وثائق سرية لتعاون مخابرات القذافي وبريطانيا
أما من الجانب الليبي فكانت التقارير موجهة في الأساس إلى "الأخ/ مدير العلاقات الدولية والتعاون", في جهاز الأمن الخارجي والمقصود به صادق كريمة. وكانت موجّهة من قبل العقيد نجم الدين العجيلي, رئيس قسم المتابعة والتوثيق.
وقد تبادل الجانبان في أكثر مناسبة كما تظهر الوثائق الشكر والتقدير على روح الانسجام ومستوى التعاون بينهما والرغبة في الاستمرار في ذلك, كما تبادلا المعلومات والاقتراحات والنصح.
حذر قانوني
وتبرز الوثائق في أكثر من مناسبة مخاوف الجانب البريطاني القانونية، حيث كان يلفت انتباه نظرائه الليبيين إلى ضرورة الحذر ومراعاة جوانب قانونية تتعلق بحق الشخص المراد تجنيده في رفض ذلك.
وقد طلب جهاز المخابرات البريطاني من نظيره الليبي عدم اتخاذ أي خطوات انفرادية وأن تكون مقابلات الأهداف والأشخاص وفق خطط اتفق عليها في الاجتماعات وذلك خشية الوقوع في المطبات القانونية وخشية كشف العمليات المشتركة لدى المحامين والمنظمات الحقوقية والصحافة، حيث يمكن أن يبلغ الشخص المستهدف الشرطة أو وسائل الإعلام؛ مما يهدد بتفجير فضيحة تكشف تعاون لندن وطرابلس الأمني.
وتستهدف العمليات البريطانية الليبية المشتركة عناصر الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في بريطانيا خاصة، ويشير مسؤولو الاستخبارات الليبيون في مراسلاتهم السرية إلى أي عضو مستهدف في تلك الجماعة بـ"الزنديق" فلان. كما تشير الوثائق إلى استغلال الوضع القانوني والمادي للمستهدف على سبيل الترغيب أو الترهيب لحمله على التعاون.
مهام مشتركة
وتتحدث وثيقة ليبية مؤرخة في التاسع من سبتمبر/ أيلول 2006 موجهة إلى مدير إدارة العلاقات الدولية والتعاون في المخابرات الليبية من طرف العقيد نجم الدين العجيلي رئيس قسم المتابعة والتوثيق عن ملخص مهمة للتعاون الاستخباري في بريطانيا بين التاسع من أغسطس/ آب 2006 والسادس من سبتمبر/أيلول 2006.
وتروي الوثيقة تفاصيل استهداف شخص ليبي في بريطانيا لتجنيده بإغرائه بمساعدته إذا كان راغبا في العودة إلى البلاد لزيارة الأهل، وأن المعني عُرض عليه التعاون وتقديم معلومات، واغتنام فرصة الاتصال به لتحسين وضعه الأمني والموافقة على التعاون.
كما تبين الوثيقة كيف طلب البريطانيون من الليبيين أخذ المستهدف إلى مكان عام ومفتوح, كي يلتقط البريطانيون لهم صورا, تكون وسيلة مساومة وضغط عليه في حال رفضه التجنيد، ودليلا على أنه ضبط وهو يتعاون مع عناصر من المخابرات الليبية.
وتبين وثيقة محضر اجتماع عقد بين الجانبين في لندن في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2006 وضم عن الجانب البريطاني "أنتوني وكارولين وجوستن"، تتعلق بالمهمة المشتركة والجوانب القانونية لتجنيد شخص ليبي يقيم في مانشستر ولا يحمل الجنسية البريطانية.
ويرى الجانب الليبي في هذه الوثيقة ضرورة الاتصال بالشخص واللقاء معه وعرض مساعدته في حل مشاكله في ليبيا وبريطانيا مقابل التعاون وتزويد الجهازين بالمعلومات، ويقترح الجانب الليبي في حال رفض هذا الشخص للعرض أن يتم القبض عليه من قبل الأمن البريطاني ليوجه إليه الاتهام بالتعامل مع المخابرات الليبية وهنا –وفق الوثيقة- يبدأ الضغط عليه من أجل التعاون أو يقدم للمحاكمة ويرحل إلى ليبيا لأنه لا يحمل الجنسية البريطانية. كما اقترح عرض مساعدة مالية وراتب شهري على هذا الشخص.
وتظهر الوثائق عمليات مشتركة بين جهازي المخابرات الليبية والبريطاني لمتابعة أهداف وتجنيد عناصر حتى خارج بريطانيا، منها ليبي يحمل الجنسية البريطانية في النمسا، وليبي آخر يحمل الجنسية السويدية لمتابعة من تسميهم الوثيقة المتطرفين، وقد تم التفاهم على أن يقوم الجهاز البريطاني بالتنسيق مع جهاز الأمن والمخابرات السويدي في هذا الخصوص.
ومن بين المدن البريطانية التي شملت العمليات المشتركة لندن ومانشستر وليفربول، كما أن من العمليات المشتركة ما أطلقت عليه وثيقة مؤرخة في الرابع من يوليو/ تموز 2007 اسم عملية بوستيكيلا في ليفربول وفيها يصف الجانب الليبي شخصا اقترحه البريطانيون، بأنه مضطرب ومتقلب المزاج وليست لديه علاقات كافية للاستفادة منه في منطقة خطيرة كوزيرستان أو إيران وربما يكون محل شك من قبل "المتطرفين".
وإزاء هذا الكشف قالت الحكومة البريطانية إنها ستأخذ على محمل الجد المعلومات التي أوردتها وثائق سرية تفيد بتعاون استخباري بين النظام الليبي السابق وبريطانيا، استهدف مجموعة من الليبيين المقيمين في لندن إبان حكم القذافي. وقد أحدثت تلك الوثائق جدلاً واسعا في بريطانيا وأعلنت وزارة الداخلية أن البرلمان البريطاني سيفتح تحقيقا لكشف ملابسات تلك الوثائق.