الأزمة السورية أمام مجلس الأمن مجددا

The United Nations Security Council meets at U.N. headquarters in New York January 31, 2012
undefined

يواصل المجتمع الدولي نقاش الأزمة السورية، وتجري مشاورات في أروقة مجلس الأمن الدولي بشأن الإغاثة الإنسانية للمدن التي دكتها قوات الرئيس السوري بشار الأسد. كما يبحث مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان قرارا يدعو دمشق إلى وضع حد فوري لانتهاكات حقوق الإنسان والسماح بدخول وكالات الإغاثة. وفرضت أوروبا عقوبات جديدة على وزراء بالحكومة السورية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين قولهم إن الولايات المتحدة تصوغ مشروع قرار جديد يعرض أمام مجلس الأمن، لكنه يركز هذه المرة على توفير مداخل إنسانية آمنة لإغاثة المدن السورية المنكوبة التي شهدت مقتل الآلاف جراء الحملة الدموية التي يشنها الجيش النظامي ضد معارضي الأسد.

وقال دبلوماسي لم تكشف هويته إن مشروع القرار الجديد سيركز على الإغاثة الإنسانية، لكنه أيضا سيشير إلى أن "الحكومة (السورية) هي سبب الأزمة".

وقال دبلوماسي آخر في مجلس الأمن إن المشاورات بشأن مشروع القرار في مرحلة الاتصالات الأولية مؤكدا العمل على الخطوط العريضة لهذا المشروع. وأضاف أن القرار لم يرسل إلى جميع أعضاء المجلس حتى الآن "ولا ندري متى يحدث ذلك".

الصين أبلغت دمشق والمجتمع الدولي أنه ينبغي تهيئة الظروف للحوار بين الأسد والمعارضة (الأوروبية-أرشيف)
الصين أبلغت دمشق والمجتمع الدولي أنه ينبغي تهيئة الظروف للحوار بين الأسد والمعارضة (الأوروبية-أرشيف)

في السياق، قالت فرنسا أمس إن مجلس الأمن سيبدأ العمل على مسودة قرار بشأن العنف في سوريا وإيصال المساعدات الإنسانية إلى حمص والمناطق المتضررة الأخرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "نأمل ألا تعترض روسيا والصين على القرار المقترح".

 
استعداد صيني
من جهتها، بادرت الصين إلى الإعلان اليوم الأربعاء أنها تساند الجهود الدولية لإرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا. وقالت بكين على لسان وزير خارجيتها يانغ جيه تشي إنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يهيئ الظروف لوقف العنف وبدء الحوار وأن يقدم مساعدة إنسانية لسوريا.

وعبر الوزير الصيني عن ذلك في اتصالات هاتفية مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وعدد من نظرائه في العالم العربي. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة الحكومية الأربعاء إن يانغ ذكر بموقف بلده الذي يطالب الحكومة السورية والمعارضين على حد سواء "بوقف أعمال العنف فورا" من أجل "بدء حوار سياسي مفتوح".

في هذه الأثناء، تصاعدت الضغوط على حكومة الأسد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث يتوقع أن تدين معظم الدول الأعضاء "الجرائم ضد الإنسانية" المحتملة من قبل النظام السوري في مشروع قرار جديد من المقرر التصويت عليه غدا الخميس.

ووفقا لمسودة نوقشت الثلاثاء، سيركز مشروع القرار على ضرورة "محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات التي قد تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية"، في إشارة إلى إجراء محتمل في المستقبل من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

ونتيجة لمشكلات في تحديد موعد التصويت، لم تتم عملية التصويت على مشروع  القرار في مناقشة طارئة جرت أمس بشأن الحملة الدموية في سوريا. كما يطالب مشروع القرار الرئيس السوري بشار الأسد بوقف هجماته ضد المدنيين والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل.

 
مجلس حقوق الإنسان يناقش قرارا بشأن سوريا (الجزيرة)
مجلس حقوق الإنسان يناقش قرارا بشأن سوريا (الجزيرة)

مؤامرة دولية

وكان فيصل حموي ممثل سوريا قد انسحب أمس من جلسة مجلس حقوق الإنسان قائلا إنه إذا كان الغرض من الجلسة هو تقديم المساعدات الإنسانية فإن مجلس حقوق الإنسان ليس هو المكان المناسب، كما كرر ما تردده حكومة بلاده من أن دمشق تتعرض لمؤامرة دولية تستهدف استقرار البلاد.

وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن نقاشا في مجلس حقوق الإنسان في جنيف لن يسهم في التوصل إلى حل سلمي للأزمة. أما ممثل المجموعة العربية فطالب سوريا برفع الحصار عن الأحياء السكنية وبإدخال المساعدات للمدنيين.

من جانبها، طالبت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي بوقف إنساني فوري لإطلاق النار في سوريا لوضع حد للمعارك والقصف، ودعت المجتمع الدولي إلى توجيه رسالة قوية للنظام السوري بهذا الشأن، كما دعت السلطات السورية للسماح بنشر مراقبين مستقلين والإفراج عن كل المعتقلين.

وكانت ثلاثة قرارات سابقة للمجلس المكون من 47 دولة قد قوبلت بمعارضة من روسيا والصين والإكوادور وكوبا.

عقوبات أوروبية
وكان الاتحاد الأوروبي قد كشف في جريدته الرسمية عن قائمة وزراء بالحكومة السورية فَرَض عليهم عقوبات واتهمهم بتقديم دعم مادي للعنف.

وشملت العقوبات قطاعات وزارية معنية بإمداد قوات النظام السوري بالدعم اللوجستي والمالي كالنفط والمالية، كما شملت الوزارات التي حرمت المواطنين من أبسط الحقوق الإنسانية أو استغلت مرافقها لقمعهم كالصحة والنقل والتربية.

بورصة تصريحات
وفي أحدث المواقف الأميركية مزدوجة التأويل، سربت وزارة الدفاع الأميركية أنها قد أعدت خططا تفصيلية للقيام بعمل عسكري ضد النظام السوري إذا أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بذلك.

كانت شبكة "سي إن إن" قد أشارت إلى أن البنتاغون يبحث الإجراء الذي سوف يتعين عليه أن يقوم به لحماية مواقع الأسلحة الكيماوية السورية إذا ما تركت من دون حراسة. ويتضمن أحد السيناريوهات احتمال استخدام عشرات الآلاف من القوات لحراسة هذه المواقع

ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية الثلاثاء عن مسؤول عسكري رفض كشف اسمه أن الخطط تشمل العمليات التي يمكن القيام بها وتقديرات أعداد القوات وأنواع الوحدات والمعدات العسكرية والأسلحة التي قد تستخدم في مثل هذا العمل العسكري.

وقال المسؤول إن استخدام القوات الأميركية سيكون أمرا صعبا في أي سيناريو طالما ظلت أعمال العنف مستمرة، ولكن عبارة "مجموعة كاملة من الخيارات" تعني أنه يتم التفكير في كل السيناريوهات.

وصرح العديد من المسؤولين بأن إدارة أوباما تبحث ما إذا كان هناك أي شيء يمكن أو يتعين أن يقوم به الجيش الأميركي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

وكانت شبكة "سي إن إن" قد أشارت إلى أن البنتاغون يبحث الإجراء الذي سوف يتعين عليه أن يقوم به لحماية مواقع الأسلحة الكيماوية السورية إذا ما تركت من دون حراسة. ويتضمن أحد السيناريوهات احتمال استخدام عشرات الآلاف من القوات لحراسة هذه المواقع.

وجاءت هذه التسريبات العسكرية بعد وقت قليل من تصريح لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قالت فيه إنه يمكن القول إن الرئيس السوري "مجرم حرب".

وردا على سؤال لأحد الأعضاء بشأن إمكان وصف الأسد بأنه مجرم حرب، قالت كلينتون في جلسة للجنة بمجلس الشيوخ "سيتم تقديم مبررات تدلل على أنه ينتسب لهذه الفئة"، لكنها قالت إن استخدام مثل تلك التوصيفات "يحد من الخيارات المتاحة لإقناع زعماء بالتنحي عن السلطة".

العدو التاريخي
لكن أحدث التصريحات الأميركية ما قاله الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، حيث شدد على أن خوف واشنطن من تسلل القاعدة إلى سوريا يقلل من فرص تسليح المعارضة السورية. ورغم إقراره بنقص المعلومات الاستخبارية عن نشاط  القاعدة في سوريا شدد على أن ممارسة الضغط على الأسد ليتنحى هو "خيار أفضل من إرسال الأسلحة" إلى الثوار السوريين.

ويرى محللون ومراقبون أن الولايات المتحدة تنظر إلى دمشق من النافذة الإسرائيلية، حيث ترى إسرائيل أن التعايش مع "عدو تاريخي" مثل نظام الأسد لم يطلق الرصاص عليها طيلة ثلاثة عقود هو أكثر أمنا من أن تؤول السلطة إلى سياسيين أو ثوار لا يمكن التوصل معهم إلى اتفاق تهدئة، علاوة على أن حكم سوريا قد يؤول إلى إسلاميين متطرفين، وهو ما يخشاه الغرب عموما خاصة بعد النجاحات التي حققها الإسلاميون في بلدان الربيع العربي.

المصدر : وكالات