أحكام بالسجن على مناهضين للعبودية بموريتانيا
أحمد الأمين-نواكشوط
المحاكمة كانت من جلسة واحدة غاب عنها المتهمان ودفاعهما، بحجة التشكيك في شرعيتها وعدم اختصاصها، وحاولت المحكمة إحضارهما بالقوة للمثول أمامها، لكنها تراجعت فيما بعد عن قرارها، فعقدت جلستها بحضور مناصريهما الذين دخلوا القاعة دون إثارة شغب أو تشويش.
وخلال الجلسة طالب الادعاء بتأكيد الحكم الصادر بسجن الرجلين سنتين نافذتين، بعد حوالي ثمانية أشهر من صدور حكم عن محكمة في روصو بالجنوب الغربي الموريتاني بالعقوبة نفسها.
"مهزلة" متوقعة
وفي رد فعل أولي على الحكم، قال الناشط بـ"حركة إيرا" عيسى ولد علي -للجزيرة نت- إن "هذه مهزلة كنا نتوقعها في ظل غياب قضاء عادل، وسيطرة مطلقة من السلطة على الهيئات القضائية، وعدم الاكتراث بالقانون".
وأضاف ولد علي الذي حضر المحاكمة أن هذا الحكم محاولة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز "لإرضاء ناخبيه الكبار من ممارسي الاستعباد، ومحاولة للتأثير على نضال الانعتاقيين" بقيادة بيرام ولد الداه ولد اعبيد وإبراهيم ولد بلال.
واعتبر ولد علي أن الحكم لن يؤثر على نضالهم الذي قال إنه سيتصاعد في المرحلة القادمة، مضيفا أن السجون لا تخيفهم وأنهم مستعدون لدفع الثمن من أجل تحقيق أهدافهم في التحرر والقضاء على العبودية.
وأثارت المحكمة الكثير من الجدل والتجاذب بين المحامين والقضاء بشأن شرعيتها، حيث اعتبر المحامون أنه تم تسييسها وأخرجت من نطاقها القانوني الذي يجعل القاضي الطبيعي للمتهمين هو محكمة الاستئناف في نواكشوط بحكم الاختصاص الترابي لمحاكم الاستئناف.
لكن المحكمة العليا -وهي أعلى هيئة قضائية في موريتانيا– رأت أن الإجراءات سليمة وأن اختصاص محكمة ألاق قائم، ومن حقها محاكمة المتهمين، وهو ما اعتبره المحامون محاولة غير موفقة لإضفاء الشرعية على "عملية الخطف" التي تعرض لها المتهمان.
شحن نفسي
وكما سبق المحاكمة جدل قانوني، فقد رافقها شحن نفسي وشد عصبي، حيث توافد أنصار "حركة إيرا" ومجموعات حقوقية ونشطاء على مدينة ألاق، وتجمهر عشرات من مناصري الحركة أمام المحكمة قبل الجلسة مرددين شعارات تطالب بإطلاق سراح رئيسهم ونائبه وترفض محاكمتهما، ورغم ذلك لم تُسجل حوادث تذكر.
وقد عززت السلطات الموريتانية الإجراءات الأمنية في المدينة منذ الصباح، وانتشرت وحدات من الشرطة والحرس والدرك في الشوارع المؤدية لمقر المحكمة، وفي المناطق الحساسة في المدينة، لكن الحياة ظلت طبيعية في سوق المدينة ومعظم أحيائها.
وكانت محكمة الجنح بولاية اترارزة قد حكمت على بيرام ولد اعبيد ونائبه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي بالسجن عامين، بتهمة التظاهر غير المرخص وإثارة الشغب، بعد أن شاركا في مظاهرة ضد ما تسميه الحركة "العبودية العقارية".