رسائل غاضبة من الإخوان لملك الأردن

صور من مسيرة بالأردن مع تقرير بعنوان رسائل غاضبة من الإخوان لملك الأردن
undefined

محمد النجار-عمان

رفعت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها في الأردن من السقف في وجه ملك الأردن عبد الله الثاني بشكل بدا غير مسبوق، واتهمته بأنه يرعى الفساد والاستبداد في المملكة.

وعلت هتافات وشعارات رددها الآلاف من جماهير الإخوان في مسيرة خرجت من المسجد الحسيني وسط عمان، وتوجهت كلها للملك ولجهاز المخابرات، بشكل بدا تصعيدا من جانب الجماعة، التي أكدت قياداتها أنها ترفض نهج الإصلاح الذي يصر عليه النظام، رغم التزامها بسقف الإصلاح ضمن النظام الهاشمي.

ولفت أنظار المتابعين للمسيرة ثناء المتظاهرين وهتافاتهم بشكل إيجابي للجيش الأردني ولقوات الأمن العام، في مشهد يلخص خصومة الإخوان السياسية مع الملك وجهاز المخابرات.

وسيطرت أجواء قمع قوات الأمن لمسيرة خرجت في إربد الجمعة الماضية على مسيرة الإخوان هذا الأسبوع التي جاءت حاشدة وكبيرة، وعادوا لأوصاف أطلقها الملك بحقهم في مقابلة مع مجلة أميركية الشهر الماضي بأنهم مثل المحافل الماسونية، وهتفوا بأن المحافل الماسونية في الأردن "تحت الرعاية الملكية".

‪أحد الشعارات المرفوعة في مسيرة الإخوان المسلمين بالأردن‬ (الجزيرة)
‪أحد الشعارات المرفوعة في مسيرة الإخوان المسلمين بالأردن‬ (الجزيرة)

شعارات واستعراض
وسمع من هتافات المسيرة "حرية من الله.. غصبا عنك عبد الله"، و"لا ولاء ولا انتماء إلا لرب السماء"، و"ما بنخاف المعتقلات.. ولا جهاز المخابرات"، و"يا عبد الله افهم الدرس.. الله والأردن وبس"، و"ثورة بتلف وبتدور.. يا فاسد جاييك الدور".

كما أعاد المتظاهرون -كما هو شأنهم في كثير من المسيرات- تذكير الملك بمصير الرؤساء العرب المخلوعين، ووجهوا الحديث للمجهول عندما قالوا بعد هتافاتهم ضد الرئيس السوري بشار الأسد "بشار انخلع ودوا.. لم هدومك يللي بعدو".

المسيرة حملت رسائل ساخنة أخرى من قبيل رفع المتظاهرين يافطات فارغة لم تكتب عليها شعارات، وشرح قيادي في الحراك الشبابي الإسلامي بأن تلك رسالة للنظام بأن الشعارات ستتغير إن ظل على نهجه الحالي.

المشهد اللافت الآخر تمثل في تقدم المسيرة عشرات من شباب الإخوان المسلمين يلبسون الكوفيات الأردنية الحمراء، حيث أدوا حركات فهمت على أنها استعراض للقوة.

وبينما ذهب متابعون للمسيرة إلى أن هذا يمثل "استعراضا عسكريا" من جانب الإخوان، رفض الإخوان هذا النهج، واعتبروا أن الأمر مجرد رسالة لرفض "نهج البلطجة" الذي اتهموا النظام وجهاز المخابرات برعايته.

في تفسير المشهد الساخن الذي حفلت به مسيرة الإخوان اليوم، اعتبر القيادي في الحراك الشعبي الأردني اللواء المتقاعد من الجيش الأردني موسى الحديد أن "ملفات الملك امتلأت بالرسائل القادمة من الشارع دون جدوى".

وقال -للجزيرة نت- "هذه الجمهرة رسالة للملك وليست لأحد غير الملك، "لأنه صاحب القرار، وبإمكانه تحقيق الإصلاح، وملفاته التي تستقبل رسائلنا أصبحت مليئة".

‪شباب من الإخوان المسلمين أدوا حركات فهمت على أنها استعراض للقوة‬ (الجزيرة)
‪شباب من الإخوان المسلمين أدوا حركات فهمت على أنها استعراض للقوة‬ (الجزيرة)

وفسر ارتفاع سقف الشعارات الموجهة للملك بأنه أمر طبيعي في ظل إدارة الظهر للإصلاح، وتابع "الإصلاح قادم لا محالة، رضي من رضي وغضب من غضب".

وخلص للقول "نقول للملك أن يسمع قبل فوات الأوان، وتقرأ هذه الرسائل المتكررة التي تعبر عن رغبة الشعب الأردني في الإصلاح قبل أن يرتفع السقف أكثر".

إلى صاحب القرار
القيادي في الحراك الشبابي الإسلامي ثابت عساف اعتبر أن توجيه الرسائل للملك مباشرة وبهذا السقف سببه أن "الملك هو صاحب القرار الوحيد في الأردن، وهو المخول بتحقيق الإصلاح إن أراد، وكل ما سوى ذلك هو حكومات معينة، ومجالس نواب مزورة، لا تملك من إرادتها شيئا".

رسائل المسيرة توجهت للأخبار عن إرسال جنود أميركيين للأردن، حيث هتف المتظاهرون ضد الولايات المتحدة، ووصفوا وجود أي قوات أميركية على الأرض الأردنية بأنه يمثل "استعمارا جديدا".

وقال المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات -في كلمة خلال المسيرة- إن حضور أي قوات أميركية للأردن "استعمار مرفوض".

وحمل النظام السوري مسؤولية وصول الحالة في بلاده والمنطقة إلى هذا الحد، لكنه قال "نرفض الاستعمار الأميركي الجديد حتى مع الجراحات الكثيرة، ولا نقبل أجنبيا معتديا على الأرض الأردنية".

وزاد "نحن الذين نخرج في هذه المسيرات ومعنا ملايين الأردنيين على استعداد أن نقف خلف جيشنا العربي، وتحت تصرفه لحماية أرضنا وأهلنا، ولا نقبل بأي تدخل حتى لو آذانا النظام السوري".

وقرأ مراقبون في قمع قوات الأمن لمسيرة إربد الجمعة الماضية، ورفع الإخوان لسقف مسيرتهم بشكل لافت هذه الجمعة، وتزامن ذلك مع حالة الشد والجذب داخل مؤسسة صنع القرار في البلاد، ومواجهة الحكومة صعوبات في النجاة من اختبار الثقة في البرلمان، بأن ذلك كله يعبر عن حالة المراوحة السياسية في المملكة، وحالة التوتر المتصاعدة بين النظام الملكي وقوى المعارضة، لاسيما الحركة الإسلامية.

المصدر : الجزيرة