واشنطن تدعو لتعاون عسكر مصر ومدنييها

دعت واشنطن حكومة الرئيس المصري محمد مرسي والمؤسسة العسكرية للعمل معا، بعد يوم من تعديلات واسعة قام بها مرسي وشملت تعيينات في أعلى هرم الجيش، وألغت إعلانا دستوريا مكملا، وهي خطوات لم تعلق عليها إسرائيل رسميا، لكن خبراء إسرائيليون أبدوا قلقهم منها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أمس إن من المهم أن تعمل القيادة العسكرية والمدنية معا لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية، مبديا أمل واشنطن في أن تخدم التعديلات مصالح الشعب المصري، وتجعل مصر تحتفظ بعلاقات جيدة مع جيرانها.

ولم يشر كارني نصّا إلى إسرائيل، لكن كان واضحا تلميحه إلى القلق الأميركي المتزايد من مصير العلاقات المصرية الإسرائيلية.

الخارجية الأميركية:
طريقة استعادة مصر السيطرة على سيناء لها تأثير على دول الجوار والمعاهدات والعلاقات القائمة
"

اتفاقية السلام
وقد قالت الخارجية الأميركية إن "قضية الأمن في سيناء" مصدر قلق شديد لواشنطن، مشيرة إلى أن الطريقة التي تستعيد بها مصر السيطرة على سيناء المتوترة "لها تأثير على الدول المجاورة والمعاهدات والعلاقات القائمة".

ويشن الأمن المصري حملة كبيرة في سيناء لملاحقة مسلحين قتلوا الأسبوع الماضي 16 شرطيا، في واحدة من أشد النكسات التي تعرض لها الجيش المصري منذ عقود.

ومن جهته قال المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جورج ليتل إن واشنطن كانت تتوقع التعديلات. لكن صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن التغييرات فاجأت واشنطن.

وكان مرسي أجرى -فيما وصفه متحدث باسمه بأنه "قرار سيادي"- تعديلات واسعة في الجيش، أحال بموجبها وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي، وقائد الأركان الفريق سامي عنان إلى التقاعد، ملغيا في الوقت نفسه إعلانا دستوريا مكملا كان الجيش وضعه، مما جعل السلطات التشريعية في يد الرئيس.

ورحبت واشنطن بتعيين وزير الدفاع الجديد الفريق عبد الفتاح السيسي، الذي استقبله أمس الرئيس مرسي، وبحث معه تكليفات المرحلة المقبلة من الناحية العسكرية، خصوصا في سيناء.

وقال ليتل إن السيسي شخصية معروفة للبنتاغون، معبّرا عن رغبة واشنطن في مساعدة مرسي والجيش في مواجهة الهجمات بسيناء.

رسالة طمأنة
وقد حاول الجيش أمس بعث رسالة طمأنة، مؤكدا أنه لم يُفاجأ بقرارات مرسي، موحيا بأنها قد نسقت معه.

مراقبون قالوا إن تعيين طنطاوي (يسار) وعنان (يمين) مستشاريْن لمرسي حماية لهما من الملاحقة
مراقبون قالوا إن تعيين طنطاوي (يسار) وعنان (يمين) مستشاريْن لمرسي حماية لهما من الملاحقة

وقال الجيش -على صفحة رسمية له على فيسبوك- إن ما قام به مرسي تسليمٌ للقيادة إلى جيل شاب، مذكّرا بأن المؤسسة العسكرية معروف عنها "انضباطها الشديد والتزامها بالشرعية".

وأكد مرسي -في خطاب ألقاه بعد ساعات من قراراته- أن خطواته لا تستهدف أحدا، وأشاد بالجيش، وإن ذكّر بأن دوره هو حماية الحدود، بينما أكد متحدث باسمه أن المعنيين بالتعديلات كانوا أعلموا بها قبل صدورها.

وقد نفى المتحدث باسم الرئاسة المصرية ما تردد بشأن تحديد إقامة طنطاوي وعنان، اللذين سبق الإعلان عن تعيينهما مستشاريْن لمرسي، وهي خطوة فهم منها مراقبون أنها حماية لهما من أي ملاحقات بسبب انتهاكات سابقة محتملة.

هامش المناورة
وقال مراقبون إن مرسي -على عمق التعديلات التي أطلقها- يعرف حدود هامش المناورة، ويفهم أن الجيش سيستمر في لعب دور رئيسي، ومن منطلق هذا الفهم كان تعيينه عسكريا في وزارة الدفاع، لا مدنيا.

وتحدث المحلل عبد الله السناوي عن مرحلة جديدة "يعود فيها الجيش إلى الثكنات وتكون كل السلطات بيد الرئيس"، لكنه أوضح مع ذلك أن الدور السياسي للجيش سيستمر عقدين على الأقل.

وجاءت التعديلات بعد هجوم دامٍ على مركز شرطة قرب الحدود مع إسرائيل قتل فيه 16 شرطيا واعتبر صفعة للجيش، لكنه وفر -حسب مراقبين- الأرضية لمرسي ليقوم بتعديلاته.

قلق إسرائيلي
وتابعت إسرائيل عن كثب التعديلات في أعلى هرم المؤسسة العسكرية.

سفير إسرائيل السابق بالقاهرة تسفي مازئيل:
مرسي الآن دكتاتور لا مثيل له..، هذا يبعث على القلق..، لأن الإخوان حركة متطرفة معادية لإسرائيل
"

وغابت ردود فعل إسرائيلية رسمية حتى الآن، لكن آراء الخبراء تباينت بين قائل إن قرارات مرسي استكمال لأهداف الثورة، ومتوجس من خطوات يراها مقدمة لتعزيز قبضته على مقاليد الحكم، وسيطرة الاخوان المسلمين على الجيش، وتطهيره.

ومثلا، قال سفير إسرائيل السابق في القاهرة تسفي مازئيل إن "مرسي الآن دكتاتور لا مثيل له..، هذا يبعث على القلق لدى إسرائيل، لأن الإخوان حركة متطرفة معادية لإسرائيل".

كما قال المحلل السياسي مئير كوهن إن "التبديلات في خضم الحملة العسكرية.. في سيناء أثارت هواجس إسرائيل من احتمال.. أن يجر ذلك مطالب بإجراء تعديلات في الملاحق العسكرية لاتفاقية السلام" مع مصر.

ولم يقتصر القلق على إسرائيل، فقد تحدث السياسي المصري محمد البرادعي عن "سلطات إمبراطور" باتت مركّزة في يد مرسي.

وقال "بعد أن جُرد الجيش من السلطة التشريعية، وفي غياب البرلمان، فإن الرئيس بيده صلاحيات إمبراطور"، وأضاف أن "الفوضى الانتقالية متواصلة".

المصدر : الجزيرة + وكالات