برودة يناير تصارع سخونة الأجواء الخليجية قبيل قمة العلا

اجتماع وزراء خارجية دلو مجلس التعاون الخليجي في الكويت تحضيرا للقمة الخلجيية- مصدر الصورة:وكالة الأنباء الكويتية (كونا)
اجتماع سابق في الكويت لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي (الجزيرة-أرشيف)

هل تفلح برودة يناير/كانون الثاني في خفض حدة التوتر الخليجي، أم أن الصفيح الساخن الذي تتقلب فوقه المنطقة منذ حصار قطر أقدر على تحويل الشتاء الخليجي إلى قطعة من حرّ الصيف؟

وهل يحمّل المراقبون القمة الـ41 لمجلس التعاون الخليجي أكثر مما يمكن أن تحتمل؟

يُجمع المراقبون على أن الوساطة الكويتية تبذل جهدا لا تخطئه عين لتضميد جراح تحول دون شفائها طموحات تصل إلى حدّ الشطحات من قبل من هَووا بمعول حوّل 40 عاما من محاولات بناء بيت خليجي إلى شذرات.

فالمتابعون للاستنفار البحريني في جزر حوار والمياه الخليجية والذي انعكس في صورة تصعيد ضد قطر، سواء تحت غطاء أزمة صيادين مفتعلة أو عبر اختراق أجواء الدوحة، يجمعون تقريبا على أن السلوك البحريني إنما هو صدى لرغبة دولة الإمارات في افتعال مبررات لإفشال جهود المصالحة.

وإذا كان ظاهر المشهد يروّج لتسريبات تتحدث عن احتمالات تلبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدعوة سعودية للمشاركة في القمة، فإن مصادر مطلعة على بواطن العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي، نقلت أن الزيارة الأخيرة لولي عهد أبو ظبي إلى القاهرة إنما كانت لتنسيق المواقف بشأن إفشال الوساطة الكويتية، لا العكس.

وإن كان الحال هكذا عند 3 من أطراف الحصار (الإمارات والبحرين ومصر)، فكيف إن أضيف له وضع إقليمي ملتهب تتلاعب به أيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة في البيت الأبيض، وتتنزه قاذفات "بي-52" (B-52) الأميركية في سمائه، دون أن يدري أهل الخليج أنفسهم أين ومتى وإن كانت ستلقي حمولتها في مواجهة الشطرنج "الترامبية" الإيرانية.

أي حسابات سيفكر فيها القائمون على الوساطة في المصالحة والمدعوون إلى الدخول فيها وهم يتابعون أحاديث من مقربين من مواقع القرار في الإمارات، عن غواصة نووية إسرائيلية تشق طريقها إلى الخليج الذي وطئت تل أبيب بترحيب مبالغ فيه اثنتين من عواصمه (أبو ظبي والمنامة)؟ وأي تقديرات تتطلبها وهم يراقبون زيارة القادة العسكريين الإيرانيين إلى جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، في رسالة إيرانية واضحة بأن الرد الإيراني على أي هجوم أميركي قد يطال الخاصرة الرخوة لحلفاء ترامب، ولا سيما أن في طهران من لا ينسى أن أبو ظبي سبق أن حرّضت على ضرب إيران  .

وإذا كان الكثيرون في مراكز التفكير الإستراتيجي بالولايات المتحدة يقدّرون أن إدارة بايدن المقبلة تحمل حزمة حسابات قد لا تشتهيها سفن  حلفاء الحقبة الترامبية، بل قد تضعهم في موقف صعب، فإن مجمل  الظروف التي تنعقد فيها القمة التي عنوانها "المصالحة"، تلقي بظلال كثيفة على إمكانية الوصول إلى العنوان المأمول.

فإذا كانت المصالحة الحقيقية بين أي طرفي أزمة تستتبعها إعادة النظر في التحالفات التي قد تتعارض مع هذه المصالحة، فإنه -من وجهة نظر مراقبين- يبدو الأكثر ترجيحا أن التحالفات التي بناها كل طرف خلال سنوات الحصار لقطر، هي الأكثر قابلية من وجهة نظر كلا الطرفين، للتعويل عليها .

إن صحّت هذه المقاربة فإن شتاء يناير/كانون الثاني لن يكون قادرا على احتواء سخونة الخلافات الخليجية، وأقصى ما يمكن أن يجود به هو لقاءات شكلية لا تعرف من الدفء إلا ما يعرفه أكثر شهور العام برودة.

المصدر : الجزيرة