي الراحل)".

وأضاف أن النظام المصري يعلم أن الغرب لن يمارس ضغوطا عليه، وأن أقصى ما ستفعله واشنطن هو إصدار بيان عن الخارجية الأميركية للتعبير عن القلق من اعتقال أبو الفتوح.

المصدر : الجزيرة