التنسيق المدني.. لقاء مصالح بين إسرائيل والسلطة

التنسيق المدني كفل تنقل الفلسطينيين وضمن التبادل التجاري والاقتصادي وإعفاء إسرائيل عن المسؤولية المدنية عن الفلسطينيين، تموز / يوليو 2015 معبر ترقوميا المؤدي لمحافظة الخليل.
معبر ترقوميا بمحافظة الخليل حيث يكفل التنسيق المدني تنقل الفلسطينيين وضمان التبادل التجاري والاقتصادي بين السلطة وإسرائيل (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

شكك محللون بجدية تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي أوعز إلى منسق أعمال الحكومة في الضفة الغربية بوقف التعاون المدني واللقاءات السياسية مع السلطة الفلسطينية، والإبقاء على التنسيق الأمني عقب قرار مجلس الأمن إدانة الاستيطان.

وترجع تفاهمات التنسيق المدني والأمني بين السلطة وإسرائيل إلى اتفاق طابا الذي وقع في سبتمبر/أيلول 1995، حيث تم حل الإدارة المدنية لسلطة الاحتلال التي كانت تشرف على احتياجات ومتطلبات الفلسطينيين، ونقلت صلاحياتها للسلطة الفلسطينية، وعلى إثر ذلك أسست مديرية التنسيق والارتباط المشترك للجانبين.

ويتم من خلال المديرية المشتركة التبادل التجاري وإدخال الشاحنات عن طريق المعابر البرية، وتنقل الفلسطينيين ومنحهم تصاريح السفر للخارج أو حتى إلى داخل الخط الأخضر، وكذلك إدخال الأدوية والمعدات الطبية ونقل المرضى الفلسطينيين للعلاج بإسرائيل.

ألدار: لا يمكن الفصل بين التنسيق الأمني والمدني
ألدار: لا يمكن الفصل بين التنسيق الأمني والمدني

أعباء ومسؤوليات
ومن المستبعد أن يستجيب المستوى الأمني الإسرائيلي لهذه الأوامر التي بحاجة لمصادقة الحكومة التي تعي جدوى استمرار التنسيق المدني والعلاقة مع السلطة الفلسطينية، ومدى أهميته للجانبين ولإسرائيل على وجه الخصوص التي ليس بمقدورها تحمل مسؤولية وعبء نحو ثلاثة ملايين فلسطيني بالضفة.

ويقول المحلل السياسي عكيفا ألدار إنه رغم توقف المفاوضات في عهد حكومة بنيامين نتنياهو، فإن الجانب الفلسطيني لم يجمد التعاون الأمني كونه كان شرطا دوليا وأميركيا لمواصلة الدول المانحة صرف الميزانيات للسلطة، كما حافظت تل أبيب على العلاقة الأمنية والمدنية، وحتى مع اندلاع الانتفاضة، فأقصى ما فعلته إسرائيل في هذا السياق هو تجميد تحويل عائدات أموال الضرائب.

وقلل المحلل الإسرائيلي -في حديثه للجزيرة نت- من جدية تصريحات ليبرمان التي تندرج ضمن التنافس بين قيادات معسكر اليمين لتنفيس حالة الضغط وتصدير الأزمة الداخلية للحكومة عقب قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان، مبينا أن ليبرمان اختار عرض العضلات على السلطة الفلسطينية بعد تصعيد نتنياهو ضد المجتمع الدولي.

ويؤكد ألدار أن المستوى الأمني بإسرائيل لن يتعامل مع هذه الأوامر وسيعمل على تفريغها من مضمونها، كونه لا يمكن الفصل بين التنسيق الأمني والمدني والذي يعتبر لقاء المصالح بين الطرفين، مشيرا إلى أن الجانب الإسرائيلي سيكون الخاسر الأكبر لو جرى تجميد التنسيق، إذ ليس بمقدوره تحمل تبعات هذا الإجراء أمنيا واقتصاديا وسياسيا.

شلحت: العلاقات المدنية بين الجانين خاضعة للمنظور الأمني 
شلحت: العلاقات المدنية بين الجانين خاضعة للمنظور الأمني 

المنظور الأمني
وينبثق التنسيق الأمني والمدني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من اتفاق أوسلو الموقع بين الجانبين في سبتمبر/أيلول 1993، حيث يقول الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إنه لا يمكن عزل تبادل المعلومات والأمن الميداني عن الواقع المدني الخدماتي بالضفة الغربية المحتلة، كون الأمن هو جوهر وركيزة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل التي تصر على الحفاظ على أمنها حتى وإن تعطلت المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.

ولفت شلحت -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن التحليلات الإسرائيلية لم تأخذ أوامر ليبرمان على محمل الجد، على اعتبار أن العلاقات المدنية بين الجانين خاضعة للمنظور الأمني الذي يشيد بدور الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتعاونها مع إسرائيل بكل ما يتعلق بكبح الحوادث المتعلقة بالهبة الشعبية الفلسطينية.

ويرى أن تصريحات الجانب الإسرائيلي بالذات بالملف الفلسطيني وإدانة الاستيطان ما هي إلا محاولة لردع الفلسطينيين، وهي ردات ارتجالية تعكس انعدام الأفق السياسي لدى حكومة نتنياهو بالتعاطي مع القضية الفلسطينية التي باتت تأخذ زخما بالمحافل الدولية، وما عادت مقتصرة على أداء السلطة، وإنما على التحول لدى المجتمع الدولي بالتعامل ملف المفاوضات من خلال المبادرة الفرنسية ومؤتمر باريس الذي يدفع نحو تسوية سياسية تعتمد على حل الدولتين.

المصدر : الجزيرة