أحكام إعدام رموز نظام القذافي تثير ردودا متباينة

أصدر القضاء الليبي اليوم الثلاثاء أحكاما بإعدام تسعة من رموز النظام السابق، بينهم سيف القذافي وعبد الله السنوسي والبغدادي المحمودي، وقضى بسجن آخرين لمشاركتهم في قمع ثورة فبراير عام 2011. وأثارت الأحكام ارتياحا لدى مؤيدي الثورة، لكنها قوبلت بانتقادات من الحكومة المنبثقة عن البرلمان المنحل ومن أطراف دولية.

فقد قضت محكمة استئناف طرابلس في ختام محاكمة بدأت في أبريل/نيسان العام الماضي بعقوبة الإعدام رميا بالرصاص على كل من سيف القذافي نجل العقيد الراحل معمر القذافي، ورئيس الاستخبارات عبد الله السنوسي، ورئيس جهاز الأمن الخارجي أبو زيد دوردة، ورئيس الوزراء البغدادي المحمودي، ورئيس جهاز الحرس الشعبي منصور ضو، ورئيس جهاز مكافحة الزندقة ميلاد دامان، والقيادي في اللجان الثورية عبد الحميد عمار، والمسؤول الأمني مندر مختار.

وجاء الحكم على التسعة حضوريا في مقر المحكمة باستثناء سيف القذافي المحتجز في مدينة الزنتان (جنوب غربي العاصمة طرابلس) منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وصدرت أحكام الإعدام بناء على تهم تشمل القتل والتحريض على القتل والاغتصاب.

وقال مراسل الجزيرة في ليبيا محمود عبد الواحد إن دفاع المتهمين قرر الطعن في الأحكام الصادرة اليوم -خاصة أحكام الإعدام- لدى المحكمة العليا في العاصمة الليبية. ولا تنفّذُ أحكام الإعدام قبل أن تنظرَ فيها المحكمة العليا.

وأضاف أن محكمة استئناف جنوب طرابلس أصدرت أحكاما بالسجن المؤبد ضد ثمانية آخرين من رموز النظام السابق، وبالسجن 12 عاما ضد سبعة، وعشر سنوات ضد أربعة، وست سنوات ضد ثلاثة، وخمس سنوات لمتهم واحد.

وفي المقابل، برأت المحكمة أربعة من المتهمين، من أبرزهم وزير الخارجية الأسبق عبد العاطي العبيدي، وقررت إخلاء سبيلهم، في حين أحالت متهما آخر على مصحة نفسية. وقال النائب العام الصديق الصور إن الأحكام صدرت بمعزل عن التأثيرات السياسية جراء الوضع الراهن في ليبيا.

موقفان متعارضان
وأفاد مراسل الجزيرة محمود عبد الواحد بأن الأحكام أثارت ارتياحا على المستوى الشعبي لما يُتهم به هؤلاء من جرائم قبل وخلال ثورة فبراير.

‪عناصر من الأمن الليبي تحرس مقر محكمة استئناف طرابلس التي أصدرت الأحكام‬ (غيتي)
‪عناصر من الأمن الليبي تحرس مقر محكمة استئناف طرابلس التي أصدرت الأحكام‬ (غيتي)

وأضاف أن من المستبعد أن تسلم مدينة الزنتان سيف القذافي إلى السلطات في العاصمة بسبب النزاع القائم بين الزنتان-المتحالفة مع الحكومة المنبثقة عن البرلمان المنحل المنعقد في طبرق (شرقي ليبيا)- وبين قوات فجر ليبيا التي تسيطر على أجزاء كبيرة من وسط وغرب البلاد، مشيرا إلى أن وضع نجل القذافي يشوبه غموض منذ مدة. 

وكانت المحكمة الجنائية الدولية طلبت مرارا من السلطات الليبية تسليمها سيف القذافي لمحاكمته من أجل الجرائم المنسوبة إليه، لكن طلبها قوبل بالرفض.

من جهته، رأى وزير العدل بحكومة طبرق المبروك قريرة أن محاكمة رموز النظام السابق في ظل سيطرة قوات فجر ليبيا على طرابلس "غير قانونية".

وناشد قريرة المجتمع الدولي عدم الاعتراف بهذه المحاكمات بسبب انعقادها في مدينة "خارجة عن سيطرة الدولة". وأضاف "القضاة بالمحاكم في طرابلس يعملون تحت تهديد السلاح، ويخشون القتل والخطف"، حسب تعبيره.

وفي جنيف بسويسرا، عبرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن "انزعاجها الشديد" من الأحكام التي صدرت اليوم في العاصمة الليبية. واعتبرت أن المعايير الدولية للمحاكمة العادلة لم تتوفر في محاكمة مسؤولي نظام القذافي.

كما انتقدت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تلك الأحكام، وتحدثتا عن ثغرات ومزاعم عن انتهاكات لا تضمن محاكمة مستقلة في دولة لا توجد فيها سلطة، ولا تحقق الهدف المتمثل في عرض جرائم النظام السابق.

في السياق نفسه، انتقد الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي أحكام الإعدام، خاصة الحكم الصادر ضد رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي الذي تسلمته ليبيا من تونس أواخر عام 2012 عندما كان المرزوقي في الرئاسة.

وتسبب تسليم المحمودي حينها في أزمة داخل الترويكا الحاكمة بقيادة حركة النهضة، حيث كشف المرزوقي أنه كاد أن يستقيل من منصبه احتجاجا على عملية التسليم.

المصدر : الجزيرة + وكالات