أنشطة متواصلة بالداخل الفلسطيني دعما للأسرى

عميد الأسرى ماهر يونس ثلاثة عقود بسجون الاحتلال
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

أطلقت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني مجموعة فعاليات عقب استشهاد الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب في سجون الاحتلال، وذلك مع مواصلة النشاطات بخيام الاعتصام المتنقلة والمسيرات ووقفات الاحتجاج قبالة المعتقلات والمهرجانات التي أخذت بعدا جماهيريا مع تصعيد الأسرى بسجون الاحتلال معركة الإضراب عن الطعام. 

وأوضح مدير مؤسسة يوسف الصديق لرعاية السجين بالداخل الفلسطيني فراس عمري أن الفعاليات الوحدوية التي أقرتها لجنة المتابعة ستتواصل بالأسبوع القادم من خلال تسيير قافلة سيارات "مسيرة الحرية" لتطوف البلدات العربية، وتنظيم اعتصام قبالة سجن الجلبوع ونصب خيام اعتصام متنقلة بكافة أنحاء الوطن وتفعيلها بغية إحداث نقلة نوعية بالوعي والذاكرة الفلسطينية لتكون الحركة الأسيرة جزءا لا يتجزأ من ثقافة ويوميات المواطن الفلسطيني.

وأكد عمري في حديثه للجزيرة نت أن الداخل الفلسطيني كان الشعلة والقلب النابض لقضية الأسرى رغم ما أسماه "الإهمال الممنهج والموقف السلبي" للسلطة الفلسطينية التي رضخت للإملاءات الإسرائيلية التي وظفت اتفاقية أوسلو المشؤومة لسلخ أسرى الداخل الفلسطيني عن شعبهم والقضية الفلسطينية برمتها على اعتبار أنهم شأن إسرائيلي فقط.

وبشأن الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أعلنه عميد الأسرى العرب والفلسطينيين ماهر يونس قال عمري، إن اضراب يونس يأتي حاملا بطياته رسالة سياسية للقيادة الفلسطينية يطالبها بالتحرر من الشروط والعراقيل التي تضعها إسرائيل، ويؤكد عبرها أن الحدود المصطنعة لن تعزل الفلسطيني عن قضيته وأن قضية الأسرى لن تجد لها حلا إلا عبر زوال الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

وكان يونس انضم إلى جنود معركة الأمعاء الخاوية بالإضراب المفتوح عن الطعام، وذلك احتجاجا على إهمال المجتمع الدولي لقضية الأسرى الفلسطينيين ومواصلة إسرائيل احتجاز قرابة خمسة آلاف فلسطيني بسجونها.

ويبلغ ماهر يونس من العمر 54 عاما، وهو من بلدة عارة بالداخل الفلسطيني، وكان قد اعتقل مع ابن عمه كريم يونس بالعام 1983 بتهمة قتل جندي إسرائيلي وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة.

رسالة سياسية
وسارعت  إدارة سجن الجلبوع المركزي إلى عزل الأسير ماهر يونس والزج به بالحبس الانفرادي في محاولة منها لكسر إرادته وثنيه عن إضرابه الذي يحمل أبعادا سياسية لا مطلبية كتحسين ظروف الاعتقال.

وكان يونس قد نجح بتسريب رسالة من وراء القضبان وجهها إلى قيادات الشعب الفلسطيني والفصائل الوطنية والإسلامية ومنظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس وأمين عام جامعة الدول العربية، إذ دعاهم للارتقاء بقضية الأسرى، مطالبا بتحرير جميع أسرى الحرية من غياهب سجون إسرائيل.

‪أمهات الأسرى يعشن وجعا لا ينتهي‬ (الجزيرة)
‪أمهات الأسرى يعشن وجعا لا ينتهي‬ (الجزيرة)

ويقول ماهر يونس -في رسالته التي وصلت نسخة منها للجزيرة نت- "أطل عليكم من هذه الزنزانة المعتمة بعد أن ابتلع الاحتلال من عمري أكثر من ثلاثين عاما لأستنير بكم ولأقرع بقبضة من غيم جدران ذاكرتي التي لم يدخلها منذ عام 1983 غير الظلم والمعاناة والقهر. أطل عليكم لأتأكد أنني لا زلت موجودا، فحياتي المليئة بالصمود والإرادة والتحدي باتت خاوية من كل معانيها الإنسانية والوجدانية إلا ما شط به عقلي من أمنيات افتراضية، فهل يعقل ألا ألمس أو أقبل كف أمي منذ ثلاثة عقود وهي على مقربة مني؟ أما والدي فقد ووري الثرى من دون أن أودعه، وعائلتي تكبر وتتسع ولا علاقة معرفية لي بها، والمرأة الحبيبة والصديقة والزوجة لم تتجاوز حدود الفكرة المجردة في ذهني".

صفقة مستقبلية
وبدت والدة عميد الأسرى الحاجة وداد يونس وهي في عقدها الثامن بمعنويات عالية، وذلك مع اتساع الفعاليات الجماهيرية مع الحركة الأسيرة ومواصلة الاحتجاجات بابتكار نشاطات تشعل مسيرة الأمل نحو التحرر والحرية، فأم الأسير مسلحة بالصبر والصمود تحمل رسالة ابنها الذي تتوق لاحتضانه وتقبيله منذ ثلاثة عقود، إذ حرمها السجان الإسرائيلي ذلك.

وتقول الحاجة وداد للجزيرة نت إنها حبست دموعها خلال زيارتها الأخيرة لماهر قبل أيام حين أخبرها بقراره خوض الإضراب المفتوح عن الطعام، فالقيادة الفلسطينية "أهملت" أسرى الداخل الفلسطيني وغالبيتهم من المعتقلين القدامى الذين تجاوزتهم صفقات التبادل، وقد ضحوا من أجل القضية الفلسطينية فكانوا جوهر الحركة الوطنية. وتؤكد الحاجة وداد أنه لولا ما وصفته بالتفاعل الجماهيري والسياسي لفلسطينيي 48 مع مجمل القضية الفلسطينية لما كان اليوم حلم اسمه دولة فلسطين.

وطالبت والدة عميد الأسرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم إهمال قضية الأسرى عامة وأسرى الداخل الفلسطيني خاصة، وأن يتم إدراجهم ضمن أي صفقة تبادل مستقبلية، وذلك في ظل ورود معلومات بأن إسرائيل ستفرج عن 120 أسيرا ضمن ما تسميه "حسن النوايا" لإطلاق المفاوضات.

المصدر : الجزيرة