جدل بالبرلمان المصري حول كتابة الدستور

برلمان مصر يبحث تشكيل لجنة الدستور
undefined

أنس زكي-القاهرة

حدد البرلمان المصري اليوم السبت، يوم 24 مارس/آذار الجاري موعدا لانتخاب الجمعية التأسيسية التي ستتولى وضع الدستور الجديد لمصر، بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

وبعد جلسة مشتركة لمجلسي الشعب والشورى عقدت برئاسة رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني، قرر البرلمان تشكيل لجنة تتولى تلقي الاقتراحات بشأن الدستور الجديد على مدى أسبوع، ثم تقوم خلال الأسبوع التالي بترتيب هذه المقترحات وعرضها على البرلمان الذي سيجتمع في 17 من الشهر الجاري لإقرار معايير اختيار لجنة الدستور، ثم يجتمع بعد أسبوع لاختيار أعضائها البالغ عددهم مائة شخصا.

وشهدت الجلسة التي استمرت عدة ساعات، مداخلات من عشرات النواب، وكشفت عن خلاف أساسي بين الأحزاب ذات التمثيل الأكبر في البرلمان وهي الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، والنور ممثل القوى السلفية، في مقابل بعض الأحزاب ذات التمثيل الأقل وبعض النواب المستقلين.
القوى الإسلامية رفضت مطالبات بتقليص حضور البرلمان في لجنة الدستور
القوى الإسلامية رفضت مطالبات بتقليص حضور البرلمان في لجنة الدستور

تباين
وتمثل جوهر الخلاف في هوية أعضاء اللجنة التي ستتولى كتابة الدستور، حيث اقترح الحرية والعدالة على لسان ممثل هيئته البرلمانية في مجلس الشعب، حسين إبراهيم، أن يكون 40% منهم من أعضاء البرلمان بمجلسيه و60% من خارجه، على أن تنقسم هذه النسبة الأخيرة مناصفة بين ممثلي النقابات والهيئات ومنظمات المجتمع المدني من جهة، والشخصيات العامة وفقهاء الدستور والقانون من جهة أخرى.

وأكد أن حزبه يسعى لدستور يحقق العدالة الاجتماعية، ويضمن نفس الحقوق والواجبات لجميع المصريين ويساوي بينهم أمام القانون، كما يؤكد الاستقلال الكامل للقضاء، ويضمن عدم تغول أى سلطة على أخرى، بما يحول دون إنتاج فرعون جديد.

أما حزب النور فقد اقترح زيادة نسبة نواب البرلمان المشاركين في لجنة كتابة الدستور بحيث تصل إلى 60% مقابل 40% من خارج البرلمان يتوزعون مناصفة بين ذوي الخبرة والكفاءة وممثلين للقوى المجتمعية.

في المقابل، طالب ممثلون لعدد من الأحزاب الصغيرة تخفيض نسبة الأعضاء من داخل البرلمان، حيث تحدث حزب المواطن مصري عن 30% فقط من النواب، في حين هبط حزب الاتحاد المصري العربي بالنسبة إلى 20% فقط.

أما النائب المستقل د.عمرو حمزاوي فأكد أهمية تمثيل فئات مثل المرأة والشباب والأقباط، في حين اعتبر النائب عن حزب العدل د. مصطفى النجار أن أي دستور تضعه وتهيمن عليه أحزاب الأغلبية البرلمانية ولا يعبر عن آمال الثورة المصرية هو دستور ساقط.

ودعا النائب المستقل عمرو الشوبكي الأحزاب الكبرى في البرلمان لإدراك أن الدستور ليس مشروعا حزبيا أو برنامجا سياسيا، مضيفا أن البرلمان يتضمن فعلا تمثيلا للمرأة والأقباط والشباب لكنه تمثيل بأقل من حقيقة هذه القوى ووزنها في المجتمع.

 غاب المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري -الذي يتولى السلطة بشكل مؤقت- عن الجلسة، وهو ما فسرته وسائل إعلام محلية بأنه ناتج عن أسباب أمنية ومرتبط بالتطورات التي جرت مؤخرا في قضية التمويل الأجنبي والسماح للمتهمين الأميركيين فيها بمغادرة مصر

المصالح
وذهب النائب محمد أبو حامد إلى المطالبة بأن تخلو لجنة كتابة الدستور تماما من أعضاء البرلمان مبررا ذلك بتجنب شبهة تعارض المصالح على حد قوله، كما طالب بضرورة تمثيل كل طوائف الشعب المصري وأصحاب الكفاءات في اللجنة، وأكد أن الدستور الجديد يجب أن ينشئ دولة مدنية تتضمن مبادئ الحرية والديمقراطية وترفض أي تمييز بين مواطنيها.

لكن عددا من النواب الإسلاميين ردوا بحدة على هذه التصريحات، وقال رئيس حزب الأصالة السلفي إن البرلمان المصري جاء بعد انتخابات حرة نزيهة ولذلك يجب احترامه وعدم الالتفاف على إرادة الشعب وبالتالي يجب أن يمثل نواب البرلمان 70% من أعضاء لجنة كتابة الدستور.

ولفت النائب عن الحرية والعدالة الدكتور محد البلتاجي إلى أن البرلمان هو المؤسسة الوحيدة في مصر حاليا التي جاءت بعد انتخابات حرة وبمشاركة الملايين من المصريين الذين كانوا يدركون عندما عبروا عن اختياراتهم أن المهمة الأساسية لهذا البرلمان هو وضع الدستور الجديد.

وكان رئيس مجلس الشعب استهل الجلسة بكلمة قال فيها إن مصر سترسم خارطة علاقاتها بدول العالم ومحيطها الإقليمي وفق مصالحها العليا ولن تخضع لأي ضغوط أو تقبل بابتزاز سياسي ينتقص من دورها ومكانتها.

وقال الكتاتني إن الدستور الجديد سيوضع عبر جمعية تأسيسية منتخبة من نواب الشعب، كما سيتم الاستفتاء عليه من جانب الشعب، وهو ما يعني أنه سيتشكل وفق إرادة الشعب المصري بما يحقق مبادئ الديمقراطية.

وعقد الاجتماع المشترك لمجلسي البرلمان المصري في غياب لم يكن متوقعا للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي يتولى السلطة بشكل مؤقت منذ تنحي مبارك، وهو ما فسرته وسائل إعلام محلية بأنه ناتج عن أسباب أمنية ومرتبط بالتطورات التي جرت مؤخرا في قضية التمويل الأجنبي والسماح للمتهمين الأميركيين فيها بمغادرة مصر.

المصدر : الجزيرة