تونس تبحث عن خارطة طريق سياسية

منصف المرزوقي
undefined

أجرى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي سلسلة لقاءات مع عدد من قيادات الأحزاب السياسية، في سياق التشاور للبحث عن توافقات حول خارطة طريق لما تبقى من المرحلة الانتقالية.

وشملت اللقاءات التي أجراها المرزوقي كلا من رئيس حزب المسار أحمد إبراهيم، ورئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي، والأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي، والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، إضافة إلى محمد عبو الأمين العام لحزب المؤتمر، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم.

وقد كان لافتا غياب راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم عن هذه اللقاءات. 

وأكد عدد من هذه القيادات أن لقاءاتهم بالرئيس التونسي تأتي في سياق التشاور للبحث عن توافقات حول خارطة طريق لما تبقى من المرحلة الانتقالية. وينتظر أن يعلن الائتلاف الحاكم مقترحا لخارطة المرحلة الانتقالية يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

الدستور المقبل
من جهة ثانية أعلن رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر أن الدستور التونسي المقبل لن يتضمن تجريما للتعدي على المقدسات، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني الموافقة على التعدي على المقدسات، بل لصعوبة تحديدها.

وقال بن جعفر إن النواب سيناقشون الصيغة الأولى من الدستور الجديد في الأيام المقبلة، ويرى أن نقطة الخلاف تكمن في مسألة طبيعة النظام المقبل، فالإسلاميون يريدونه برلمانيا، بينما تطالب بقية الأحزاب بنظام يمنح رئيس الدولة صلاحيات مهمة.  

الجيش التونسي أعلن التزامه بالحيادتجاه كل الأحزاب السياسية (الجزيرة نت-أرشيف)
الجيش التونسي أعلن التزامه بالحيادتجاه كل الأحزاب السياسية (الجزيرة نت-أرشيف)

حياد الجيش
على صعيد آخر أعلنت وزارة الدفاع التونسية أن المؤسسة العسكرية "ستبقى ملتزمة بالحياد التام" تجاه كل الأحزاب السياسية.

وقالت وزارة الدفاع الوطني في بيان "إنها تؤكد للمرة الألف أن المؤسسة العسكرية التونسية باقية وستبقى ملتزمة بالحياد التام، وتقف على نفس المسافة من كل الأحزاب ومكونات الطيف السياسي بالبلاد، وبعيدة كل البعد عن التجاذبات والمزايدات السياسية".

وذكرت الوزارة أنها "تترفع عن حملات اللغط واللغو والتشكيك، وأن ذلك لن ينال من سمعتها ومعنويات أفرادها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها تونس".

وجددت دعوتها لكافة العسكريين على مختلف أصنافهم إلى الالتزام التام بقوانين الدولة وتراتيب الجيش الوطني، والعمل في كنف الانضباط ونكران الذات والتفاني في القيام بمهامهم خدمة للمصلحة العليا للوطن.

كما أكدت وزارة الداخلية التونسية -التي يتولاها القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية علي العريض- في بيان نشر أمس على صفحتها على فيسبوك، التزامها الحياد عن الأحزاب السياسية في البلاد.

اتهامات للنهضة
جاء ذلك بينما يتهم معارضون حركة النهضة بالسعي إلى "السيطرة" على الجيش تمهيدا لإقامة دولة "إسلامية" في تونس، وذلك غداة تسريب شريط فيديو نادر للقاء جمع سلفيين برئيس الحركة راشد الغنوشي الذي قال إن الجيش والشرطة في تونس "غير مضمونين".

وقال الغنوشي في الشريط "صحيح أن الفئات العلمانية في هذه البلاد لم تحصل على الأغلبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 وفازت فيها حركة النهضة، لكن الإعلام والاقتصاد والإدارة التونسية بيدهم.. بيدهم الجيش، الجيش ليس مضمونا، والشرطة ليست مضمونة.. أركان الدولة ما زالت بيدهم".

وقد دعا الغنوشي السلفيين إلى أن "يملؤوا" البلاد بالجمعيات الدينية والمدارس القرآنية، وأن ينشئوا الإذاعات والتلفزيونات لأن "الناس في تونس لا تزال جاهلة بالإسلام".

وقد قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء الخميس إنه قصد من وراء تصريحاته تنبيه السلفيين من مغبة "الاستهانة بقوى الدولة التي لها جيشها وشرطتها".

كما شدد على أنه لا يعادي "العلمانية"، وأن العلمانية التي انتقدها في شريط الفيديو هي العلمانية "المتشددة والمتطرفة". وذكر بأن حركته شكلت تحالفا حاكما مع "العلمانية المعتدلة"، في إشارة إلى حزبي "التكتل" و"المؤتمر" اليساريين الوسطيين.

وكان الغنوشي قد أكد صحة التسجيل المصور الذي ظهر فيه على شبكة الإنترنت وهو يتحدث إلى مجموعة من السلفيين، لكنه قال إن التسجيل تعرض للاجتزاء وسوء التأويل.

واتهم الغنوشي في حديث للجزيرة من سماهم "دعاة الفتنة" بمحاولة "تأجيج الوضع والتشويش على مبادرات الوفاق الوطني التي أطلقتها الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل"، مؤكدا أن هذا الاجتماع جرى في أبريل/نيسان الماضي، وأنه حذر السلفيين خلاله من الاستهانة بالجيش والشرطة وتجاوز القانون، محذرا إياهم من ردة فعل الجهات الرسمية المختصة.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، يقول مراقبون إن الجيش هو المؤسسة الوحيدة في تونس التي لم تخترقها حركة النهضة حتى الآن.

الغنوشي اتهم من سماهم دعاة الفتنةبتأجيج الوضع في البلاد (الجزيرة-أرشيف)
الغنوشي اتهم من سماهم دعاة الفتنةبتأجيج الوضع في البلاد (الجزيرة-أرشيف)

مطالبة بالحل
من جهة ثانية، طالب 75 من نواب المعارضة في البرلمان بحل حركة النهضة بسبب ما أسموه "تآمرها على مدنية الدولة" في تونس، بينما أقام محام تونسي دعوى قضائية ضد الغنوشي بتهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي".

ووقع 75 من جملة 217 من نواب المجلس التأسيسي على عريضة دعوا فيها إلى "حل" حركة النهضة "قانونيا" بسبب "تآمرها على مدنية الدولة"، وذلك غداة تسريب شريط الفيديو للقاء الذي جمع بين سلفيين وراشد الغنوشي، حيث قال معارضون إنه "فضح" المشروع "السلفي" لحركة النهضة.

كما طالب نواب من المعارضة رئيس المجلس التأسيسي بعقد جلسة عامة استثنائية السبت القادم لبحث "الكلام الخطير" الذي ورد على لسان الغنوشي في شريط الفيديو المسرب.

كما أعلن المحامي التونسي حاتم فرحات أنه أقام دعوى قضائية بالمحكمة الابتدائية بولاية المهدية (وسط شرق البلاد) ضد الغنوشي بتهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي". وقال في نص الدعوى القضائية إن كلام الغنوشي في شريط الفيديو "يهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد، ومدنية الدولة، والسلم والأمن الاجتماعيين".

يشار إلى أن قياديين بحركة النهضة يتولون مسؤولية ثلاث وزارات سيادية هي الداخلية والعدل والخارجية، إضافة إلى رئاسة الحكومة التي يتولاها الأمين العام لحركة النضهة حمادي الجبالي، بينما يتولى عبد الكريم الزبيدي (مستقل) وزارة الدفاع.

المصدر : الجزيرة + وكالات